تلغراف: "تيك توك" يعرض أمن بلادنا وأمان أولادنا للخطر

أغلق البرلمان البريطاني حسابه على تيك توك بسبب مخاوف من مراقبة الدولة الصينية، لكن التطبيق الأكثر استخدامًا في العالم يستمر في النمو، غلى الرغم من تهديده صحة الأطفال.

إيلاف من بيروت: يعيش تطبيق تيك توك صيفًا عاصفًا. منصة مشاركة الفيديو، التي غيرت نمط التواصل الاجتماعي في غضون خمس سنوات فقط، هي الآن التطبيق الأكثر استخدامًا في العالم. لكن تم ربطه أخيرًا بوفاة آرتشي باترسبي (12 عامًا)، الذي تم إيقاف الماكينات التي كانت تبقيه حيًا في 6 أغسطس بعد معركة قانونية طويلة. كما اتهم التطبيق مؤخرًا بزيادة التشنجات اللاإرادية لدى الفتيات المراهقات والتوجه إلى الشباب بمحتوى يحثهم على كراهية للنساء.

وبحسب تقرير نشرته "تلغراف" البريطانية، أصبح هذا التطبيق في الأسبوع الماضي مصدر قلق للأمن القومي البريطاني، فأغلق البرلمان حسابه فيه بسبب مخاوف من مراقبة الدولة الصينية، ورأى النائب المحافظ نوس غني في ذلك خطوة إيجابية "لإظهار سعينا الجاد في الدفاع عن قيمنا وحماية أمننا ومشاركة مخاوفنا".

فهل يتم يستخدم للحزب الشيوعي الصيني تيك توك لمآربه الخاصة، أم تمثل هذه المنصة حيزًا للفوضوى، أم مركزًا ثقافيًا مثيرًا، أو مجرد مساحة آمنة للمتعة؟ يقول تقرير "تلغراف" إن الجواب هو كل ما سبق.

بين سبتمبر وديسمبر من العام الماضي، كان موقع تيك توك الأكثر شعبية في العالم، وأتى فيسبوك في المركز الثالث. بدأ أنه يطيح عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي عن عروشها. عندما أبلغت "ميتا" مؤخرا عن أول خسارة في إيراداتها على الإطلاق، ألقى الجميع باللوم على تيك توك. وأظهرت مذكرة داخلية مسربة من باحث في "ميتا" أن حضور المراهقين الفاعل على فيسبوك انخفض بنسبة 13 في المئة منذ عام 2019، ومتوقع أن ينخفض 45 في المئة أخرى خلال العامين المقبلين. في الوقت نفسه، ينضم ثمانية مستخدمين جدد إلى تيك توك كل ثانية، ما يعني أنه يضيف ما يضاهي عدد سكان هلسنكي إلى منصته في كل يوم. ووصلت إيرادات تيك توك نحو 4 مليارات دولار في العام الماضي، ومتوقع أن تصل إلى 12 مليار دولار في هذا العام، وإلى 23 مليارًا في عام 2024.

من أين بدأ كل شيء؟

هذا التطبيق هو نسخة دولية من "دوويين"، وهو تطبيق فيديو صيني أطلق في عام 2016. منذ البداية، شاعت مخاوف بشأن خصوصية البيانات في الموقع. على الرغم من تأكيدات تيك توك بأن بيانات المستخدم من خارج الصين سيتم تخزينها على خوادم في بلدان أخرى، وجد تحقيق أجرته "بازفيد" أن المهندسين الصينيين تمكنوا من الوصول إلى البيانات الأميركية بين سبتمبر وديسمبر من العام الماضي. وبحسب "تلغراف"، يقول تيك توك: "اليوم، يتم توجيه 100 في المئة من حركة المستخدمين الأميركيين إلى مركز بيانات أميركي. نتحمل أيضا مسؤوليتنا عن حماية مجتمعنا، سواء في كيفية معالجة المحتوى الذي يحتمل أن يكون ضارا أو كيفية حمايتنا من الوصول غير المصرح به إلى بيانات المستخدم". ويعتقد بعض الخبراء أن المخاوف بشأن الخصوصية والأمن القومي مبالغ فيها، حيث أن الأميركيين على وجه الخصوص لا يتمتعون بحماية عالية بموجب قوانين خصوصية البيانات، ويمكن العثور على معظم هذه المعلومات بسهولة على الإنترنت. لم يجد مختبر سيتيزن في جامعة تورنتو أي علامة على أن تيك توك جمع جهات اتصال أو صورًا أو مقاطع فيديو أو بيانات من دون إذن.

يقول توبي لويس، الذي أمضى 15 عاما في وحدة الاستجابة لتهديدات الأمن السيبراني التابعة لحكومة المملكة المتحدة وهو الآن الرئيس العالمي لتحليل التهديدات في "داركترايس": "نفترض أن للحكومة الصينية الحق في الوصول إلى جميع بيانات تيك توك. فبيانات مستخدم تيك توك هي أشياء مثل عادات التصفح، ومقاطع الفيديو التي تعجبه ... قد تكون هناك مشكلات تتعلق بالخصوصية - ويمكن أن يحددها أي جهاز البرلماني - لكن التطبيقات لا يمكنها الاطلاع إلا على القليل من المحتوى العام في الهاتف".

في الواقع، يجمع تيك توك بيانات أقل عن مستخدميه مقارنة بمعظم منصات التواصل الاجتماعي، وفقًا لمجلس الشيوخ الأميركي. يعتقد بليك تشاندل، رئيس حلول الأعمال العالمية في تيك توك والموظف السابق في فيسبوك، أن هناك سببا بسيطا واحدا لذلك: "فيسبوك منصة اجتماعية. نحن منصة ترفيهية. الفرق كبير". فخوارزمية تيك توك المتقدمة لا تهتم بشبكة الأصدقاء والعائلة والمعارف غير الرسمية التي يجمعها مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي. بدلا من ذلك، تراقب شيئا واحدا هو مقدار الوقت الذي يقضيه المستخدم في مشاهدة مقطع فيديو، فتكتشف ما يحب مشاهدته ويظهر له المزيد من النوع نفسه". وبهذه الطريقة، هو أقرب إلى نتفليكس من فيسبوك.

ساعات أمام الشاشات

وفقًا لوكالة "نتوورك إي سي" للتسويق الرقمي، يقضي المستخدمون 25.7 ساعة شهريا على تيك توك، مقارنة بنحو 16 ساعة على فيسبوك و 7.9 ساعات على إنستاغرام. طبق باحثون في جامعة ترينيداد وتوباغو مقياس إدمان فيسبوك على مستخدمي تيك توك، ووجدوا أن أقل قليلًا من سبعة في المئة من المستخدمين معرضون لخطر الإدمان. وتظهر أرقام "أوفكوم" أن هذا التطبيق هو مصدر الأخبار الأسرع نموا للبالغين في المملكة المتحدة. يستخدم سبعة في المئة التطبيق بوصفه مصدر أخبار، ولكن بالنسبة للمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و 15 عاما، فإن النسبة تبلغ 28 في المئة.

واتهمت شركة "بايت دانس"، مالكة شركة تيك توك، بالعمل مع الحزب الشيوعي الصيني لفرض رقابة على محتوى المستخدمين حول الموضوعات المثيرة للجدل. فالخوف من استمالة الحزب الشيوعي الصيني لتيك توك للتأثير على الانتخابات يحوم على حافة مناقشات تيك توك - على الرغم من وجود أدلة أكاديمية محدودة على أن أي منصة تواصل اجتماعي كان لها تأثير كبير على الانتخابات. طلبت الحكومة الصينية حسابًا مقنعًا لنشر الدعاية على تيك توك، على الرغم من رفض الطلب تدخل مستخدمو تيك توك في الانتخابات والاحتجاجات السياسية. تم منع تويتر ويوتيوب بطرق مماثلة، ما دفع الحكومة إلى سن مشروع قانون للأمن القومي مرتبط بمشروع قانون السلامة على الإنترنت في بداية يوليو. وهذا يعني أن على منصات التواصل الاجتماعي واجب قانوني لتقليل المعلومات المضللة التي ترعاها الدول أو المرتبطة بها والتي تتداخل مع المملكة المتحدة.

تتنصل من التحدي

ربما كان التحدي الأكثر إثارة للجدل هو Blackout Challenge. تواجه شركة تيك توك ثلاث دعاوى قضائية بعد وفاة ثلاثة أطفال صغار، والتي تجادل بأن الشركة 'كانت تعرف بلا شك' أن التحدي كان ينتشر بسرعة كبيرة وأن 'الفشل في اتخاذ إجراءات فورية ومهمة لوقف انتشار التحدي سيؤدي إلى المزيد من الإصابات والوفيات، خصوصًا بين الأطفال'.

فقد أشارت هولي دانس، والدة آرتشي باترسبي، إلى أنه رأى التحدي على تيك توك. (تم العثور على الطفل البالغ من العمر 12 عاما فاقدا للوعي في أبريل مع رباط حول رقبته). وردّ تيك توك أن التحدي "يسبق منصتنا بفترة طويلة ولم يكن أبدا اتجاهًا سائدًا على تيك توك، وما زلنا يقظين في التزامنا سلامة المستخدم وسنقوم على الفور بإزالة المحتوى ذي الصلة إذا تم العثور عليه".

مهما كانت حقائق قضية باترسبي، فإن التطبيق بحاجة إلى تنظيم. في يونيو الماضي، أعلنت ألكسندرا إيفانز، مديرة السلامة في الشركة، عن أدوات جديدة مصممة لمساعدة المراهقين على إدارة وقت الشاشة الخاص بهم، أو مساعدة الآباء على إدارته نيابة عنهم. وتواصل الشركة الإصرار على أنها يمكن أن تكون قوتها موجهة إلى الخير. وهي جندت عشرات الآلاف من مشرفي المحتوى للتعامل مع التشريعات المقبلة بما في ذلك مشروع قانون الأضرار من خلال الإنترنت في المملكة المتحدة الذي يصنف تيك توك منصة من الفئة الأولى مثل فيسبوك وتويتر، ما يعني أن عليها مسؤوليات مرهقة.

^{أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "تلغراف" البريطانية}