: آخر تحديث
في مواجهة نفسية قاسية

انثوني هوبكنز يناقش مفهوم العدالة بالعنف في Locked

9
9
7

إيلاف من لندن: يروي فيلم لوكد (Locked) قصة سارق، يؤدي دوره بيل سكارزغارد، يتمكن من اقتحام سيارة شديدة الفخامة، ليجد نفسه قد وقع في مصيدة مدبرة من صاحب السيارة، ويليام، الذي يجسده النجم أنتوني هوبكنز.
وعلى الرغم من أن ويليام يظهر بصوته فقط في النصف الأول من الفيلم، إلا أنه ينجح في تجسيد الشخصية السيكوباتية بمهارة تامة، تجعل المتفرج مشدودًا للصوت قبل الصورة.

يتحدث ويليام مع إيدي عبر هاتف السيارة، بنبرة صوت توحي لرجل مسن، طيب، بسيط ومرح، يستخدم لغة راقية وبالغة الاحترام، بينما يمارس في المقابل تعذيبًا قاسيًا عليه، على مدار عدة أيام من الحبس داخل السيارة، بلا طعام أو شراب، وباستخدام أدوات تعذيب جسدية وذهنية.
ويبدو ويليام مستمتعًا بمراقبة إيدي وهو يحارب بغريزة البقاء، بدم بارد.

تدور معظم أحداث الفيلم داخل هذه السيارة، بإيقاع شديد التوتر، كافٍ ليبقي المشاهد يقظًا طيلة الفيلم.

لا يعلم إيدي سبب حبسه، لأن ويليام لا يخبره بذلك، بل يدخل معه في جدالات فلسفية حول مفهوم العدالة الاجتماعية.

وتتصاعد الأحداث في النصف الثاني من الفيلم، حين يظهر ويليام أخيرًا بشخصه أمام إيدي، ليصبح إيقاع الفيلم أكثر إثارة وسرعة، مع المحافظة على تدرّج بناء شخصية ويليام بسلاسة.

الفضل في ذلك يعود إلى المخرج ديفيد ياروفيسكي (David Yarovesky)، الذي وُفّق في إدارة الإيقاع والإخراج، وأيضًا في اختيار بيل سكارزغارد لهذا الدور؛ إذ يمتلك كاريزما عالية على الكاميرا، مكّنته من أداء عدد كبير من المشاهد بمفرده، دون أن يفقد الفيلم جاذبيته أو تماسكه.

تشبه فكرة الفيلم بعض الأعمال التي عُرضت سابقًا، وتحديدًا فيلم فون بوث (Phone Booth)، من بطولة كولين فاريل، الذي يجد نفسه محاصرًا في كشك هاتف، يتواصل معه خلاله قنّاص متخفٍ، يعزله عن العالم الخارجي، ويخضعه لتعذيب نفسي، قبل أن يطالبه بالاعتراف علنًا بخياناته وكذبه ونفاقه.

هذه الفكرة تثير الحيرة لدى المتفرج، خاصة في نهايتها، حيث تصور حالة شخص يرتدي قناعًا يعكس ما يرغب الناس في رؤيته، ويخفي عيوبه لفترات طويلة، حتى يبدأ في تصديق أن القناع هو وجهه الحقيقي.
وعندما تذكّره الحقيقة بحقيقته، ينكرها بشدة، لأنه يؤمن بأن سقوط القناع يعني نهايته.

الفيلم يوضح أنه بعد فترة طويلة من التعذيب، قد يصل الإنسان إلى مرحلة يصبح فيها الانتحار أملاً، وحتى هذا الأمل يُسلب منه.
عندها فقط، يخلع القناع بقناعة تامة، ويتذكر حقيقته المؤلمة، في حالة من الانكسار والرضا في آن واحد.

ويليام، في هذا الفيلم، كان يريد تعذيب إيدي وإذلاله ليعترف بأنه يستحق ذلك، لسببٍ شخصي لا يظهر إلا في نهاية الفيلم.
لكن السؤال الأهم يبقى: كيف سيكون إيدي بعد أن نجا من هذه التجربة؟
بعد أن خلع القناع، وزكى نفسه وطهّرها من شرورها، وتحرر من نظرة الآخرين إليه.

ذلك سيقوده إلى سموٍ ذاتي، ونظرة جديدة للحياة. سيتغير ولكن ليس بالضرورة إلى شخص "أفضل"، بل سيعود الى أصله نقيا، كما كان طفلاً، لم يتلوث بعد بالشر. يستمتع ويقدّر النِعم من حوله وكأنه يكتشف الحياة من جديد.

وهنا، يترك الفيلم للمشاهد سؤالًا أخيرًا:
هل كان ويليام عادلًا أم ظالمًا مع إيدي؟


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ترفيه