قالت ليلى السليماني، الكاتبة الفرنسية من أصل مغربي ، الحاصلة على جائزة"الغونكور" إن شغفها بالكتابة ظهر في سن متقدمة، حينما كانت طفلة مولعة ومهتمة بقصص الخيال أكثر من الواقع، لتتكون شخصيتها تدريجيا وتصبح مهووسة بالقراءة، والتي تسمح بالانسلاخ عن العالم المألوف، حيث يمنح سحر الكلمات للفرد الشعور بالحرية والإحساس.
وأضافت السليماني في لقاء لها بالمكتبة الوطنية بالرباط مساء الخميس " ان الكتابة تمرين صعب، والأدب عالم مترامي الأطراف، يجعلنا متطلبين، وبمجرد ولوجه نصبح أشخاصامعاقين ، حينما نقارن أنفسنا بالأدباء الكبار".
حالة قلق
وبشأن حصولها على جائزة"الغونكور" والتي تعتبر أرقى الجوائز الأدبية الفرنكفونية عن روايتها"أغنية هادئة"، قالت السليماني "أنا دائما في حالة قلق من الأعمال التي أقدمها وحتى قبل حصولي على الجائزة، يظل هاجس القلق والتوجس حاضرا لدي، أعتقد أنه من الضروري للفرد أن يظل على سجيته وطبيعته".
وأكدت السليماني أن امتهانها للصحافة جعلها تطرح المزيد من الأسئلة من أجل كشف الخبايا، إلا أنها لا تسمح بسرد حياة الناس في صفحات مطولة، كما هو الشأن بالنسبة للهامش المهم الذي يتيحه الأدب، والذي يمكن من إزاحة الستار عن أشياء لا يمكن ملامستها.
وانتقدت ،في السياق ذاته ، تصنيف الكتابة على أساس الجنس، على اعتبار أنه لا وجود للكتابة النسائية، وبالتالي فالنساء لا يكتبن بمعزل عن القضايا التي تهم المجتمع، إلا أن معالجة الرجال لمواضيع بشكل أكثر مما قدمته النساء قد يرجح هذا التصنيف الخاطئ، وفق تعبيرها.
ثقافة مزدوجة
و حول انتمائها لثقافة مزدوجة تجمع بين المغرب وفرنسا والرهانات التي تطرحها من خلال أعمالها، اكدت أن العائق الأكبر الذي يواجه الكتاب المغاربيين عموما في ديار المهجر يتمثل في حصرهم في معالجة مواضيع معينة تهم قضايا الهجرة والإسلام وغيرها من الأمور المتداولة، في حين أنهم يهتمون بالعديد من المجالات، ولديهم خيال واسع وغني. و هنا ، تقول السليماني" أسوق مثالا عشته شخصيا، حينما أخبرت إحدى صديقاتي بالعمل الذي أقوم بالتحضير له، لأتفاجأ من ردة فعلها حينما خاطبتني قائلة أنها تعرف مسبقا الموضوع الذي سأتناوله والذي يتمحور حول المعاناة والصعوبات التي أواجهها كمهاجرة مغربية مقيمة في فرنسا، والحال أنه مختلف تماما عما خمنته تلك الصديقة".
و بخصوص إصداراتها المستقبلية، قالت الروائية" هناك مؤلف جديد، يتناول ملف الجنس بالمغرب، وهو عمل تحليلي، يحمل شهادات لنساء يتحدثن عن الجنس، في الوقت الذي طرحت فيه نقاشات تهم المثلية الجنسية، وقضية زواج الفتاة من مغتصبها، والتي تنتهي بحالات مأساوية، كما هو الحال في قضية أمينة الفيلالي التي انتحرت بسبب هذا الأمر.
و شهد اللقاء الذي نظمه المعهد الثقافي الفرنسي بالرباط حضور الممثلة المغربية فاطم العياشي، والتي قامت بتنشيطه عن طريق القيام بمحاورة ليلى السليماني، وسرد مقتطفات من مؤلفها.
رواية متوجة
و تعد السليماني ثاني كاتب مغربي ينال جائزة"الغونكور" الرفيعة، بعد الطاهر بنجلون الذي حصل عليها سنة 1987، وتحكي الرواية المتوجة "أغنية هادئة" قصة مروعة ببناء أدبي جيد، محورها عملية قتل لطفلين من طرف مربيتهما، وهي الرواية الثانية للكاتبة السليماني.وتعتبر روايتها المتوجة بمثابة فيلم أو كتاب يحكي علاقات الهيمنة والبؤس الاجتماعي.
ولدت السليماني يوم 3 أكتوبر 1981 بالعاصمة المغربية الرباط، لأب مغربي وأم فرنسية من أصل جزائري، نشأت بوسط فرنكفوني ودرست بالثانوية الفرنسية بالرباط، ثم انتقلت إلى فرنسا لمواصلة دراستها في العلوم السياسية ثم الإعلام، اشتغلت بمجلة "جون أفريك"، ثم استقالت وتفرغت للتأليف، أصدرت عام 2014 روايتها الشهيرة "في حديقة الغول".