قد لا يكون تريستان هاريس شهيرا بقدر أسماء هوامير وادي السليكون - موطن الشركات التكنولوجية في العالم، لكن هاريس الذي كان يشغل منصب "فيلسوف المنتجات" في غوغل تحول إلى "ضمير" يتكلم بصوت عالٍ لاستعادة السيطرة على حياتنا.
بلقيس دارغوث: تشير الدراسات إلى أن مدمني الأجهزة الذكية وتحديدا الهواتف يتفقدون أجهزتهم يوميا نحو 150 مرة، بينما يمتنع الآخرون عن امتلاكها كليا لأسباب فنية او مادية.
يقول هاريس: "لا داعي لان يكون الحل قطبياً إما الإدمان أو المقاطعة، لأن الوصول إلى هذه الحالة يعني فشل التصميم نفسه".
تصف مجلة "أتلانتك" التي أجرت اللقاء المطول مع هاريس (31 عاما) بأنه أقرب ما يكون لضمير شركات وادي السليكون في أميركا. ساعد في تأسيس مجموعة "Time Well Spent"، التي تسعى لضمان مراعاة النزاهة الاخلاقية في تصميم البرمجيات، أي بمعنى آخر مساعدة المستهلكين على الافتراق بسهولة عن أجهزتهم.
تصويب أصابع الاتهام
يلوم العديد من الناس أنفسهم وشخصيتهم الميالة للإدمان نتيجة قضائهم وقتا طويلا في تصفح هواتفهم الذكية، لكن هاريس يلوم البرامج نفسها. ويعتبر أن الرغبة في إلقاء نظرة سريعة على الهاتف ردة فعل طبيعية للتطبيقات والمواقع التي تمت هندستها لتجبرك على التجول فيها كلما سنحت الفرصة. وقال إن ما وصفه بـ "اقتصاد التركيز" يُغرق الشركات التي تستحوذ على اهتمامنا بالأرباح والأموال، في ما أسماه سباقًا للسيطرة على جذع الدماغ.
ويضيف:" قد تعتبر أن المسؤولية تفع على الشخص نفسه للتحكم في استخدامه الإلكتروني، لكن ذلك نكران حقيقة مؤكدة بأن هناك آلاف البشر يعملون على الجانب الأخر من الشاشة لكسر حواجز المسؤولية التي تتولاها.. بمعنى آخر، خسرنا سلطتنا على علاقتنا بالتكنولوجيا لأن التكنولوجيا باتت تتحكم فينا".
قسم بقراط
يرأس هاريس من خلال مجموعته تحركات نحو تعديل أساسيات تصميم البرمجيات، كما يسعى لأن تتبنى الشركات "قسم بقراط" لبرامج تكشف نقاط الضعف النفسية للناس وتعيد مقاليد التحكم لأصحابها. ويطالب بابتكار تصنيفات جديدة ومعايير تصميم جديدة تكافح الإدمان.
ورغم علو أصوات تنادي بضرورة استدراك الأمر، إلا أن هاريس هو أول من حدد الأمر، موجّها الأنظار نحو التكلفة المجتمعية وكيفية معالجتها. ويقارن صاحب شركة في وادي السليكون يدعى جوش إلمان هذا الإدمان بإدمان السجائر عند بداية ظهورها، إذ لم يظهر إلا بعد عقود الصلة بين السجائر وأمراض السرطان والقلب وغيرها.
وقال إلمان إن هاريس يسعى لاستدراك الأمر قبل أن تنتشر تكنولوجيا الواقع الخيالي مثلا وتذهب بالبشرية إلى نقطة اللاعودة.
يبسط الامر شارحا إن مطاعم ماكدونالدز مثلا تشد الزبائن عبر نكهاتها المصممة لاستثار حاسة الشم والذوق، بينما تعمل مواقع مثل فيسبوك وانستغرام وتويتر على ربط المستخدم عبر ما يسميه أطباء النفس "مكافآت متغيرة" كالرسائل والصور واللايكات، فيضطر الإنسان لتفقد صفحته أكثر من مرة وبدون وعي للحصول على "جرعة مكافئة".
ويأمل هاريس من خلال مبادرته ابتكار برمجيات صحية كبديل عن "الطعام السريع التكنولوجي" كتنبيهات آلية من الهاتف نفسه تذكر صاحبه بانه امضى وقتا طويلا في تصفحه، أو بأنه تفقد هاتفه 14 مرة خلال نصف ساعة فقط!
رابط اللقاء المطول:
https://www.theatlantic.com/magazine/archive/2016/11/the-binge-breaker/501122/