إيلاف من الرباط: تتجه أنظار القوى الرقمية العالمية نحو المغرب كمحور استراتيجي ناشئ في استثمارات الذكاء الاصطناعي، في وقت دخلت فيه البلاد مفاوضات متقدمة مع شركاء أوروبيين ضمن برنامج “AI Factory”، الهادف إلى تمويل مشاريع الذكاء الاصطناعي وتوفير قدرة حسابية عالية لدول الجوار.
وكشفت أمل الفلاح السغروشني، الوزيرة المغربية المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، في لقاء صحافي الأحد بالرباط، أن الاتحاد الأوروبي اقترح تزويد المغرب بحاسوب عملاق، غير أن الرباط وسعت سقف طموحاتها باقتراح إنشاء ثلاث مراكز بيانات ضخمة (Data Centers)، موزعة بين مدن بنجرير والداخلة وبن سليمان.
وقالت الوزيرة السغروشني إن "هذا المقترح المغربي الطموح نال موافقة مبدئية من الجانب الأوروبي، مما يؤشر على دخول المملكة مرحلة جديدة من التموقع كقطب رقمي إقليمي بإفريقيا، يعزز سيادتها التكنولوجية ويهيّئها للعب أدوار مستقبلية في السوق الرقمية العالمية".
الولايات المتحدة والصين ضمن الشركاء المهتمين
وأشارت السغروشني إلى أن اهتمام الشركاء الدوليين لا يقتصر على أوروبا فقط، بل يشمل أيضًا الولايات المتحدة والصين، مبرزة أن هذا الزخم يعكس الثقة المتزايدة في جاذبية المملكة كأرضية آمنة للاستثمار في الذكاء الاصطناعي، لاسيما في ظل الاستقرار السياسي والموقع الجغرافي الاستراتيجي للمغرب.
وأكدت المسؤولة الحكومية أن الرهان الحقيقي يتمثل اليوم في جذب مستثمرين قادرين على بناء منظومة وطنية منتجة للبيانات وليس فقط مستهلكة لها، بما ينسجم مع رؤية المغرب في أن يتحول إلى بوابة رقمية لإفريقيا ووجهة دولية للتكنولوجيا عالية الدقة.
حماية المعطيات وتطوير الذكاء الاصطناعي
وفي سياق تهيئة المناخ التشريعي لهذه الدينامية الاستثمارية، كشفت الوزيرة المغربية عن انطلاق إعداد مشروع قانون شامل خاص بالرقمنة وحماية المعطيات الشخصية، يرتقب عرضه على البرلمان في أكتوبر المقبل، مشيرة إلى أن التطور الرقمي لا يمكن أن ينجح دون إطار قانوني صارم يحمي المعطيات الفردية، خصوصًا في مجالات حساسة مثل التعليم والسلوك المالي.
وتوقفت السغروشني عند أهمية التمييز بين المعطيات التقنية والبيانات المعرفية، مشددة على أن هذه الأخيرة، والتي تشمل معلومات تتعلق بالسلوك والتفكير، تتطلب تعاملاً أخلاقيًا وقانونيًا دقيقًا، لاسيما إذا استُخدمت في أنظمة التنبؤ المبكر أو تصنيف التلاميذ.
إصلاح الإدارة على المسار نفسه
وأضافت أن ورش الحماية الرقمية يسير جنبًا إلى جنب مع إصلاح الإدارة وتبسيط المساطر، حيث سيتم إطلاق عدد من الإجراءات التنظيمية خلال شهري أكتوبر ونوفمبر القادمين، في إطار بناء بيئة مؤسساتية حديثة ومتفاعلة مع متطلبات الذكاء الاصطناعي.
وخلصت الوزيرة المغربية إلى القول إن المغرب يعيش لحظة تحول رقمي واعدة، "تتطلب تأمين السيادة التكنولوجية من جهة، واستقطاب الرأسمال الذكي من جهة ثانية، في سبيل ترسيخ مكانته كمحور تكنولوجي قارّي ودولي".