إيلاف من الشارقة: أكدت المخرجة السينمائية اللبنانية نادين لبكي، أن أهمية فن السينما تكمن في التأثير الذي تُحدثه في حياة المهمشين والأفراد الذين لا يراهم العالم ولا يعرف عن معاناتهم شيئًا. وذكرت أن السينما تحكي معاناة تلك الفئات وتنقل للعالم شعورهم بالغضب والإحباط، وهذا هو التأثير المثالي المطلوب أن تُحدثه.
جاء ذلك في جلسة بعنوان "الأفلام الطويلة، عصر عالمي جديد للسينما العربية" خلال فعاليات اليوم الأول من "مهرجان الشارقة لريادة الأعمال 2024"، الذي ينظمه مركز الشارقة لريادة الأعمال "شراع" تحت شعار "معاً، نرسم المستقبل" في "مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار.
وأعربت لبكي عن سعادتها بنجاحها في إحداث هذا التأثير من خلال فيلمها الشهير "كفرناحوم"، والذي اختير للمشاركة في مهرجان كان لعام 2018 ونال جائزة لجنة التحكيم بالمهرجان آنذاك، كما رُُشِّح في عام 2019 لجائزة أوسكار لأفضل فيلم أجنبي.
وقالت لبكي: "أردت من خلال فيلم "كفرناحوم" أن أحكي قصة حقيقية لمأساة متكررة كثيرًا في شوارع لبنان، من خلال قصة بطل الفيلم، وهو الطفل السوري زين الرفاعي الذي يعيش لاجئًا في لبنان. سعيت لأن يكون هذا الطفل وغيره من الأطفال الحقيقيين غير الممثلين الذين ظهروا في أحداث الفيلم مع أفراد عائلاتهم نموذجًا لباقي الأطفال الذين يعيشون نفس المأساة، كي يرى العالم معاناتهم على حقيقتها وبدون أي تغيير".
وأضافت: "استغرق مني التحضير للفيلم وكتابته خمسة سنوات كنت أزور خلالها الأطفال وعائلاتهم في المناطق اللبنانية الفقيرة، وأيضًا كنت أزور المحاكم مع الفريق الذي ساعدني في كتابة الفيلم للتعرف إلى المشاكل القانونية التي يتعرض لها هؤلاء الأطفال. وقد أثار الفيلم العديد من المناقشات، وسلط الضوء على مأساة كنا ننكرها في لبنان ونرفض الاعتراف بوجودها. ونجح الأمر، وتغيرت حياة الطفل زين الآن للأفضل".
وتطرقت لبكي إلى قصة تعلقها بالسينما ومهنة الإخراج السينمائي، فقالت: "بدأت القصة مبكرا جدا في طفولتي بسبب صعوبة الخروج من المنزل وقت الحرب الاهلية في لبنان، وهذا ما جعل مشاهدة التلفزيون والأفلام هي مهربي الوحيد. أدركت وقتها انني اود ان اكون مخرجة كي أحكي قصتي الخاصة".
وأضافت: "من أهم الأسباب التي تجعل المرء يرغب بأن يصبح فنانا بصفة عامة، سواءً مخرج سينمائي أو أي فن آخر، هو الرغبة في تغيير الواقع المرير والخروج من حالة الإحباط السائدة في مجتمعه".
وأشارت لبكي إلى أهمية عرض الأفلام في المهرجانات السينمائية الدولية، كون هذه المهرجانات منصة هائلة تتيح للأفلام قدر هائل من الاتصال بالجمهور العالمي.
وقالت "كان لمشاركة فيلم من نوعية "كفر ناحوم" في "مهرجان كان" أهمية شديدة. كان الأمر رائعًا وشعرت آنذاك بفرحة شديدة، كونني قادمة من بلد صغير كلبنان وأشارك في مهرجان مرموق، كي أعرض مشاكله التي لا يشعر بها سوى أهله".
وتطرقت لبكي إلى الآلية التي تنتهجها عندما تخرج فيلمًا جديدًا، فقالت أن العامل الأكثر أهمية لديها هو أن تكون على معرفة كاملة ودراية تامة بموضوع قصة الفيلم، وأن تكون كافة العناصر المشاركة في الفيلم على اتصال وثيق بالناس و الحقائق التي تجري على أرض الواقع".
وقالت: "السينما العربية لا زالت صناعة خجولة، وبلا هيكل أو بنية محددَّة، على عكس ما يجري في صناعة السينما في باقي أنحاء العالم. ولذا، ليست لدي نصيحة بعينها أستطيع أن أوجهها إلى صناع السينما العربية الجُدُد فيما يتعلق بالتمويل أو أي أمور تنظيمية أخرى، ذلك أن كل فيلم عربي له ظروفه وقصة كفاحه الخاصة التي يخوضها لحين تدبير التمويل اللازم. ويتوقف الأمر في النهاية على نوعية الفيلم".
وتابعت: "لم أتعرض في حياتي العملية لمتاعب بسبب كوني إمرأة، فالسينما عمل صعب للسيدات والرجال على السواء. ولم أشعر بأي نوع من الهشاشة. ربما تكون هناك مخرجات عربيات أخريات شعرن بذلك، لكن لم يحدث هذا الأمر معي".
وأضافت: "نصيحتي للمخرجات الجديدات بشأن اكتساب الثقة بأنفسهن هي الإيمان بما يفعلن وبأهميته. والأهم من ذلك، أن يسألن أنفسهن قبل دخول فيلم جديد: ما هي أهمية القصة التي أريد أن أحكيها من خلال هذا الفيلم؟.
واختتمت لبكي قائلة: "أعمل الآن على فيلمي الجديد وأقوم بكتابته، وربما يحتاج وقتًا طويلًا قبل أن يخرج إلى النور".