: آخر تحديث
دراسة ألمانية جديدة

الضجيج لا يقل خطورة على القلب من التدخين

328
295
284

إيلاف من برلين: عرض البروفيسور توماس مونتزل، المتخصص بأمراض القلب من جامعة مايتنز الطبية، نتائج دراسة أجراها على 300 فأر وتثبت مضار الضجيج على صحة البشر. 

وقال مونتزل، في مؤتمر صحافي عقده في مدينة ماينتز الألمانية، إن الدراسة تثبت أن الضجيج لا يقل خطراً على قلب الإنسان من عوامل الخطورة الأخرى مثل التدخين وارتفاع ضغط الدم وداء السكري. وثبت من الدراسة أن تعريض الفئران السليمة إلى ضجيج مستمر أصابها بارتفاع ضغط الدم وتكلس الشرايين والتشوهات الجينية.

واعتبر مونتزل الدراسة "خرقاً علمياً" في مجال الصحة البيئية ومضار الضجيج، لأنها تثبت أضرار الضجيج على الكائنات الحية للمرة الأولى عن طريق الفحوصات المختبرية والسريرية، وليس عن طريق الاحصائيات فقط. 

وأضاف انه ركز على مضار ضجيج الطيران، وثبت مختبرياً أن التعرض للضجيج يثير "توتر أكسدة" (oxidative Stress) يضر بجدران الأوعية الدموية ويحدث تشوهات جينية في خلايا بطانة الأوعية. ومعروف أن"الأكسدة" من العوامل التي تمهد لحصول أمراض القلب والنمو السرطاني. ولم يسبق للدراسات السابقة حول الضجيج أن ربطت بين الضجيج وتوتر الأكسدة.

وينهمك مونتزل منذ عقدين بالدراسات حول تأثير الضجيج على الصحة العامة وعلى البيئة. وسبق للبروفيسور أن اعترض على فتح خط الإقلاع الجديد (باتجاه الشمال الغربي) في مطار فرانكفورت الدولي الذي يمر فوق الأجواء المحيطة بجامعة ماينتز الطبية. 

وسجل البروفيسور، بحكم اقلاع وهبوط الطائرات كل دقيقة تقريباً، معدل ضجيج شبه مستمر بمقدار 75 ديسبل (وحدة قياس الضجيج). وأشار في دراسة سابقة أجراها على نزلاء المستشفى تقول إن التعرض إلى الضجيج المسائي أدى إلى زيادة فرز هرمون التوتر"ادرينالين" في دماء الناس العاديين وألحق أضراراً بالأوعية الدموية.

اختلال وظيفي في الأوعية الدموية

أجرى الباحث دراسته في المختبر على 300 فأر سليم تم تعريضهم إلى ضجيج مستمر أو متقطع بقوة 85 ديسبل. تم تقسيم الفئران في مجموعات، تعرض فئران المجموعة الأولى إلى الضجيج طوال يوم، ومجموعة ثانية تعرضت إلى الضجيج طوال يومين، وثالثة تعرضت إلى ضجيج طوال أربعة أيام. 

وكي لا يترك أي مجال للشك في نتائج دراسته، ترك البروفيسور مونتزل مهمة قياس قوة الضجيج المسلط على الفئران إلى خبراء من وكالة الفضاء الألمانية. كما استخدم مجموعة أخرى من الفئران السليمة، من نفس العمر والتغذية، كمجموعة مقارنة. وتم تعريض فئران المجموعة الثانية إلى"ضجيج أبيض" بمعنى انه كان ضمن الحدود المسموح بها، والتي يعتقد انها لا تضر بالصحة العامة والبيئة.

ويقول مونتزل إن النتائج كانت صاعقة حينما رصد، وفريق عمله، اختلالاً وظيفياً مهماً في خلايا الأوعية الدموية بعد يوم واحد فقط من تعرض الفئران إلى الضجيج. وأضر الضجيج بآلية حماية جدران الخلايا الطبيعية واصبحت الخلايا، بعد 24 ساعة فقط، عرضة للعطب والاضرار. 

وقال الدكتور اندرياس دايبر، الذي شارك في الدراسة، انه ثبت أيضاً، تحت المجهر، وجود راديكالات حرة كثيرة في خلايا الأوعية الدموية في الفئران، وهي راديكالات تمهد للأمراض السرطانية وغيرها. وأكد دايبر، المتخصص بأمراض القلب أيضاً، "استطعنا ان نثبت تحت المجهر حصول عملية "توتر أكسدة" أضرت بالأوعية الدموية بعد 24 ساعة فقط من تعرض الفئران إلى الضجيج.

تأثير مباشر في التركيبة الجينية للخلايا

وذكر الدكتور ايرفن شميدت، المتخصص في الدراسات الجينية، في المؤتمر الصحافي المذكور، أن التجربة أثبتت أن الضجيج عامل توتر مهم يؤثر مباشرة في التركيبة الجينية. وكشف ان التعرض للضجيج طوال يوم واحد فقط ترك تحويرات غريبة في آلاف الجينات، وبينها جينات بالغة الأهمية في التركيبة الوراثية.

وأثرت هذه التغيّرات على طرق عمليات الاستقلاب في الخلايا، بحسب شميدت. وهذا أحدث بدوره تغيّرات في جدران الأوعية الدموية، وقلل فاعلية الخلايا الدفاعية ضد عوامل الأكسدة، وزاد سرعة موت الخلايا.

وأكد مونتزل أن التغيّرات الخلوية والجينية الناجمة عن الضجيج تشبه تقريباً مثيلاتها الناجمة عن التدخين وارتفاع ضغط الدم والسكري. واستنتج الباحث من هذه الخلاصة إمكانية "ايجابية" واحدة، وهي احتمال نجاح العقاقير المستخدمة في علاج أمراض القلب والسكري وضغط الدم في الوقاية من تأثير الضجيج.

وبدأ الباحثون من جامعة ماينتز الطبية منذ الآن الإعداد لدراسات جديدة تبحث تأثير الضجيج النهاري والمسائي على فئران الاختبار. وذكر مونتزل انه يعد العدة أيضاً لدراسة تأثير الضجيج من قوة100 ديسبل على الفئران، وهي قوة الضجيج المقاسة رسمياً في حوض نهر الماين (أي محيط مطار فرانكفورت).

الضجيج وجلطات القلب

وأعلنت دائرة البيئة الاتحادية، حسب دراسة جديدة شملت 4115 مريضاً من 32 عيادة ومستشفى، أن الضجيج يزيد مخاطر جلطة القلب عند الرجال العاملين في الأماكن الضاجة بنسبة 30%.

ومعروف أن الناس الذين يقيمون بالقرب من الطرق السريعة والمطارات ومناطق الضجيج في المدن الكبرى يعانون أكثر من غيرهم من أمراض ارتفاع ضغط الدم والدورة الدموية والقلب. 

وهذه النتيجة توصل إليها علماء دائرة البيئة الاتحادية في برلين من خلال دراستهم لتأثير الضجيج على صحة الإنسان. وتوصل الباحثون إلى أن الضجيج المسائي، وخصوصاً لدى المقيمين قرب المطارات الدولية، أخطر من الضجيج النهاري في التأثير على ضغط دم الإنسان.

ويتضاعف هذا الخطر على الأطفال، وعلى الأفراد الذين يفضلون النوم مع الاحتفاظ بالشبابيك مفتوحة، بمعنى أنهم يتلقون الكثير من جرعات الضجيج أثناء نومهم.

وقاس العلماء الألمان قوة الضجيج قرب نوافذ المتطوعين للدراسة، فتوصلوا إلى أن هذا الضجيج يرتفع أحياناً عن الحد الأقصى المقرر (50 ديسبل). وكشفت الدراسة أيضاً أن الذين ينامون قرب نوافذ يرتفع فيها الضجيج عن 50 ديسبل يتعرضون لخطر مضاعف للإصابة بارتفاع ضغط الدم مقارنة بالذين ينامون قرب نوافذ ينخفض فيها الضجيج عن 50 ديسبل.  وتقدر الدائرة وفاة 2000 ألماني سنوياً بسبب مضاعفات الضجيج.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في لايف ستايل