: آخر تحديث

ههههههههه سوريا

3
3
3

لم أجد أنسب من هذا التعبير الظاهر في العنوان، والمقتبس من فضاء ميديا الشباب لوصف ما يعتمل في ذهني ولا أستطيع ترجمته إلى كلمات، وقد احترت كثيراً: هل أضعه قبل "سوريا" أو بعدها؟ ووجدت أنه سيّان، سيّان أن نضحك قبل أن نقول "سوريا" أو نضحك بعد أن نقول "سوريا"، وهو ضحك مأساوي، ضحك كالبكاء، دموعه دماء، فسوريا لم تعد سوريا التي نعرفها، ولن تعود سوريا التي نعرفها، سوريا قلعة الصمود التاريخية ودرة الشام، عاصمة الهلال الخصيب، واحة الثقافة والفن واللغة، سوريا التي سلموها بمؤامرة دنيئة إلى عصابات من الملتحين المخابيل محترفي اللغو في الدماء.

والنتيجة معلومة سلفاً، فلا تُنتج نفس المقدمات سوى نفس النتائج، فالمقدمات مجرّبة والنتائج معلومة: صراع وقتل وخراب ومخيمات وتهجير وتقسيم، رأيناه في ليبيا والعراق واليمن والسودان، ولولا أنَّ لبنان في حماية فرنسا، والأردن في حماية بريطانيا، والخليج في حماية أميركا، لسُوّيت كلها بالأرض. وإن كانت مصر وتونس قد نجتا بمعجزة، فلأسباب تتعلق بمخزون ثقافي وحضاري.

نعود إلى سوريا، وبينما ننقر حروف هذا الطرح، تحترق طرطوس واللاذقية، وتنهمر الدماء الطائفية في شوارع السويداء، وثلث سوريا في حوزة الأكراد تمهيداً لكردستان الكبرى، وضاعت الجولان إلى الأبد، ومعها القنيطرة، ويتباهى في شوارع الفيحاء المرتزقة من كل بقاع الأرض بلحاهم الكثّة ورشاشاتهم العوزي، ناشرين الخوف والفزع في العيون والقلوب والنفوس، وتتعالى صيحات النفير من مكبرات صوت المساجد: حي على الجهاد! ويتجمع الغوغاء لنصرة الدين وقتل كل المخالفين في مشاهد مروّعة على الميديا.

والذين هندسوا وخططوا ونفذوا ودعموا هذا السيناريو البائس ينامون الآن هانئين قريري الأعين، فقد سقطت سوريا كشاة جريحة بعد أن صمدت عقداً ونصف العقد من السنين، سقطت بعد أن تكالب عليها الجميع، واليوم ينهش جثتها الجميع: بدو ومرتزقة ويهود وكرد وعرب، بينما يستعد أهلها وملاكها الأصليين للمغادرة صاغرين بعد أن أصبحوا أقليات، مجرد أقليات يحكمهم إرهابي مطلوب للعدالة.

وكم تمنّيت ألا تسقط سوريا، لكنها سقطت، وهاكم المشهد على الميديا: نفس المشهد، جثث مكوّمة في الباحات والشوارع، والبدو يتوعدون الدروز، والسنّة يتوعدون العلويين والمسيحيين، ونالت إسرائيل مبتغاها بعد أن محت جيشاً واستبدلته بعصابات، ومحت شعباً واستبدلته بطوائف، والجميع يتقاتلون ويرقصون على جثة تحوّلت إلى جيفة...

ههههههههه سوريا!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.