واشنطن: طلب الرئيس جو بايدن في كلمة الاثنين من الأميركيين أن "يثقوا" في النظام المصرفي "الآمن"، مؤكداً أنه سيفعل "كل ما هو ضروري" للحفاظ عليه بعد انهيار بنك سيليكون فالي (إس في بي).
وقال بايدن "لن نتوقف عند هذا الحد" و"سنفعل كل ما هو ضروري" بعدما وضعت السلطات الأميركية البنك المتخصص في تمويل قطاع التكنولوجيا تحت الوصاية وتدخلت بسرعة في ظل إفلاس مصرفين آخرين أصغر حجماً.
كذلك أعلن الرئيس الأميركي خلال خطاب قصير من البيت الأبيض اتسم بنبرة حازمة، أنه سيطلب من الكونغرس "تعزيز" القواعد الناظمة للقطاع المصرفي التي سبق وشددت بعد كارثة انهيار مصرف ليمان براذرز العام 2008 قبل أن يخففها الرئيس السابق دونالد ترامب.
وأكد الديموقراطي البالغ 80 عاماً أن دافعي الضرائب لن يتحملوا كلفة تعويض مودعي "إس في بي".
وأوضح أن الحكومة تضمن أن يستعيد المودعون ما خسروه، لكن "ستأتي الأموال من الرسوم التي تدفعها البنوك لتأمين الودائع".
وأعلن أنه سيتم طرد مديري بنك سيليكون فالي، وذلك بعدما وعد في تغريدة الأحد "بتحميل المسؤولية" للفاعلين الماليين "الذين أحدثوا هذه الفوضى".
ويحاول جو بايدن تعزيز أهم أسس الأسواق وهي الثقة التي تمثل الحصن الوحيد ضد تداعيات واسعة النطاق لأزمة بنك سيليكون فالي.
ويأتي ذلك بعدما اتخذت السلطات إجراءات في الولايات المتحدة وأوروبا لحماية ودائع المؤسسة التي أفلست ووضعت تحت الوصاية العامة الأحد.
ضمان سحب الودائع
في الأثناء، سجلت مؤشرات الأسواق الأوروبية الرئيسية تراجعاً بأكثر من 2% عند الساعة 10,15 بتوقيت غرينتش، بينما عانت أسهم البنوك من انخفاضات حادة.
وأصدرت مجموعة من الشركات بيانات في بورصة لندن لطمأنة المستثمرين.
وكشفت السلطات الأميركية الأحد عن سلسلة إجراءات لطمأنة الأفراد والشركات بشأن متانة النظام المصرفي الأميركي، وستضمن خصوصا سحب جميع ودائع البنك المفلس ومقره ولاية كاليفورنيا.
بالإضافة إلى "إس في بي"، ستضمن السلطات الأميركية الوصول إلى جميع ودائع مؤسسة بنك سيغنتشر الذي أغلقته السلطات الناظمة في خطوة فاجأت الجميع.
من جانبها، أعلنت لندن الاثنين عن شراء بنك إتش إس بي سي للفرع البريطاني لبنك سيليكون فالي في مقابل جنيه استرليني واحد رمزي.
وقالت وزارة المال البريطانية في بيان "تم اليوم بيع بنك سيليكون فالي(المملكة المتحدة) إلى إتش إس بي سي (...) سيتمكن زبائن إس في بي يو كاي من الوصول إلى ودائعهم وخدماتهم المصرفية كالمعتاد اعتبارا من اليوم".
تجنب العدوى
تحرص السلطات على تجنب حدوث ذعر في الأسواق الاثنين وسحوبات جماعية لزبائن البنوك، وهو ما يمكن أن يكون له تأثير عدوى مدمر على القطاع.
وتعكس الإجراءات القوية التي اتخذتها السلطات الأميركية الاضطرابات التي تهدد النظام المصرفي الأميركي المتخوف أصلا من التشدد النقدي للاحتياطي الفدرالي.
وقد شجعت الزيادات في أسعار الفائدة الزبائن على استثمار أموالهم في المنتجات المالية التي تحصل على فائدة أفضل من الحسابات الجارية، وأحدثت هزّة في قطاع التكنولوجيا الجديدة المتعطشة للتمويل.
تسببت موجة عمليات السحب المصرفية التي أعقبت ذلك في عسر في ثلاثة بنوك الأسبوع الماضي: بنك سيليكون فالي، وبنك سيغنتشر، وكذلك بنك سيلفرغايت الأصغر حجما لكن المعروف بروابطه الوثيقة مع قطاع العملات المشفرة.
يعتبر بنك سيغنتشر ومقره في نيويورك البنك الحادي والعشرين الأكبر في الولايات المتحدة، فقد قدّر الاحتياطي الفدرالي أصوله بمبلغ 110 مليار دولار في نهاية عام 2022. وهو ثالث أكبر بنك يفلس في تاريخ الولايات المتحدة بعد "إي في بي" وواشنطن ميوتشوال عام 2008.
وقال مسؤول في وزارة الخزانة إن "النظام المصرفي أكثر قدرة على المقاومة ولديه أساس أفضل بكثير مما كان عليه قبل الأزمة المالية لعام 2008"، مضيفا أن جميع الإجراءات التي تم الكشف عنها الأحد "ضرورية لمعالجة المخاطر الشاملة التي لاحظناها في الأسواق المالية".
وقال مسؤول في الاحتياطي الفدرالي إن الحل الذي أُعلن عنه الأحد يحمي المودعين، لكن المساهمين في بنك سيليكون فالي وسيغنتشر "سيخسرون كل شيء".
في الوقت نفسه، طرحت السلطات الأميركية "إس في بي" للمزاد بهدف إيجاد مشترٍ في أقرب وقت.
طمأنة أوروبية
السباق ضد الزمن في نهاية الأسبوع الماضي يذكّر بيومي 13 و14 أيلول/سبتمبر 2008، عندما فشلت السلطات الأميركية في العثور على مشتر لبنك ليمان براذرز ورفضت التدخل، ما دفع المصرف إلى اشهار إفلاسه مع عواقب وخيمة على القطاع المالي والعالمي والاقتصاد ككل.
وأكد مفوض الاقتصاد في الاتحاد الأوروبي باولو جينتيلوني الاثنين أن انهيار بنك سيليكون فالي في الولايات المتحدة لا يمثّل تهديدا خطرا لأوروبا، في ظل مخاوف المستثمرين من إمكانية انتقال العدوى.
وقال جينتيلوني للصحافيين في بروكسل مع تراجع الأسهم الأوروبية بشكل كبير في تداولات فترة بعد الظهر إن "احتمال التأثير غير المباشر هو أمر علينا مراقبته، لكنني لا أرى حالياً في الأمر خطراً كبيراً".
في ألمانيا، أكدت سلطة الرقابة المالية الفدرالية الاثنين أن إفلاس "إس في بي" لا يشكل "تهديدًا للاستقرار المالي" في البلاد. كما أكد وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير أن البنوك الفرنسية ليست في خطر، وقال "لا أرى أي خطر عدوى".
وشدد لومير على أن البنوك الفرنسية "ليست نشطة في قطاع واحد" مثل بنك سيليكون فالي الذي كان يعمل بشكل حصري تقريباً مع قطاع التقنيات الجديدة.
أعرب كثيرون عن قلقهم بشأن تداعيات إفلاس "إس في بي" على قطاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة ولكن أيضًا خارجها.
من جانبها، قالت رابطة القطاع التكنولوجيا البريطاني إن بيع فرع بنك سيليكون فالي إلى إتش إس بي سي سوف "يخفف" من الوضع في "محيط قطاع التكنولوجيا".