نشرت صحيفة الراي الكويتية في عددها 16461 الصادر يوم الثلاثاء 25 صفر 1447ه الموافق 19 آب (أغسطس) 2025 مقالاً بعنوان (عاشق الكويت... لمن لا يعرفه) للسيد جاسم مرزوق بودي مؤسس ومالك شركة مجموعة الراي الإعلامية حيث استهل السيد بودي مقاله واصفًا علاقته بحضرة صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت حفظه الله ورعاه بالعلاقة القديمة والوثيقة الممتدة لسنوات طويلة إلا أنه لم يلتقِ بسموه الكريم وجهًا لوجه منذ توليه ولاية العهد في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) عام 2020 إلى أن استقبله سموه في قصر بيان يوم الاثنين 24 صفر 1447ه / 18 آب (أغسطس) 2025 واستمع السيد بودي للرؤى والأفكار السامية لصاحب السمو. والحقيقة كمراقب للشأن الكويتي شدتني عدة نقاط من مقال السيد جاسم بودي يمكن إيجازها في النقاط التالية:
صاحب السمو هو رجل أمني من الدرجة الأولى كما هو معلوم لكل متابع، فهو خريّج كلية لندن للشرطة في بريطانيا عام 1960 وبعد تخرجه التحق سموه بوزارة الداخلية وتدرّج في المناصب حتى أصبح رئيسًا للمباحث العامة برتبة عقيد عام 1967م، وفي وقت رئاسته تم تأسيس جهاز أمن الدولة وكان أول رئيس له، ومن خلال لقاء السيد بودي الأخير بسموه والحديث الذي دار بينهما رأى بأنه أيضًا رجل سياسة من الدرجة الأولى ورجل اقتصاد من الدرجة الأولى.
صاحب السمو يملك تحليلاً سياسيًا مذهلاً غزير المعلومات وموائمًا بين المنطق والواقع من جهة وبين الطموحات من جهة أخرى، كل شيء مدروس ومحسوب بحسب الإمكانات المتوافرة، فـ(الدهاء) هو عنوان القابض على مثلث الأمن والسياسة والاقتصاد و(الوفاء) مضمون ثابت في شخصية سموه، خصوصًا عند حديثه الممتلئ بالمشاعر عن والده الثاني ومعلمه وأخيه الأكبر صاحب السمو الأمير الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح رحمه الله بكل التاريخ الذي صنعه الراحل الكبير للكويت على مدى عقود فترة حكمه، وكذلك عند الحديث عن رجالات الكويت المخلصين، ويأتي في طليعتهم المرحوم سليمان مشعان المشعان صاحب الدور الملموس في تطوير أنظمة العمل في قطاع الجنسية والجوازات بوزارة الداخلية. يُذكر أن صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد قد وجّه في أيار (مايو) الماضي بتسمية مبنى الإدارة للجنسية ووثائق السفر الكويتية باسم المشعان إمعانًا في وفاء الأوفياء.
صاحب السمو مدرسة في الدهاء والوفاء ومدرسة في العمل والعطاء لا يكلّ ولا يملّ ولا يحسب للزمن مكانًا أو للراحة مستقرًا، وقد أكد السيد جاسم بودي أمام هذه المعطيات قائلاً: "تجبرك لحظات على التساؤل الممزوج بالخوف على الصحة والهمّة، فكان ردّ سموه الكريم بأن كل شيء يتراجع أمام تقدم الكويت وأنه يشعر بأفضل حالاته صحيًا عند كل إنجاز يتحقق لمصلحة الكويتيين".
شرح صاحب السمو بعض تفاصيل العملية الإصلاحية غير المسبوقة في تاريخ الكويت الحديث على مستوى التخلص من الشوائب ومحاربة الفساد بمختلف مستويات مقترفيه وتطوير الإدارة وتحديث آليات العمل في كل مكان. فطريق الإصلاح ليس سالكًا تمامًا بالنظر إلى حجم الإرث المتراكم الذي لا مفرّ من تنقيته بالتوازي مع التقدم إلى الأمام في مسار الإصلاح والتنمية ووجود مستائين ومعترضين خصوصًا مَن تضرّرت مصالحهم غير القانونية، فمخافة الله هي المعيار وراحة البال هي المسار، ومن يعمل في دائرة الضوء لا يخشى شيئًا.. ودائرة الضوء عند سموه الكريم هي مصلحة الكويت.
رأى صاحب السمو بأن الإصلاح لا يستقيم من دون إصلاح منظومة القضاء، مستشهدًا سموه بدول عريقة وكبيرة تعرضت لانتكاسات ضخمة أمنيًا وسياسيًا إلا أنها استعادت دورها واستقام وجودها بفعل وجود سلطة قضائية قوية، فالقضاء يجب أن يكون حارسًا حقيقيًا للإصلاح بعد إجراءات تصحيحية تشمل كل ما يتعلق به ويتفرع منه، خصوصًا إنجاز "تكويته".
أفاض صاحب السمو في الكلام مع السيد بودي عن رؤية سموه لإحداث إصلاحات عميقة في منظومة التعليم وتطويرها لأن المستقبل في رأيه يبدأ من هنا، وكذلك عن رؤية سموه لتطوير المنظومة الطبية وتحديثها كي يعود للكويت دورها الريادي في هذا المجال. كما ويتابع سموه كل صغيرة وكبيرة في الاتفاقات العمرانية التي تمت مع الصين وغيرها بغية إيجاد حلول جذرية لقضايا الإسكان، ولا يخلو لقاء لصاحب السمو مع سمو رئيس مجلس الوزراء والوزراء إلا وكان في صُلب المحادثات إعادة دورة الاقتصاد النشطة إلى ما كانت عليه عبر مشاريع التنمية. لذلك ومع هذه الاندفاعة الإصلاحية أصبح حتميًا على الوزراء التخلّي عن كل ما له علاقة بالبيروقراطية وإدارات المكاتب، وكثيرًا ما يضطر صاحب السمو لممارسة أدوار إضافية في موضوع التوجيه والمتابعة حتى لا تتوقف العجلة عن الدوران أو يحصل تراجع في الأداء مع المحاسبة الدقيقة الواضحة للوزير المقصّر.
اختتم السيد بودي مقاله بحقيقة ثابتة بأن صاحب السمو يعشق تراب الكويت وعزوته أهل الكويت الذين يعشقون ترابها، ويرى سموه بأن هؤلاء هم بعد الله سبحانه وتعالى مصدر الرهان لدعم المسار الإصلاحي وتحقيق الطموح بإيصال البلد إلى أعلى المراتب.
وختامًا، خالص الأمنيات الصادقة أرجوها لدولة الكويت الشقيقة، الأرض والإنسان، تحت راية صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أميرها ومجدّد صباها لغدٍ مشرق سيذكر معه الكويتيون في مستقبل أجيالهم بأن (مشعل الكبير) – أمدّ الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية – كان أمير اللحظات الحاسمة والمسؤولية التاريخية.