: آخر تحديث
قالت إن مهرجان الصويرة تعبير عن رؤية تؤمن بأن التنوع الثقافي أساس للوحدة

نايلة التازي: مهرجان "كناوة" جسر لتموقع المغرب كقوة ثقافية صاعدة

6
5
3

إيلاف من الرباط: قالت نايلة التازي، منتجة مهرجان "كناوةوموسيقى العالم" بالصويرة، إن التظاهرة التي تنطلق فعاليات في دورتها ال26 الخميس المقبل، تجسد صورة المغرب متعدد الثقافات، واعتبرت أن المملكة، من خلال تراكماتها الثقافية وريادتها في مشاريع مثل مهرجان "كناوة"، تمتلك فرصة لتصبح "قوة ناعمة إفريقية - أورومتوسطية ذات إشعاع عالمي".

دبلوماسية ثقافية
شددت التازي، في معرض حوار لها مع وكالة الأنباء المغربية، على أن الثقافة اليوم لم تعد ترفا في السياسة الدولية، بل صارت أداة استراتيجية للنفوذ الناعم، حيث أن جميع الدول تتسابق حاليا لتسويق منتوجاتها الثقافية، لأن المنتج الثقافي صار بوابة التموقع في الصدارة. وأضافت أن هذا ما أدركه المغرب مبكراً.

ورأت التازي أن مهرجان "كناوة" ليس فقط احتفالاً فنياً، بل هو "تعبير ملموس عن رؤية مغربية تؤمن أن التنوع الثقافي هو أساس الوحدة الوطنية"، و"جسر لتموقع المغرب كقوة ثقافية صاعدة على الساحة الدولية".

وأضافت، في هذا الصدد، أن المغرب،من خلال هذا المهرجان،يعيد تقديم إفريقيا للعالم، ليس من موقع المستهلك للثقافة العالمية، بل كفاعل منتج ومصدر للمعنى والقيم.

وشددت التازي على أن الأمر يتعلق ب"دبلوماسية ثقافية قائمة على الاعتراف بجذورنا الإفريقية العميقة وعلى تقديم سردية جديدة للقارة: إفريقيا الروحانية، والمبدعة، والممانعة، التي تستعيد مكانتها كفاعل سياسي وثقافي في معادلات العالم الجديد".

هوية فريدة
قال التازي إن مهرجان "كناوة" مناسبة ثقافية ذات "هوية فريدة"، وأن هذا هو سر استمراريته الأول؛ فهو مشروع يحمل "قناعة فلسفية متينة"، وليس مجرد تظاهرة موسمية. إذ كان، منذ البداية، مشروعا ثقافيا وطنيا بامتياز، يسعى إلى "صون هوية مغربية أصيلة، تنفتح على العالم دون أن تذوب فيه". فنحن، تضيف التازي، "لا نستهلك العولمة الثقافية، بل نصنع عولمتنا الخاصة المستندة إلى تاريخنا وذاكرتنا".

ورأت التازي أن المهرجان، وسط عالم يتزايد فيه التجانس الثقافي القسري، يشكل "فعلا واعيا يحمي الخصوصية المغربية ويجددها، واضعا في قلبها إفريقيا كخزان للمعنى والذاكرة، ومدافعا عن حق الجنوب في أن يكون مصدرا للثقافة لا مجرد سوق لها".

أفق عالمي
عن سر نجاح المهرجان في الحفاظ على أصالة فن معلمي "كناوة"، وفي الوقت نفسه توسيع جمهوره ودمج موسيقى العالم في برنامجه الغني، قالت التازي إن "المعادلة بسيطة ومعقدة في آن واحد: احترام الأصل والانفتاح الذكي على العالم.

"مْعلمية كناوة" ليسوا مجرد رموز فولكلورية بل هم "حراس لذاكرة قاومت النسيان عبر قرون"؛ لذلك يتم التعامل مع هذا الفن كجزء من "مقاومة ثقافية مستمرة؛ مقاومة للنمطية، للفراغ الروحي، والاختزال الإعلامي الغربي لإفريقيا".

ورأت التازي أن التمازج مع موسيقى العالم لا يفرغ فن "كناوة" من محتواه، بل يمنحه أفقا عالميا ينقل من خلاله رسائل الهوية، والعدالة، والروحانية التي ولدت أصلاً في رحم معاناة تاريخية عميقة مثل تجارة الرقيق والشتات الإفريقي. وبهذا المعنى، يتحول المهرجان إلى "فعل مقاومة ناعم وعميق".

رافعة تنموية
رأت التازي أن المهرجان أثبت أن الثقافة ليست مجرد منتج رمزي، بل "رافعة تنموية حقيقية؛ إذ ساهم في ولادة قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية في المغرب"، وهو "قطاع يحمل مستقبلاً واعداً في معادلة التشغيل والنمو سيجني منه بلدنا الكثير إذا استثمر بكيفية أكثر استباقية وشجاعة في هذا القطاع".

وشددت التازي على القول " إننا نعيش اليوم تحولات كبرى حيث تزداد أهمية "السيادة الثقافية" كعنصر من عناصر الأمن الوطني، ليس فقط على مستوى الهوية، بل حتى في معادلة الاقتصاد السياسي الدولي".

واعتبرت أن المغرب، من خلال تراكماته الثقافية وريادته في مشاريع مثل مهرجان "كناوة"، يمتلك فرصة ليصبح "قوة ناعمة إفريقية-أورومتوسطية ذات إشعاع عالمي".

مواطنة كونية
بخصوص الكيفية التي تسهم مبادرات، مثل "منتدى حقوق الإنسان"، في إغناء المشروع الشامل للمهرجان، قالت التازي إن المنتدى ليس مجرد نشاط مواز بل هو القلب النابض للرؤية العامة للمهرجان. فنحن لا ننظم مهرجانا للفرجة بل نبني فضاء حيويا للنقاش العمومي حول قضايا جوهرية ترتبط بالمستقبل السياسي والاجتماعي للمغرب ولإفريقيا والعالم: الهجرة، الشتات، الهوية، المساواة، الشباب، المقاومة الثقافية". 

وبهذا المعنى، تضيف التازي، يتحول المهرجان إلى منصة للمواطنة الكونية حيث تلتقي الثقافة مع السياسة، والذاكرة مع المستقبل، والمغرب مع العالم. إنه مختبر حي لصناعة سياسات ثقافية جديدة".

شراكة دولية واعدة
قالت التازي إن برنامج "بيركلي في مهرجان كناوة وموسيقى العالم"، الذي يعود للسنة الثانية على التوالي، بالشراكة مع كلية بيركلي للموسيقى، يمثل جسرا حقيقيا بين الموسيقى العالمية والتميز الأكاديمي الدولي؛ إذ يتيح الفرصة للمشاركين للمساهمة في ورش عمل يقودها أساتذة بارزون واكتشاف مناهج موسيقية جديدة؛ كما يوفر فرصة للمواهب المغربية لتطوير شبكاتها المهنية والعمل على تحقيق طموحها في مسيرة مهنية دولية.

وتستضيف الدورة الثانية من هذا البرنامج 74 مشاركا من 24 دولة، مما يبرز البعد الدولي للبرنامج والمهرجان، بشكل يساهم في تعزيز قيمة الموسيقى الكناوية في الأوساط الأكاديمية الدولية وإبراز مكانة الموسيقى الإفريقية في ممارسات التدريب والإبداع على المستوى العالمي، وبالتالي توثيق الموسيقى الكناوية، وتحليلها، ونقلها في سياقات جامعية، وبالتالي الحفاظ عليها، وإثرائها والمساهمة في تألقها.

ورأت التازي أن هذا البرنامج يمثل فرصة لمدينة الصويرة لتعزيز مكانتها كمركز ثقافي مهم في المغرب؛ كما يساهم في تعزيز الانفتاح الثقافي والتبادل بين الثقافات المختلفة في المدينة، والمساهمة في الترويج للسياحة المحلية وجذب المزيد من الزوار، بشكل يعزز مكانتها كعاصمة ثقافية عالمية.

عروض متنوعة
تستضيف دورة هذه السنة من مهرجان "كناوة"، التي تتواصل على مدى ثلاثة أيام، 350 فنانا، يقدمون 54 حفلا موسيقيا، موزعة بين حفلات كبرى في الهواء الطلق، وعروض موسيقية وترية، إضافة إلى عروض في الأماكن التراثية ب"مدينة الرياح".
وباحتضانها لهذه التظاهرة الثقافية الاستثنائية، تتحول الصويرة إلى منصة عالمية للتلاقح الموسيقي والحوار الثقافي، حيث يتجاوز هذا الحدث، بحسب منظميه، مفهوم المهرجان التقليدي ليصبح تجربة روحية وإنسانية شاملة، من خلال جمعه بين معلمي فن "كناوة" – حماة التراث الروحي الأصيل – ونجوم الموسيقى العالمية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ترفيه