: آخر تحديث
احتفالية من ثلاثة أيام تابعها 300 ألف متفرج

مزج موسيقي عالمي في اختتام مهرجان "كناوة" بالصويرة

2
3
3

إيلاف من الصويرة: اسدل الستار  مساء السبت بالصويرة، على فعاليات الدورة 26 لمهرجان "كناوة وموسيقى العالم"، على إيقاعات ساحرة امتزجت فيها، على منصات العرض الخمس، موسيقى قادمة من مختلف بقاع العالم، حيث كان الموعد مع مزيج من الموسيقى، جمع بين المْعلم حسن بوصو ونيشتيمان (إيران – العراق – تركيا) على منصة برج باب مراكش، وهند النعيرة، مع مزج موسيقي بين المْعلم محمد بومزوغ مع أنس شليخ وعلي كيتا وتاو إيرليش ومارتن غاريين وكونتن غوماري وهاجر العلوي (المغرب – مالي – فرنسا)، فضلا عن المْعلم عمر حياة وسيمافونك (كوبا) والمْعلم خالد الصانصي، على منصة مولاي الحسن، بينما احتضنت منصة الشاطئ مواهب كناوية، جمعت بين المْعلم رضوان القصري والمْعلم ياسين البور، وذا ليلي، والمْعلم محمد كويو وتيكن جاه فاكولي (كوت ديفوار).


من حفلات مهرجان كناوة
 

كما كان الموعد، في آخر أيام المهرجان، مع عروض موازية نشطتها فرق "حمادشة" و"عيساوة"، وحفلات كْناوية وترية تقليدية احتضنتها فضاءات دار الصويري، وبيت الذاكرة، والزاوية العيساوية وزاوية سيدنا بلال.
وتواصل النقاش في عدد من الأنشطة الموازية، بينها منتدى حقوق الإنسان، الذي تناول "الحركية البشرية والديناميات الثقافية"، فيما ناقشت الموائد المستديرة "ثقافة كناوة" في "كرسي التفاعلات الثقافية والعولمة.. تجربة كْناوة كمختبر استراتيجي للتهجين الثقافي".

وفي باقي الأنشطة الموازية، تواصل الإقبال على المعرض التشكيلي الذي احتضنه فضاء العرض ببناية برج بابا مراكش، تحت عنوان "بين اللعب والذاكرة"، فضلاً عن "شجرة الكلمات"، التي تشكل، منذ 2006، "لحظة هدوء"، مخصصة "للحوار والتبادل".
 
لمسة أنثوية
الحضور النسائي في حفلات مهرجان "كناوة" كان مميزا، سواء من طرف مشاركات من خارج المغرب، أو الفنانات المغربيات، اللواتي أكدن قيمتهن في هذا الفن الذي ظل، لوقت طويل، حكرا على الرجال، خصوصا المعلمة هند النعيرة، التي شاركت في حفل الاختتام على منصة مولاي الحسن، والمْعلمة أسماء حمزاوي مع الفرقة الموسيقية "بنات تمبكتو"، التي تقاسمت منصة مولاي الحسن، الجمعة، مع المغنية المالية رقية كوني، في انسجام موسيقي ساحر، ولقاء نسائي أثمر مزيجا موسيقيا راقيا، جمع بين نغمات "الكمبري" وإيقاعات الساحل الإفريقي في روح من التقاطع الثقافي، في لحظة استقبلها الجمهور بحرارة خاصة، مشيدا بالقوة الرمزية لهذا اللقاء بين نساء موسيقيات ينتمين إلى تقاليد أصيلة، في احتفال نادر بقوة الذاكرة الإفريقية النسائية.

 
"كناوة" .. الذاكرة والمستقبل
شكل تنظيم دورة هذه السنة من مهرجان "كناوة" فرصة أمام المنظمين لاستعراض إيجابيات المسار الذي قطعته هذه التظاهرة في علاقة بتنمية المدينة من خلال الثقافة، فضلا عن الدور الذي يفترض أن تلعبه الثقافة والفنون في عالم تخنقه الصراعات.

وقالت نائلة التازي، منتجة المهرجان: "لأكثر من ربع قرن، لم يكن مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة مجرد حدث موسيقي، بل أصبح مشروعًا مجتمعيًا وبيانًا ثقافيًا في حركة دائمة. فمن خلال الاحتفاء بالغنى الروحي لتقاليد كنواة واحتكاكها بموسيقى العالم، يفتح المهرجان حوارًا بين الإرث والتمثلات، بين الذاكرة والمستقبل. وتُعد هذه الدورة السادسة والعشرون استمرارًا لهذا الحلم الذي أصبح حقيقة: إشعاع ثقافة عريقة وابتكار لغات فنية جديدة. هذا الإشعاع العالمي هو ثمرة التزام لا يتغير من سلسلة من الفاعلين والفنانين، والمنتجين، والباحثين، والشركاء والمؤسسات، يجمعهم إيمان مشترك: إدماج ثقافة كناوة في الحداثة دون التخلي عن روحها. فمنذ بداياته، تحرر المهرجان من الصور النمطية الفولكلورية ليُعيد إلى هذا التراث مكانته الحقيقية: إرث حي، ولغة كونية، ومصدر للإحساس والتفكير والتوارث. واليوم، أكثر من أي وقت مضى، ومع تغير الحدود وإعادة تشكيل الهويات، يؤكد مهرجان كناوة على رسالته: جعل التمازج محرّكًا للإبداع، والذاكرة أداة للتحول، والثقافة فضاءً للالتزام. إذ تُترجم هذه الطموحات إلى أعمال ملموسة ومستدامة، في مقدمتهـا التكوين والبحث الأكاديمي".


 
إقبال جماهيري كبير
حصلت "إيلاف" على معطيات تؤكد أن دورة هذه السنة لامست رقم 300 ألف متفرج، تابعوا أمسيات التظاهرة التي تواصلت على مدى ثلاثة أيام، بمشاركة 350 فناناً، من بينهم 40 مْعلماً كْناوياً، قدموا 54 حفلاً موسيقياً؛ فيما تنوعت العروض بين الحفلات الكبرى في الهواء الطلق والعروض الموسيقية الوترية، إضافة إلى العروض المبرمجة في الأماكن التراثية.
بالنسبة للتازي، فمهرجان "كناوة" هو "دعوة للإيمان بقوة الثقافة في بناء جسور مستدامة بين الشعوب. إنه مغامرة جماعية، تقودها روح الشباب، وتغذيها عملية التوارث، وتشكلها الجرأة. لنتابع، معًا، إحياء هذا الإرث الحي، كوعْدٍ بالحرية، والإبداع، والمستقبل".
 
رواج سياحي
يتحدث المنظمون عن "حفل يسكن مدينة". ولأن الصويرة كان لها الفضل في احتضان هذا الشكل الفني والموسيقي، فقد أصبحت هي و"كناوة" وجهين لعملة واحدة. حيث تمنح "كناوة" لعشاقها متعة فنية لا تضاهى، فيما تمنح الصويرة زائرها شعوراً بالانشراح والهدوء والاسترخاء.

بالنسبة للزوار، تبقى للصويرة، المدينة التي اختارت أن تعيد كتابة تاريخها عبر الموسيقى، بشكل خاص، والثقافة بشكل عام، نكهة خاصة، تميزها عن سائر مدن المغرب. لذلك، وأنت تزور المدينة، لا يمكن إلا أن يسترعي انتباهك زوار مغاربة وأجانب، وهم يتجولون في الساحات وبين الدروب والأزقة، كما لو أنهم يسابقون الزمن للتخفيف أو التخلص من هموم تثقل كاهلهم. أما الكورنيش، الممتد على طول شاطئ المدينة، فيجمع زوار المدينة وسكانها، ممن يقصدونه للترفيه عن أنفسهم وتأمل زرقة البحر ومتابعة مشهد غروب الشمس، بينما أبصارهم تحدق في "ظلمات" المحيط الأطلسي.

جمهور كبير تابع حفلات مهرجان كناوة

أصحاب الفنادق والمقاهي والمطاعم يتمنون لو أن أيام مهرجان "كناوة" هي بعدد أيام السنة. أما أصحاب المحلات التجارية، التي تعرض المصنوعات التقليدية التي تتميز بها المنطقة، من قبيل مصنوعات خشب العرعار والزرابي والألبسة التقليدية، سواء تلك المصنوعة من الجلد أو من الصوف، فيبدو أنهم أقل تطلباً في أسعارهم أثناء تعاملهم مع الزبائن، مقارنة بنظرائهم في مدن سياحية أخرى.


من حفلات مهرجان كناوة

للأكل، خلال السفر، طقوسه الخاصة؛ وله في الصويرة عنوانان؛ زيت "أركان" والسمك. ففي هذه المدينة، لا يحتار الزوار كثيراً في اختيار وجبة الأكل الرئيسية، يتحول السمك، الذي يطلق عليه المغاربة "الحوت"، إلى وجبة يشترك في طلبها الجميع؛ خصوصاً السمك المشوي على الفحم.
خلال أيام مهرجان "كناوة"، لا تذهب الصويرة إلى النوم إلا في وقت متأخر من الليل. إلا أنك ستجد في صباح اليوم التالي جميع أزقتها فاتحة أذرعها، خصوصاً في محيط ساحة الساعة، للشباب الحالم، المتيم بالموسيقى، الذي يغتنم فرصة تنظيم المهرجان ليستعرض مهاراته أمام المارة في عزف مقطوعات موسيقية متنوعة، تجمع أغاني "الغيوان" و"كناوة" وخالدات "البيتلز" و"جاك بْريل".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ترفيه