إيلاف من لندن: هل يمكن أن تكون هذه أول صورة ملونة على الإطلاق للملك عبد العزيز؟ وهل تضم هذه المجموعة الفوتوغرافية أول صور ملونة التقطت في المملكة العربية السعودية؟ هذه الأسئلة المثيرة تتردد أصداؤها في لندن هذا الأسبوع، حيث أطلقت مكتبة الملك عبد العزيز العامة رسمياً معرضها الاستثنائي لكنوز بصرية نادرة توثق رحلة تاريخية قامت بها الأميرة أليس، حفيدة الملكة فيكتوريا، إلى المملكة عام 1938.
المعرض، الذي يُقام بالتعاون مع سفارة خادم الحرمين الشريفين بلندن ويستمر حتى 14 تشرين الثاني (نوفمبر)، تم افتتاحه رسمياً أمس في مقر الجمعية الجغرافية الملكية المرموقة، بحضور نخبة من الدبلوماسيين والمختصين وأحفاد الأميرة.

وشهد حفل الإطلاق حضور القائم بالأعمال السعودي بندر السديري، ومدير الجمعية الجغرافية الملكية البروفيسور جو سميث، والصحافي البارز في "التايمز" مايكل بينيون، والسيدة فيرجينيا فوربس (المساعدة الشخصية للأمير تركي الفيصل)، وعضو البرلمان البريطاني السابق مارك ماكنزي، بالإضافة إلى كيت بومونت (حفيدة الأميرة أليس) والليدي موراي (حفيدة حفيدة الأميرة أليس).

كنوز بصرية من عدسة أميرة
يشتمل المعرض على صور فوتوغرافية نادرة باللونين الأبيض والأسود، لكن المفاجأة الأكبر تكمن في وجود بعض الصور التي يُعتقد أنها أول صور ملونة التقطت في السعودية على الإطلاق. بل إن إحدى هذه الصور، التي تجمع الملك عبد العزيز مع زوج الأميرة البريطانية ويظهر فيها أيضاً الأمير (الملك لاحقاً) فيصل والأمير (الملك لاحقاً) عبد الله بن عبد العزيز، قد تكون أول صورة ملونة معروفة للملك المؤسس.
وإلى جانب الصور، تعرض المكتبة أيضاً فيلماً سينمائياً نادراً صورته الأميرة خلال الرحلة، بالإضافة إلى يومياتها ومذكراتها الأصلية التي كتبتها على شكل رسائل مؤثرة وجهتها إلى ابنتها، مما يجعل هذا التوثيق شاملاً وفريداً.

من هي الأميرة أليس وما أهمية رحلتها؟
تعتبر رحلة الأميرة أليس وزوجها إيرل أثلون في أواخر عام 1357 وبداية 1358 هـ (1938م) حدثاً تاريخياً بحد ذاته. فقد كانت الأميرة أليس أول فرد من أي عائلة مالكة بريطانية أو أوروبية يزور المملكة العربية السعودية رسمياً. وقد حظيت الزيارة باهتمام كبير من القيادة السعودية آنذاك، وتشرف الزوجان الملكيان بلقاء الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، في لقاء أرست قواعده روابط تاريخية عميقة بين المملكتين.

رحلة الأميرة أليس: عبور الجزيرة العربية عام 1938
لم تكن مجرد زيارة بروتوكولية، بل كانت رحلة استكشافية ملحمية استغرقت حوالى ثلاثة أسابيع. انطلقت القافلة الملكية من غرب المملكة وعبرت قلب الجزيرة العربية إلى شرقها، مروراً بالطائف، ثم بئر عشيرة والدوادمي، وصولاً إلى الرياض حيث أقاموا في قصر الضيافة الملكية بالبديعة وزاروا الدرعية التاريخية.
واصلت القافلة رحلتها نحو ساحل الخليج العربي، فتوقفت في الأحساء، ثم العقير، فالدمام. ومن هناك، أبحر الوفد إلى مملكة البحرين، قبل أن يستقلوا الطائرة عائدين إلى القاهرة ثم إلى وطنهم.

المكتبة الحارسة للذاكرة
وتحتفظ مكتبة الملك عبد العزيز العامة بالمجموعة الأصلية الكاملة لصور الأميرة أليس، والتي تضم 324 صورة فوتوغرافية نادرة. وتأتي استضافة هذا المعرض كجزء من دور المكتبة المحوري كحارسة للذاكرة الوطنية والإرث الثقافي. فهذه المؤسسة الثقافية والمعرفية الخيرية، التي أنشأها الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز عام 1988 في الرياض، تضع الإنسان وتنمية جوانبه الفكرية في صلب اهتمامها.
وتهدف المكتبة إلى توفير مصادر المعرفة وتنظيمها وتيسيرها للباحثين، وتوثيق تاريخ المملكة والملك المؤسس، ورصد التراث العربي والإسلامي وإحيائه. كما تلعب دوراً مجتمعياً بارزاً عبر إقامة الندوات والمعارض، ودعم البحث العلمي والنشر، وتنمية ثقافة الطفل والمرأة.
وتتبنى المكتبة مشاريع ثقافية مستدامة ضخمة، مثل "موسوعة المملكة العربية السعودية" التوثيقية، و"مركز دراسات الفروسية" (الذي يضم أكثر من 3000 كتاب)، و"مركز الترميم" للحفاظ على التراث، و"مركز الفهرس العربي الموحد" لنشر الفكر العربي، و"المكتبة الرقمية العربية"، بالإضافة إلى "جائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة"، مما يجعلها منارة معرفية رائدة في المنطقة.


 
			
			