: آخر تحديث
"إيلاف" تقرأ لكم في أحدث الإصدارات العالمية

من مدمن ملذات في "بلد طيب" إلى ثائر على الذات!

413
405
341

إيلاف: تعتبر رواية "بلد طيب" هي ثالث رواية في ثلاثية تقتفي أثر 3 أجيال من إحدى العائلات الكردية، وتتنقل أحداثها من إيران إلى الولايات المتحدة. 

تروي الرواية قصة شخص يدعى رضا (اسمه بالكامل علي رضا)، وقد كان عمره في بداية الرواية 14 عامًا، وفي نهايتها أصبح في الـ 18 عامًا. استمدت الكاتبة عنوان الرواية من وصف والد بطلها للولايات المتحدة، فأول مشهد يظهر فيه هذا الأب في الرواية يتضح أنه رجل عنيد، أو كما كان ينظر إليه ابنه رضا على أنه "طاغية بدون سبب"، وذلك عندما تعرّض لإذلال عنيف على يديه لحصوله على الدرجة "B" في امتحان مادة التاريخ في المدرسة.

لهو وتفلت
تناغمت أجزاء الرواية مع بعضها البعض بالنسبة إلى قصة تدور حول فكرة المراهقة في مدينة لاغونا بيتش في ولاية كاليفورنيا، وتمرّد شاب مهاجر من الجيل الثاني على

الطيبة وحدها لا تكفي... رحلة البحث عن الذات  

أبوين طموحين ومجتهدين في العمل. كان اسم الأب في الرواية "صلاح الدين كوردي" – وهي (كوردي) أمركة لكلمة كردي – بينما جاء اسمه الأول ليُذَكِّر بأشهر كردي في التاريخ.

حرصت كاتبة الرواية، لاليه خديفي، في كتابها بلد طيب (A Good Country المؤلف من 256 صفحة، 27 $) على وضع سلسلة من القرائن في السرد بغية الإشارة إلى ما تواجهه الأسر المهاجرة من صعوبات لتتمكن من التوطد في أميركا وأيضًا لإبراز أوجه القلق المتناقضة بين الأجيال مع احتمال توجّهها نحو تمزّق عنيف.

كان رضا معتادًا في البدايات على تدخين كميات كبيرة من المخدرات، وممارسة الجنس وممارسة رياضة ركوب الأمواج باحترافية كبيرة، وقد استطاعت خديفي أن تضيف بمهارة لحظات من التأمل وعدم الارتياح بتلك الحلقة من الاستيعاب المحموم، حيث أظهرت رضا في حفل عشاء مع والديه، وهو يتناول أرزًا وخنة باذنجان، وسلطت الضوء على عدم وجود فضول لديه لمعرفة أية تفاصيل عن حياتهم الماضية في إيران، وكذلك حسده لهدوء وأريحية أصدقائه الأميركيين "البيض".

عقدة الاضطهاد
كما كان رضا يحرص على تجنب الحديث بشكل صريح عن العرق وهويات الأجداد، وذلك ربما لكي يشير إلى مساهمته في أسطورة أميركا، رغم مواصلة الوالدين التعهد باختلافهما، فلا يزال الوالدان يحافظان على نوعية الأكلات الخاصة بمطبخهم، ولا يزالان يتحدثان الفارسية والعربية، ويخططان لترتيب زيجات لأطفالهما. وتلك هي التوترات المألوفة في مجتمع المهاجرين، حتى لو كان مجتمعًا ثريًا مثل هذا المجتمع.

عندما قام الشقيقان تسارناييف بتفجيرات بوسطن، بدأت بعدها الأمور تتغير بالنسبة إلى رضا. ومن الواضح أن الرواية كانت تمهّد لشيء مشابه، لأن الشاب رضا "الساذج" كان يشعر بأنه منبوذ في مرحلة ما. وهي الرسالة التي نقلتها إليه صديقته، فاتيما، حيث أخبرته: "أنت مهاجر، أو ابن أحد المهاجرين، وهذا ليس وطنك". 

جاء الجزء الافتتاحي للرواية بعنوان "لاغونا بيتش، كاليفورنيا، خريف 2011"، ولم يتم التطرق إلى أحداث الحادي عشر من سبتمبر إلا بعدها بفترة طويلة، رغم الإشارة إلى الحروب التي نشبت في العراق وأفغانستان. ولم يكن ممكنًا ألا تؤثر تلك الأخبار في ابن رجل كردي إيراني وابنة مهاجرين سوريين من حلب، وربما قصدت خديفي أن تلزمهما الصمت كصورة من صور الإنكار. 

انعطافة شاملة
مع مرور الوقت، بدأ رضا يكبر، وبدأ ينظر إلى والده بشكل مختلف، كما بدأ يسعى إلى معرفة تفاصيل وأمور متعلقة بماضيه. ثم بدأ ينسحب من حياته التي هيمنت عليها سمات الحياة الأميركية، وبدأ يقضي مزيدًا من الوقت مع صديقه السوري الموهوب أراش. 

يتسم السرد في تلك الجزئية بكثير من جوانب الإثارة، ولا يكتمل عنصر الإمتاع فيها إلا بقراءتها بشكل كامل. ومن باب الفضول، بدأت فاتيما تذهب إلى المسجد، ثم قررت بعدها ارتداء الحجاب. 

وبعدما أهداه والده رحلة إلى بالي، عقب إنهاء دراسته، للاستمتاع برياضة ركوب الأمواج هناك، بدأ يتردد على مسجد بسيط في الحي الذي كان يقيم فيه، وبدأ يتدبر الإسلام المتشدد. 

يمكن القول إن الرواية نجحت في رسم الرحلة التي يمكن أن ينتقل من خلالها الإنسان إلى عالم التطرف، وأن تلك الحلقات الأخيرة نجحت في نقل الأحداث إلى ذروة مؤثرة. 


 أعدت «إيلاف» هذا التقرير بتصرف نقلًا عن «الغارديان». المادة الأصلية منشورة على الرابط:

 

https://www.theguardian.com/books/2017/jul/15/a-good-country-laleh-khadivi-fiction-review-islam-radicalisation

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ثقافات