مدريد: دخلت تدابير الاقتصاد في استهلاك الطاقة التي أقرّتها الحكومة الإسبانية اليسارية في سياق الخطّة الأوروبية للحدّ من واردات الغاز الروسي، وعلى رأسها التخفيف من استخدام المكيّفات الهوائية، حيّز التنفيذ الأربعاء في الأماكن التي تستقبل العامة في إسبانيا.
ونصّ مرسوم حكومي على حدّ التكييف الهوائي بـ 27 درجة مئوية في الجزء الأكبر من المتاجر والمؤسسات الثقافية (دور السينما والمسارح) ومنشآت النقل، مثل المطارات ومحطات القطار. أما في الشتاء، فينبغي ألا تتخطّى التدفئة في هذه المواقع 19 درجة.
وفي مقابلة مع التلفزيون الإسباني العام، أوضح خوان غرويثارد مدير معهد تنويع مصادر الطاقة والاقتصاد في استهلاكها في وزارة الانتقال البيئي أن "الهدف من هذه الخطّة هو الاقتصاد في استهلاك الغاز استعدادا للشتاء في حال قرّر بوتين قطع إمدادات الغاز عن أوروبا في وجه العقوبات" المفروضة على روسيا.
وينصّ أيضا هذا المرسوم الذي اعتمد الأسبوع الماضي على إطفاء أضواء واجهات المتاجر وإنارة المباني العامة اعتبارا من العاشرة مساء.
وباتت المراكز التي تعتمد التكييف الهوائي أو التدفئة ملزمة بآلية تضمن الإغلاق التلقائي للأبواب تفاديا لهدر الطاقة، وذلك اعتبارا من 30 أيلول/سبتمبر.
ولا يذكر المرسوم العقوبات التي قد يتعرّض لها المخالفون. ويعود للسلطات الإقليمية أن تحرص على حسن تطبيق هذه التدابير، علما أن البعض منها، وهي تلك التي يديرها الحزب الشعبي (المعارض)، لا ينظر إلى هذه الإجراءات بعين الرضى.
وأعلنت سلطات منطقة مدريد، وهي الأشدّ معارضة لهذه التدابير، أنها ستقدّم طعنا أمام المحكمة الدستورية، أعلى سلطة قضائية في البلد، بالاستناد إلى عشرة بنود ترى فيها مخالفة للدستور.
تدابير أولية
وكانت إسبانيا قد اتّخذت تدابير أولية في نهاية أيار/مايو في ما يخصّ المباني العامة، مع الحدّ من استخدام المكيّفات الحرارية وتشجيع العمل من المنزل، في سياق الجهود التي دعت إليها المفوضية الأوروبية لوضع حدّ للارتهان الأوروبي بالغاز الروسي الذي تجلّى بوضح خلال الحرب في أوكرانيا.
والثلاثاء الماضي، بدأ تطبيق خطّة أوروبية لخفض استهلاك الغاز عبر القارة بنسبة 15 في المئة للتعامل مع أزمة أسعار الطاقة التي أثارتها الحرب الروسية على أوكرانيا.
ويتمثّل الهدف في أن يتمكن الاتحاد الأوروبي من تعزيز احتياطاته من الغاز قبل شتاء يتوقع بأن يكون صعبا للغاية. ويضغط الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة وانخفاض إمدادات الغاز الروسي التي تعتمد عليها عدة دول أعضاء على العائلات والأعمال التجارية في أوروبا.
وجاء في الخطّة أن دول الاتحاد الأوروبي "ستبذل كل ما في وسعها" لخفض استهلاك الغاز "بنسبة 15 في المئة على الأقل" بين آب/أغسطس هذا العام وآذار/مارس العام المقبل، بناء على معدّل الكمية التي استهلكتها على مدى السنوات الخمس الماضية.
لكن بعض دول الاتحاد الأوروبي حظيت باستثناءات من وجوب اتباع هذه القاعدة بشكل صارم، وهو ما أطلق عليه "خفض طوعي على الطلب".
وهذه الدول أما غير مرتبطة بالكامل بشبكة الكهرباء الأوروبية أو بخطوط أنابيب مع أجزاء أخرى من الاتحاد الأوروبي أو أنها غير قادرة على توفير ما يكفي من الغاز الواصل إليها عبر خطوط الأنابيب لمساعدة دول أعضاء أخرى.
وخفّضت النسبة من 15 % إلى 7 % لإسبانيا والبرتغال.
وبحسب شركة "إنرغاز" التي تدير شبكة الغاز في إسبانيا، كانت الولايات المتحدة في حزيران/يونيو أكبر مزوّد للغاز (29,6 %) تليها روسيا (24,4 %).
ولطالما كانت الجزائر أكبر مزوّد للغاز في إسبانيا، وهي تراجعت إلى المرتبة الثالثة في حزيران/يونيو (21,6 %) بسبب خلاف دبلوماسي بين البلدين.