إيلاف من الرياض: من حضرموت إلى قطر، كانت رحلة المخرجة شيماء التميمي، وهي راوية بصرية، تعتمد على حرفيتها في التصوير الفوتوغرافي لنقل التجارب الإنسانية الملهمة بالنسبة لها.
تلك الرحلة التي ألهمتها بفيلمها "لا ترتاح كثيرًا" الذي رشح لنيل عدد من الجوائز، وشارك في مهرجان فينيسيا السينمائي، ضمن فئة "Orizzonti"، وتم عرضه مؤخرًا خلال فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان أفلام السعودية، الذي انطلق في الثاني من آيار (مايو) الجاري ويستمر حتى اليوم التاسع من نفس الشهر.
تروي شيماء التميمي خلال فيلمها "لا ترتاح كثيرا" رحلة الهجرة التي بدأها جدها من اليمن إلى زنجبار، قبل نصف قرن بحثًا عن عمل، ولكنه وبدون قصد ورث أسرته مصير الترحال المستمر.
في "إيلاف" حاورنا "التميمي" لتحدثنا عن "لا ترتاح كثيرًا" ووصولها إلى مهرجان فينيسيا، ورحلة ترحال جدها وأسرتها.
يمنيو المهجر السبب في وثائقي "لا ترتاح كثيرًا"
تحدثت شيماء التميمي عن سبب إخراجها لـ وثائقي "لا ترتاح كثيرًا" قالت إن اختصاصها هو التصوير الوثائقي، وفي عام 2018 حصلت على منحة من مؤسسة آفاق، وقدمت مشروعا عن اليمنيين الذين يعيشون في المهجر بالخليج، متابعة:"بالحديث معهم شعرت أن قصصنا كيمنيين نفس الشيء والمعاناة واحدة، فنحن نعيش في الخليج ونواجه نفس الصراع الأبدي، حول أسئلة مثل إلى أين سنذهب إذا تقاعد والدنا؟ وما إلى ذلك من أسئلة".
أضافت: "ذلك المصير يواجه اليمنيين وغير اليمنيين ممن يعيشون بدول الخليج، وعلينا مواجهة الحقيقة بعد تقاعد الوالدين، البعض يستطيع مواجهة الأمر ويستكمل حياته، بينما البعض الآخر لا يستطيع ويخرج من البلاد ثم يعود مرة أخرى، خاصة أن الأطفال ممن نشأوا بدول الخليج تعودوا على البيئة. عندما كنا صغارا كان والدي يخبرنا لا تتعاملوا براحة فالمكان ليس مكانكم، وعندما كان يخبرني بالأمر كنت أخبر نفسي أن الأمر بعيدا فلا زلنا صغارا، فعندما كنا أطفالا لم نكن نعلم المعاني التي تُقال لنا والحقيقة التي تنتظرنا".
وتابعت التميمي:"عندما انتهيت من البرنامج مع مؤسسة "آفاق" حصلت على منحة وزمالة في مؤسسة Magnum Foundation بنيويورك في 2020. ووقتها لم أستطع السفر إلى أميركا نتيجة ظروف انتشار فيروس كورونا، وحصلت على الزمالة "أونلاين".
عزلة كورونا فرصتي
تابعت حديثها قائلة: "المشروع لم يكن من المفترض أن يصبح فيلما، لكن بسبب ظروف العزلة بسبب كورونا، أعطيت نفسي فرصة لكتابة رسالة إلى جدي، الذي كان يحدثني والدي عنه كثيرا وعن ذكرياتهما، وكتبت الرسالة وقررت تسجيلها بصوتي، وبعد محاولات كثيرة تحكمت في القصة، حتى سجلت الرسالة في أحد الاستديوهات.. الفيلم أخذ مني عاما من العمل.
ذكريات أول زيارة لليمن
وعن ذكريات زيارتها الأولى لوطنها اليمن، قالت "التميمي": مرات قليلة التي زرت فيها اليمن، المرة الأولى كانت عام 2006، وراودني إحساس غريب وقتها، إحساس مختلط ما بين سعادة العودة لأهلك وأرضك وفي نفس الوقت هي رحلة استكشافية لك".
وعن أشقائها قالت:"نحن 3 بنات وولدين، آخر ولد من أشقائي مرتبط أكثر باليمن لأنه كان يرافق والدي دائمًا منذ طفولته، ونحن لم نكن كذلك"
وأكملت:"كنا نرغب في طفولتنا بالذهاب لليمن، وعندما كبرنا وذهبنا، كنا نتساءل لماذا نحن هنا؟ وعندما عدت من سنتين رجعت بعقلية مختلفة تماما وكنت أحاول الوصول للغة اتصال تربطني بالمكان، وكنت ألاحظ تفاصيل صغيرة تجذبني للبيئة".
أسباب اختلاف السينما اليمنية
وعن فيلمها "لا ترتاح كثيرًا" أشارت إلى أنه قطري، فهي صورته وهي في قطر.
وعن أسباب اختلاف السينما اليمنية والتغيرات التي طرأت عليها، هل هي بسبب الأحداث السياسية التي مرت باليمن؟ أم أنه بسبب الحراك السينمائي اليمني؟
عن هذه المعادلة قالت:" يوجد حراك لكن لا أستطيع مقارنته بما يحدث في الخليج لأن الإمكانيات ليست كبيرة، من يحب تصوير فيلم في صنعاء ليس كمن يصور فيلما في حضرموت، لأن حضرموت تصور بسهولة، لكن في صنعاء الأمر أصعب من ذلك بكثير".
فيلم وثائقي جديد
وكشفت المخرجة، أنها تعمل على فيلم وثائقي جديد، مضيفة:"أنهينا حوالي 70% من مرحلة الإنتاج ومتبقي 30% فقط، ننتهي منها في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.
وعن الفيلم قالت إنه مدعوم من مؤسسة "الدوحة" ومن الصندوق العربي للثقافة والفنون "آفاق"، ويوجد منتج له، كما قدمت على دعم من عدة مؤسسات عالمية وننتظر ردها.
في فينيسيا لأول مرة
وعن شعورها بوصول أول أفلامها إلى مهرجان "فينيسيا" السينمائي، قالت إنه كان مزيجاً من السعادة والدهشة، في آن واحد، إذ لم يكن لديها تجارب سابقة. ووثائقي "صنع في قطر"، بجانب تجربة أخرى لها عام 2017.
وأضافت التميمي:"عملي الأساسي في مجال التسويق داخل مؤسسة "الدوحة" للأفلام، والذي بدأته منذ 13 عاما، بعد أن انتهيت من الفيلم وبصفتي أعمل في مؤسسة تتعلق بالأفلام، فكرت في التقديم بالمهرجانات، استناداً على أنني لن أخسر شيئا، كان لدي التطلع بدون خطة واضحة وقدمت في عدة مهرجانات وجاءني الرفض من كان وتورنتو وتم قبول الفيلم ضمن مهرجان فينيسيا السينمائي، وشعرت بالفرحة الغامرة وقتها".
وعن أكثر موقف تتذكره في "فينيسيا" قالت إنها عندما وصلت للمهرجان رأت كل أعلام البلدان مرفوعة، وجذبها أحد الصحفيين وأخبرها أنه لأول مرة يرى علم اليمن مرفوعا في المهرجان، فأخذت صورة مع العلم بمشاعر الفخر.