إيلاف من الرباط: كشف وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، أن أكثر من 70 ألف شخص تمت متابعتهم أمام القضاء خلال سنة 2024 بسبب إصدار شيكات بدون رصيد، من بينهم أزيد من 58 ألفاً في حالة اعتقال.
هذه الأرقام، التي تحدث عنها وهبي، خلال اجتماع مجلس الحكومة المنعقد الخميس بالرباط، تعكس حجم التحديات المرتبطة بالتعامل بالشيكات البنكية، وهو ما دفع الحكومة إلى المصادق على مشروع قانون جديد لتعديل مدونة التجارة تقدم به وزير العدل.
وأوضح الوزير وهبي أن هذا المشروع "يأتي لتصحيح اختلالات النظام القانوني للشيك واستعادة الثقة فيه كوسيلة أداء، مع ترشيد اللجوء إلى الاعتقال وتخفيف الضغط على المحاكم".
ويهدف مشروع القانون إلى تحديث الإطار القانوني المنظم للأوراق التجارية بما يواكب التطورات الاقتصادية والمالية الراهنة، ويعزز الأمن القانوني والمالي داخل السوق الوطنية.
ويتضمن إصلاحات جوهرية أبرزها تمكين صاحب الشيك بدون رصيد من تسوية وضعيته في أي مرحلة من مراحل الدعوى، مقابل أداء المبلغ المستحق وغرامة مالية لا تتجاوز 2 في المائة، وهو ما يؤدي إلى وقف المتابعة نهائياً دون الحاجة إلى تنفيذ عقوبة سالبة للحرية.
من جهته، أوضح مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع، أن معطيات بنك المغرب تُبرز أنه خلال السنة الماضية سُجِّلت 30 مليون عملية أداء بالشيك، بلغت قيمتها الإجمالية أكثر من 1.319 مليار درهم (131.9 مليون دولار)، مقابل 172 ألفاً و232 عارض أداء.
وتكشف هذه الأرقام، وفق بايتاس، عن "حجم التداول المالي بهذه الوسيلة، وأهمية الشيك في الدورة الاقتصادية، لكنه في الآن ذاته يُظهر الهشاشة القانونية التي تحيط بالتعامل به، وما يترتب عنها من نزاعات قضائية معقدة".
واعتبر المسؤول الحكومي أن هذا التوجه التشريعي الجديد يمثل تحولاً نوعياً في فلسفة التعامل مع الجرائم المالية، إذ ينتقل من منطق الزجر إلى منطق التسوية، بما يضمن حقوق الدائنين ويحافظ في الوقت نفسه على مقومات النشاط الاقتصادي. كما يُنتظر أن يساهم هذا الإصلاح في إنعاش حركة الأعمال وتقليص عدد القضايا المعروضة على المحاكم، إلى جانب دعم ثقة الفاعلين الاقتصاديين في الشيك كوسيلة آمنة وفعالة للأداء.
وتوقع بايتاس أن يحظى هذا الورش بأهمية خاصة خلال مناقشة المشروع في البرلمان، باعتباره إحدى الخطوات الإصلاحية الكبرى لتحسين مناخ الأعمال وتبسيط المعاملات التجارية، انسجاماً مع توجهات النموذج التنموي الجديد الذي يدعو إلى اقتصاد أكثر شفافية وجاذبية للاستثمار. وقال "بهذا الإصلاح، تراهن الحكومة على إعادة الاعتبار للشيك كأداة مالية أساسية، وتخفيف العبء عن المنظومة القضائية التي ظلت لسنوات تواجه ملفات متراكمة تتعلق بالشيكات، في انتظار أن تترجم هذه الخطوة إلى واقع ملموس يعيد التوازن بين العدالة الاقتصادية والمسؤولية القانونية".