إيلاف من واشنطن: كشفت دراسة حديثة في مجلة "جمعية القلب الأميركية"، أن معدلات الوفيات الناجمة عن أمراض القلب في أميركا شهدت تحولًا جذريًا خلال العقود الخمسة الماضية. إذ انخفضت الوفيات الناتجة عن النوبات القلبية بنسبة تقارب 90%، بينما تراجعت إجمالًا وفيات أمراض القلب بنسبة 66% بين البالغين الأميركيين ممن تجاوزوا سن 25 عامًا.
وقالت الطبيبة سارة كينغ، المؤلفة الرئيسية للدراسة والمقيمة في برنامج الطب الباطني بجامعة ستانفورد: "على مدار الخمسين عامًا الماضية، تطور فهمنا لأمراض القلب، وأسبابها، وكيفية علاجها بشكلٍ كبير"، مضيفةً أن التقدم في إنقاذ الأرواح من النوبات الحادة غيّر المشهد الطبي جذريًا.
لكن الدراسة، التي استندت إلى تحليل بيانات حكومية للفترة الممتدة من عام 1970 إلى 2022، أبرزت جانبًا مقلقًا، إذ سُجل ارتفاع بنسبة 81% في الوفيات المرتبطة بأنواع أخرى من أمراض القلب، تشمل الرجفان الأذيني، وقصور القلب، والاضطرابات المرتبطة بارتفاع ضغط الدم.
وقال الدكتور أندرو فريمان، مدير الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية في المركز الوطني للصحة اليهودية بمدينة دنفر، إن هذه الأرقام تعكس تحسناً في نجاة المرضى من النوبات القلبية، لكن ليس بالضرورة تحسنًا في نوعية حياتهم. وأضاف: "النجاة من النوبة القلبية لا تعني العيش بصحة جيدة بالضرورة".
مؤشرات صحية تتدهور رغم التقدم العلاجي
أظهرت الدراسة أن حصة النوبات القلبية من إجمالي وفيات القلب انخفضت من 54% في عام 1970 إلى 29% في عام 2022. بالمقابل، ارتفعت وفيات الرجفان الأذيني بنسبة 450%، لتشكل 4% من إجمالي وفيات القلب، بينما زادت الوفيات الناتجة عن قصور القلب بنسبة 146%، وارتفعت تلك المرتبطة بضغط الدم بنسبة 106%.
وأشارت البيانات إلى أن هذه الزيادة ترتبط بشكل وثيق بتغيرات طرأت على أنماط الحياة، أبرزها ارتفاع معدلات السمنة، ومرض السكري من النوع الثاني، وقلة النشاط البدني، إلى جانب اتباع أنظمة غذائية غير صحية. ووفق الدراسة، ارتفع معدل السمنة في أميركا من 15% في عام 1970 إلى 40% عام 2022، فيما يعاني نصف البالغين حالياً من السكري أو مرحلة ما قبل السكري، وازدادت نسب الإصابة بارتفاع ضغط الدم من 30% في عام 1978 إلى نحو 50% عام 2022.
وقالت الدكتورة لاثا بالانيابان، أستاذة طب القلب والأوعية الدموية في جامعة ستانفورد وأحد كبار المشاركين في إعداد الدراسة لـ"سي إن إن"، إن "جميع هذه العوامل تسهم في استمرار العبء المرتبط بأمراض القلب"، مشددة على ضرورة التركيز على الوقاية المبكرة بدءًا من الطفولة، لتعزيز فرص التقدم في العمر بقلوب سليمة.
رغم ما تحقق من تقدم في علاج الأزمات القلبية وإنقاذ الأرواح، إلا أن الخطر لم يتلاشَ، بل تبدلت أشكاله. إذ باتت أمراض قلبية أخرى، لم تكن شائعة سابقًا، تمثل تهديدًا متصاعدًا على الصحة العامة