إيلاف من الرباط: أطلق المغرب، فجر الجمعة، خدمات الجيل الخامس للاتصالات (5G)، ليخطو بذلك خطوة نوعية في مسار التحول الرقمي، ويقترب أكثر من تحقيق أهداف رؤية “المغرب الرقمي 2030”.
وتُقدَّر قيمة الاستثمارات الإجمالية المرتبطة بتطوير شبكة الجيل الخامس بأكثر من 80 مليار درهم (8 مليار دولار)، مع التزام واضح من الحكومة والفاعلين في مجال الاتصالات بتعميم الخدمة حتى في المناطق القروية والجبلية.
ولاحظ مستخدمو الهواتف المحمولة في كبريات المدن المغربية، مثل الرباط وسلا والدار البيضاء وطنجة ومراكش، اختفاء علامة (4G) من شاشات هواتفهم لتحلّ محلها (5G)، إيذانا بانطلاق مرحلة جديدة من الاتصالات فائقة السرعة التي ستغيّر وجه الاقتصاد والخدمات الرقمية في المملكة.
وتوفر شبكة الجيل الخامس سرعات إنترنت تصل إلى 10 جيجابايت في الثانية، مع زمن استجابة لا يتجاوز ميلي ثانية واحدة، ما يفتح المجال أمام تطبيقات متقدمة تشمل المدن الذكية، والجراحة عن بُعد، والسيارات ذاتية القيادة. مع توقع أن يرفع هذا التطور الناتج الداخلي الخام المغربي بنسبة 1.5% سنويا، وأن يخلق آلاف فرص العمل في مجالات الابتكار والتكنولوجيا والبحث الرقمي.
وجاء هذا التحول عقب مصادقة مجلس الحكومة المغربي على ثلاثة مشاريع مراسيم تتعلق بمنح تراخيص إحداث واستغلال شبكات الجيل الخامس لكل من الفاعلين الثلاثة في قطاع الاتصالات، في مقدمتها "اتصالات المغرب"، و"ميدي تيليكوم"، و"وانا كوربوريت".
وفي تصريح صحفي، أوضح الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، أن هذه الخطوة تمثل "تحولا نوعيا في بنية الاتصال الوطني"، مشيرا إلى أنها جاءت بعد منافسة أشرفت عليها الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات (ANRT)، تطبيقا لأحكام القانون المتعلق بالبريد والمواصلات بعد تعديله وتتميمه.
من جانبها، أعلنت الوزيرة المكلفة الانتقال الرقمي، أمل الفلاح السغروشني، أن الإطار الجديد يتضمن تشريعات محدثة للرقمنة، وإطلاق منصات رقمية وطنية، وتطوير ذكاء اصطناعي مسؤول ومتوافق مع القيم المغربية.
وتشمل المرحلة الأولى من تغطية الجيل الخامس مدن الرباط، سلا، القنيطرة، الدار البيضاء، طنجة، فاس، مراكش وأكادير، إضافة إلى المطارات الدولية الكبرى، في أفق توسيع التغطية لتشمل 45% من السكان بحلول نهاية 2026، و85% بحلول 2030، ضمن خطة وطنية طموحة تهدف إلى جعل المغرب منصة رقمية إقليمية رائدة.
ويعد هذا الانتقال إلى الجيل الخامس رافعة حقيقية لجذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز مكانة المغرب كوجهة تكنولوجية إفريقية، خصوصا مع اقتراب احتضان المملكة لكأس الأمم الإفريقية 2025.
وفي السياق ذاته، أعلنت الشركات الثلاث الفاعلة في مجال الاتصالات، في بيانات متفرقة، عن الإطلاق الرسمي لهذه الكنولوجيا، التي ستفتح آفاقا واسعة أمام الأفراد والمقاولات، إذ تتيح مكالمات مصوّرة أكثر سلاسة، وبثا مباشرا عالي الدقة، وتجارب غامرة في الألعاب الإلكترونية، فضلا عن تمكين الشركات من العمل في الزمن الحقيقي وتشغيل الآلات عن بُعد.
وإلى جانب السرعة والابتكار، تتميز تقنية الجيل الخامس بكونها أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة بنسبة تتراوح بين 20 و30% مقارنة بالجيل الرابع، ما يسهم في تقليص البصمة الكربونية وتحقيق أهداف المغرب في الانتقال الطاقي والرقمنة المستدامة.


