كييف (أوكرانيا): قصفت روسيا مصنعاً للصواريخ الأوكرانية بعد خسارتها سفينة القيادة لأسطولها في البحر الأسود "موسكفا" بينما أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن الحرب ستكون أقصر بكثير إذا حصل على الأسلحة المطلوبة.
وأكدت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن السفينة القاذفة للصواريخ "موسكفا" التي يبلغ طولها 186 متراً أصيبت بصاروخين أوكرانيين.
وقال مسؤول عسكري أوكراني إنه خلافاً لما أعلنته موسكو، لم يتم إنقاذ طاقمها الذي يتألف من حوالى 500 رجل، حسب البيانات المتوافرة.
وكانت روسيا التي قالت إن هذه البارجة أصيبت "بأضرار جسيمة" بسبب حريق وغرقت أثناء قطرها، أكدت أنه تم إجلاء الطاقم.
وقالت الناطقة باسم القيادة العسكرية لجنوب أوكرانيا ناتاليا غومنيوك "ندرك تمامًا أنهم لن يغفروا لنا أبداً" تدمير "موسكفا" وهذه الضربة لـ"الطموحات الإمبريالية لموسكو".
وأضافت "ندرك أن الهجمات ضدنا ستكثف وأن العدو سينتقم وستكون هناك هجمات صاروخية وقصف مدفعي"، مشيرة إلى ضربات في الجنوب استهدفت خصوصاً مدينة ميكولاييف القريبة من أوديسا.
وأوضح الناطق باسم الإدارة العسكرية الإقليمية لأوديسا سيرغي براتشوك أن خسارة السفينة مهمة لأنها "كانت تؤمن غطاء جوياً للسفن الأخرى أثناء عملياتها، لا سيما في قصف الساحل ومناورات الإنزال".
هجوم نووي
قال زيلينسكي الجمعة إن "العالم بأسره" يجب أن يكون "قلقاً" من خطر استخدام نظيره الروسي فلاديمير بوتين الذي يواجه انتكاسات عسكرية في أوكرانيا، سلاحاً نووياً تكتيكياً.
وكرر الرئيس الأوكراني بذلك تصريحات لرئيس وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه) وليام بيرنز الذي صرح قبل يوم أنه يجب "عدم الاستخفاف" بتهديد من هذا النوع.
حطام دبابة روسية في زاليسيا بالقرب من العاصمة الأوكرانية كييف في 12 أبريل 2022
وفي هذا الإطار، أعلنت برلين الجمعة أنها مستعدة للإفراج عن أكثر من مليار يورو من المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
وتسعى الحكومة الألمانية بذلك إلى الرد على الانتقادات المتزايدة من السلطات الأوكرانية ومن بعض شركائها في الاتحاد الأوروبي أيضاً، نظراً إلى تقصيرها الواضح في دعم كييف بالأسلحة وحتى تهاونها حيال موسكو.
وفي رسالة بالفيديو، قال زيلينسكي للغربيين "يمكنكم جعل الحرب أقصر بكثير". وأضاف "بقدر ما تسرعون في تقديم الأسلحة التي طلبناها وبكميات كبيرة، يكون موقفنا أقوى ويأتي السلام بشكل أسرع".
وفي اتصال هاتفي مع رئيس أركان الجيوش الأميركية مارك مايلي، شدد رئيس الأركان الأوكراني فاليري زالوجني أيضاً على حاجة كييف الملحة إلى أسلحة وذخائر لتتمكن من تعزيز قدراتها الدفاعية.
ذكرت وسائل إعلام أميركية الجمعة أن روسيا قدّمت شكوى رسمية إلى الولايات المتحدة خلال الأسبوع الجاري تحذر الحكومة الأميركية من "عواقب غير متوقعة" بعد الزيادة الكبيرة في مساعدتها العسكرية لأوكرانيا.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" إن موسكو تحذر في هذه المذكرة الدبلوماسية، الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي من إرسال أسلحة "أكثر حساسية" إلى أوكرانيا، معتبرة أن هذه المعدات العسكرية "تصب الزيت على النار" ويمكن أن تؤدي إلى "عواقب غير متوقعة".
ميدانياً، حددت موسكو معالم الوضع صباح الجمعة. فقد حذرت وزارة الدفاع الروسية من أن "عدد وحجم الضربات الصاروخية على مواقع لكييف سيزداد رداً على كل الهجمات الإرهابية وعمليات التخريب التي يقوم بها النظام القومي في كييف على الأراضي الروسية".
وذكر صحافيون من وكالة فرانس برس الجمعة أن مصنع أسلحة في منطقة كييف تعرض لضربة روسية. وينتج مصنع فيزار صواريخ نبتون المضادة للسفن التي يقول الأوكرانيون إنهم استخدموها لضرب "موسكفا".
وقال مسؤول في مركز الدفاع الوطني الروسي ميخائيل ميزينتسيف في بيان إن سلطات كييف تستعد "لاستفزاز وحشي جديد" لاتهام القوات المسلحة الروسية بارتكاب جرائم حرب.
وأضاف أن القوات الأوكرانية تستعد لضرب المدنيين المتجمعين في محطة لوزوفا هرباً من القتال في منطقة خاركيف (شرق)، بصاروخ "توشكا-يو".
وحملت موسكو مرارا كييف مسؤولية الضربات التي أدت إلى مقتل مدنيين أوكرانيين مثل التي حدثت في كراماتورسك أو ماريوبول.
"هجمات إرهابية"
قالت روسيا الخميس إن أوكرانيا قصفت قرى روسية حدودية مستخدمة المروحيات خصوصا. ونفت كييف ذلك واتهمت في المقابل الاستخبارات الروسية بشن "هجمات إرهابية" على الجانب الآخر من الحدود.
وقالت السلطات المحلية إن عشرة أشخاص بينهم رضيع يبلغ سبعة أشهر قتلوا وجرح 35 آخرون في إطلاق نار روسي على حافلات لإجلاء سكان من منطقة خاركيف (شمال شرق البلاد).
في بلدة بوتشا القريبة من كييف التي أصبحت رمزاً للفظائع التي تنسب إلى القوات الروسية سقط 95 في المئة من القتلى الذين عُثر على جثثهم بالرصاص، على حد قول قائد الشرطة في منطقة العاصمة أندريه نيبيتوف الجمعة.
وأكد رئيس بلدية بوتشا أناتولي فيدوروك أنه عثر على جثث أكثر من 400 شخص هناك منذ انسحاب القوات الروسية.
من جهتها، ذكرت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني إيرينا فيريشتشوك أنه تم إجلاء حوالى 2900 مدني الجمعة من ماريوبول وبيرديانسك إلى زابوريجيا.
قالت الرئاسة الأوكرانية إن ثلاثة أشخاص قتلوا وأصيب سبعة بجروح في دونيتسك أكبر منطقة في دونباس حيث "يدور القتال على طول خط الجبهة".
وشهدت لوغانسك المنطقة الأخرى من هذا الحوض الغني بالمناجم 24 عملية قصف أسفرت عن مقتل شخصين وجرح اثنين آخرين، بحسب المصدر نفسه.
وكتب رئيس بلدية الكسندريا التي تبعد نحو 300 كلم جنوب شرق كييف، على فيسبوك ليل الجمعة السبت أن صاروخا روسيا أصاب مطار مدينته.
وقال إن فرق الإنقاذ تعمل لكنه لم يشر إلى وقوع ضحايا على الفور.
تشديد الحصار
وتواجه روسيا التي لم يبدأ هجومها المكثف في دونباس بعد، صعوبة في السيطرة التامة على ماريوبول المدينة الساحلية الاستراتيجية الواقعة في جنوب شرق البلاد وسجلت فيها أكبر خسائر بشرية في الحرب حتى الآن.
وتحدثت السلطات الأوكرانية عن مقتل حوالى عشرين ألف شخص في هذه المدينة المنكوبة التي تمكنت وكالة فرانس برس من زيارتها في إطار رحلة نظمها الجيش الروسي للصحافيين خلال الأسبوع الجاري. وقد تعرضت للقصف مراراً ما أدى إلى تدمير البنية التحتية ومنازل نصف مليون شخص كانوا يعيشون فيها عند بدء الغزو الروسي في 24 شباط/فبراير.
اليوم وبعد أكثر من أربعين يومًا بات القتال محدوداً في المنطقة الصناعية الشاسعة قرب شاطئ البحر حيث شددت القوات الروسية ومتمردو دونيتسك حصارهم تدريجاً.
وفر أكثر من خمسة ملايين شخص من أوكرانيا منذ 24 شباط/فبراير، وفقا المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وقال البابا فرنسيس إن "الحرب في كل مكان"، بعدما دعا من دون جدوى إلى هدنة في أوكرانيا لمناسبة عيد الفصح.