واشنطن: حذّرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا من أنّ النمو العالمي سيتراجع "قليلًا" هذا العام معربة عن قلقها بإزاء الهوة المتزايدة بين الدول الغنية المستفيدة عالميًّا من الإنتعاش الإقتصادي والدول الفقيرة المتضرّرة من نقص اللّقاحات.
وقالت غورغييفا "نتوقّع الآن أن يتباطأ النمو قليلًا هذا العام" عمّا توقّعه صندوق النقد الدولي في تموز/يوليو. ولو عادت الدول الأغنى إلى المستوى الذي كانت عليه قبل الوباء بحلول العام 2022، فإنّ "البلدان الناشئة والنامية ستبقى في حاجة إلى سنوات عدة للتعافي" من الأزمة التي سبّبها وباء كوفيد-19".
وتابعت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي في كلمة ألقتها إفتراضيًّا في جامعة بوكوني في ميلانو قبل إجتماعات الخريف للمنظّمة وللبنك الدولي "نحن نواجه تعافيًا عالميًّا يعوقه الوباء وتأثيره".
وكان من المقرّر أن تحضر غورغييفا إلى ميلانو شخصيًّا. وردًّا على استفسار لوكالة فرانس برس، لم تحدّد الناطقة باسمها سبب إلغاء هذه الرحلة في النهاية.
وأضافت "نحن غير قادرين على المضي قدمًا بشكل صحيح، يبدو الأمر كما لو أنّنا نسير وهناك حجارة في أحذيتنا!".
توقعات الإقتصاد العالمي
في تموز/يوليو، راجع صندوق النقد الدولي توقّعاته للنمو العالمي صعودًا إلى 6 بالمئة هذا العام. لكنّ ذلك كان قبل أن تنتشر المتحوّرة دلتا في أنحاء العالم.
وستنشر المنظّمة التي تتّخذ من واشنطن مقرًّا توقعاتها الإقتصادية العالمية المحدّثة في غضون أسبوع خلال افتتاح إجتماعاته السنوية.
لكن كما جرت العادة، يلقي المدير العام للصندوق أو مديرته العامة خطابًا يكون بمثابة "إزاحة الستار" عن المشهد العام للإقتصاد العالمي.
ولفتت غورغييفا إلى أنّ الولايات المتحدة والصين، القوّتان الإقتصاديتان الرائدتان في العالم، ما زالتا "المحرّكَين الأساسيَّين للنمو حتى وإن كان انتعاشهما يتباطأ".
تستمر بعض الإقتصادات المتقدّمة والناشئة في النمو "بما فيها إيطاليا وأوروبا على نطاق أوسع".
تدهور النمو
من ناحية أخرى "في العديد من البلدان الأخرى، يستمر النمو في التدهور ويعيقه قلة الوصول إلى اللّقاحات والإستجابة السياسية المحدودة، خصوصًا في بعض البلدان المنخفضة الدخل" وفق غورغييفا.
كلما طال الوقت الذي يستغرقه التعافي، ازداد التأثير الطويل الأمد في هذه البلدان خصوصًا في ما يرتبط بفقدان الوظائف الذي يؤثّر خصوصًا على الشباب والنساء والعمال غير القانونيين، بحسب غورغييفا.
وهي لفتت إلى أنّ العقبة الأكثر إلحاحًا هي "الفجوة الكبيرة في حملات التلقيح العالمية" موضحة أنّ "العديد من البلدان التي ليس لديها القدرات للحصول على اللقاحات، تترك الكثير من الأشخاص غير محميين ضد كوفيد" وحضّت على زيادة إعطاء الجرعات "بشكل كبير".
وتابعت "ينبغي للدول الغنية الوفاء بتعهداتها بشكل فوري" فيما حدّد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي هدفًا يتمثّل في تلقيح 40 بالمئة من سكان العالم بحلول نهاية العام الحالي و70 بالمئة بحلول النصف الأول من عام 2022.
وإضافة إلى مشكلة التلقيح، تواجه بعض الدول الناشئة والإقتصادات النامية ارتفاعًا في أسعار المعيشة "يرجّح أنها ستستمر" وفقًا لصندوق النقد الدولي.
أسعار الغذاء العالمية
وقالت غورغييفا إنّ الزيادة في أسعار الغذاء العالمية، بأكثر من 30 بالمئة خلال العام الماضي، "مقلقة بشكل خاص". وأضافت "إلى جانب ارتفاع أسعار الطاقة، يضع هذا مزيدًا من الضغط على العائلات الأكثر فقرًا".
وأوصت بأن تبقى المصارف المركزية "جاهزة للتحرّك بسرعة إذا تعزّز الإنتعاش الإقتصادي بشكل أسرع من المتوقّع أو إذا أصبحت مخاطر التضخّم ملموسة".
كذلك، دعت غورغييفا الحكومات إلى تسريع الإصلاحات لضمان الإنتقال إلى إقتصاد أخضر يولد وظائف جديدة.
وفي النهاية، أشارت إلى مشكلة الدين العام العالمي الذي وصل الآن، وفق حسابات صندوق النقد الدولي، إلى حوالى 100 بالمئة من الناتج المحلّي الإجمالي للإقتصاد العالمي.