إيلاف من لندن: أُعلن في بغداد عن موعد إجراء أول تعداد شامل للسكان في البلاد منذ ثلاثة عقود وبدء تجارب في محافظات للوقوف على الإستعدادات الفنية والإلكترونية لإجرائه فيما طلبت وزارة التخطيط مبلغ 18 مليون دولار لتنفيذه.
وقد شرعت وزارة التخطيط فعلًا بإجراء تجارب التعداد السكاني العام استعداداً لإجرائه في موعد أقصاه تشرين الثاني/ نوفمبر من العام المقبل 2022 مطالبة بتخصيصات ماليَّة تصل إلى 120 مليار دينار عراقي (حوالى 80 مليون دولار) في موازنة العام المقبل.
وأشار الناطق الرسمي باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي في تصريحات للموقع الإلكتروني لصحيفة "الصباح" الرسمية وتابعتها "إيلاف" إلى أنّ الوزارة قد شرعت فعلًا مع الجهاز المركزي للإحصاء مؤخّرًا بإجراء مجموعة من التجارب في عدد من المحافظات من بينها البصرة والأنبار وكربلاء وأربيل وهناك تجربة تجري حاليًّا في محافظة دهوك في إقليم كردستان .
هدف التجارب على التعداد
بيَّن الناطق أنَّ "الهدف من التجارب على التعداد السكاني هو الوقوف على استعدادات وزارة التخطيط الفنية والإلكترونية وبالتالي تحديد التحديات التي ستواجه الوزارة في تنفيذ التعداد العام للسكان .
وأضاف أنَّ "الوزارة تعمل على تنفيذ التعداد في العام المقبل 2022 بعد قرار مجلس الوزراء الأخير تضمين موازنة 2022 التخصيصات المالية المطلوبة لإجرائه.. موضحًا أنّه بسبب عدم إدراج تخصيصات للتعداد السكاني في موازنة 2021 لم تتمكّن الوزارة من إجراء التعداد .
وقال " إنّ التعداد يتضمّن الكثير من العمليات والإجراءات بدءاً من تهيئة الأجهزة اللوحية بكمية 150 ألف جهاز وعملية تدريب العدادين و150 ألف عدّاد وباحث ميداني وعمليّات حصر وترقيم الدور والمنشآت وبناء مركز لمعالجة البيانات وخطوط إنترنت وتأمين إرسال إلى المركز الوطني لمعالجة بيانات تنفيذ التعداد.
وأضاف أنّ "التعداد سيكون لأغراض تنموية بحتة لأنّه سيوفّر قاعدة بيانات شاملة وكاملة عن واقع الحياة التي تساعد على رسم الخطط والسياسات الإقتصادية السليمة المستندة إلى مؤشّرات إحصائية دقيقة".. مبيّنًا أنّ "التجربة المقبلة ستكون في محافظة الديوانية الجنوبية قبل نهاية العام الحالي تليها تجارب أخرى في المحافظات المتبقية".
خلافات سياسية أفشلت تعداد السكان
وكانت خلافات سياسيّة قد أفشلت عدّة محاولات سابقًا الإتفاق على تحديد موعد إجراء التعداد السكاني في عموم البلاد بعد سقوط النظام السابق عام 2003 .
وسيكون الإحصاء السكاني الشامل الجديد في العراق في حال إجرائه هو الأول منذ ثلاثة عقود حيث كان آخر تعداد شامل قد أُجري عام 1987 بينما أُجري تعداد عام 1997 في 15 محافظة فقط حيث كانت محافظات إقليم كردستان الثلاث أربيل والسليمانية ودهواك خارج سيطرة الحكومة .
وقد جرت عدة محاولات بعدها لإحصاء السكان العراقيين لكنّها كانت تتأجّل في كل مرّة بسبب الخلافات القومية حوله وخاصة في محافظة كركوك (255 كم شمال بغداد) الغنية بالنفط المختلَف على إدارتها بين حكومَتَي بغداد المركزية وإقليم كردستان الشمالي الذي يطالب بضمها إلى الإقليم وسط اعتراض سكّانها من العرب والتركمان .
وتؤكّد السلطات العراقية إنّ التعداد السكاني المقبل لن يتضمّن سؤالًا عن المذهب أو الطائفة كما تطالب بعض الأحزاب السياسية في البلاد. وتشير إلى أنّه سيوفّر البيانات والإحصاءات الخاصة بالتنمية الإقتصادية والإجتماعية لتوفير أفضل الخدمات إلى المواطنين.
عمليات تعداد سابقة
وكان أوّل تعداد لسكان العراق قد جرى عام 1934 حيث بلغ عدد المواطنين آنذاك ثلاثة ملايين نسمة ليبلغ سبعة ملايين في إحصاء 1957 الذي اعتبر فيما بعد أساسًا في تحديد طبيعة التركيبة السكانية للعراق. وبينما أُجّل الإحصاء المقرّر عام 1987 بسبب ظروف الحرب مع إيران فإنّ آخر تعداد أُجري عام 1997 بدون محافظات إقليم كردستان الثلاث قد أظهر أنّ عدد سكان العراق تجاوز 25 مليونًا.
وطبقًا للدورة الإحصائية العراقية كان من المفترض إجراء التعداد عام 2007 إلّا أنّه أُرجئ بسبب الظروف الأمنية إلى عام 2009 ثم إلى 24 تشرين الأول/أكتوبر عام 2010 ثم إلى الخامس من كانون الأول/ديسمبر عام 2019 وتم هذا التأجيل الثالث بسبب مخاوف من تسييسه حيث عارضت قوميات عراقية إجراءه في المناطق المتنازع عليها مثل مدينة كركوك التي يسكنها العرب والأكراد والتركمان (حوالى مليون نسمة) وتضم حقولًا نفطية كبرى إضافة إلى مناطق متنازع عليها بين العرب والأكراد في مدينة الموصل عاصمة محافظة نينوى (375 كم شمال بغداد) والتي تضم سكانًا من ديانات ومذاهب متنوعة كالمسلمين والمسيحيين والأيزيديين والشبك تحسّبًا من أنّ هذا التعداد قد يكشف عن تركيبة سكانية من شأنها أن تقضي على طموحات سياسية لقوى تمثّل تلك القوميات.
عدد سكان العراق عام 2021
وكانت وزارة التخطيط العراقية قد أعلنت مؤخّرًا أنّ عدد سكان العراق سيبلغ بنهاية العام الحالي (2021) 41 مليون و190 ألف و658 نسمة موزّعون بواقع 50.50% للرجال و49.5% للنساء .
وأوضحت أنّه في ما يتعلّق بالفئات العمرية للسكان فإنّ فئة الناشطين إقتصاديًّا تشمل السكان في سن العمل من (15-64) سنة وهي النسبة العليا بين الفئات العمرية إذ بلغت 56.5% من مجموع السكان تلتها فئة صغار السن حتى 14 عامًا، والتي شكّلت 40.4% من مجموع سكان العراق فيما بلغت نسبة السكان كبار السن (65 سنة) فما فوق الأقل بين الفئات العمرية، إذ سجّلت ما نسبته 3.1% فقط .
ويشكّل سكان العراق ما نسبته 0.52 % من مجموع سكان العالم ويحتلّ المرتبة 36 في قائمة الدول من حيث عدد السكان وتبلغ الكثافة السكانية في العراق 91 شخصاً لكل كيلومتر مربع بينما يبلغ إجمالي مساحة الأرض 434،320 كيلومتر مربع حيث يعيش حوالى 68.7 % من السكان في المناطق الحضرية.