: آخر تحديث

تحقيق يكشف: هكذا ساهمت التكنولوجيا الأميركية في بناء منظومة المراقبة الصينية

2
2
2

إيلاف من سان فرانسيسكو: في 9 أيلول (سبتمبر) 2025، نشرت وكالة أسوشييتد برس تحقيقًا موسّعًا كشفت فيه كيف ساهمت شركات تكنولوجيا أميركية رائدة في بناء بنية تحتية متطورة للمراقبة داخل الصين.

التحقيق، الذي استند إلى وثائق مسرّبة ومراسلات بريدية داخلية، قدّم صورة شاملة عن العلاقة الممتدة لعقود بين شركات وادي السيليكون ومشاريع أمنية حساسة في بكين، من بينها تلك المستخدمة في مراقبة أقلية الإيغور في إقليم سنجان.

دور الشركات التقنية الأميركية
أبرز ما كشفه التحقيق أن عدداً من الشركات الأميركية، من بينها IBM، Dell، Microsoft، Oracle، Intel، Nvidia، Thermo Fisher، وCisco، لم تقتصر علاقتها بالصين على بيع البرمجيات والمعدات، بل شاركت في مراحل تصميم وتخصيص أنظمة المراقبة لتتناسب مع متطلبات الأمن الداخلي الصيني، وفق ما أظهرته الوثائق.

هذه الأنظمة شملت تقنيات التعرف على الوجوه، التحليل التنبؤي، الحوسبة السحابية، برمجيات إدارة البيانات، وأدوات تحليل الحمض النووي، ما جعلها عناصر حيوية في البنية الأمنية التي تعتمدها السلطات في تتبع الأفراد ومراقبة تحركاتهم.

سنجان في قلب الشبكة الرقمية
التحقيق أشار إلى أن الاستخدام الأبرز لهذه التقنيات تم في منطقة سنجان، التي توصف من قبل الحكومة الصينية بأنها "منطقة أمنية خاصة"، وتخضع منذ سنوات لإجراءات مراقبة مشددة. وفق منظمات حقوقية، فقد تم استخدام هذه الأنظمة في جمع بيانات بيومترية شاملة عن الإيغور، بما في ذلك صور الوجوه وبصمات الأصابع وعينات الحمض النووي، الأمر الذي أثار قلقًا واسعًا بشأن التوظيف القسري للتكنولوجيا في انتهاك الخصوصية والحريات.

ردود فعل داخل الولايات المتحدة
أثار التحقيق تفاعلاً سياسيًا في واشنطن. ففي 24 أيلول (سبتمبر) 2025، دعا السيناتور جوش هاولي إلى استدعاء ممثلي الشركات المعنية للمثول أمام الكونغرس، مؤكدًا ضرورة الكشف عن طبيعة تعاملاتها مع الصين. من جهتها، شدّدت السيناتورة إليزابيث وارين على أهمية فرض ضوابط أكثر صرامة على تصدير التكنولوجيا الحساسة، خاصة تلك التي قد تُستخدم في ممارسات قمعية.

أما الشركات، فقد أكدت في بيانات متفرقة التزامها بالقوانين الأميركية وأن تعاملاتها تمت عبر قنوات رسمية أو أطراف ثالثة، مشيرة إلى أنها لم تكن دائمًا على علم بكيفية استخدام المنتجات بعد تصديرها.

موقف بكين والدفاع عن السيادة
في المقابل، دافعت الحكومة الصينية عن استخدام هذه الأنظمة بوصفها جزءًا من إجراءاتها في مكافحة "التطرف والإرهاب"، رافضة الانتقادات الغربية باعتبارها "تدخلاً في الشؤون الداخلية". ووفق ما نُقل عن وزارة الخارجية الصينية، فإن أنظمة المراقبة تُستخدم لحماية الأمن الوطني وضمان الاستقرار، لا لاستهداف فئة محددة من السكان.

تكنولوجيا بلا ضوابط؟
تكشف الوثائق المسرّبة أن بعض هذه الشركات لم تكتفِ بتقديم أدوات تقنية عامة، بل ساهمت في بناء بنى معلوماتية مترابطة تشمل تحليل بيانات ضخمة، أدوات التعرف البيومتري، وربطها بمنصات حكومية، مما يشير إلى مستوى متقدّم من التعاون التقني.

وفي ظل غياب قواعد تنظيمية دولية واضحة، تثير هذه المسألة جدلاً متصاعدًا حول حدود المسؤولية الأخلاقية في تصدير التكنولوجيا، خاصة عندما تُستخدم في بيئات لا تتوفر فيها ضمانات لحقوق الإنسان أو حرية التعبير.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في اقتصاد