: آخر تحديث

النار في الثقافة الكوردية ترمز إلى الانتصار

7
7
6

حرق السلاح لا يعني الاستسلام
بعد شهرين من إعلان حزب العمال الكوردستاني إنهاء أربعة عقود من النزاع المسلّح ضد الدولة التركية، يأمل الكورد في تركيا في أن يمهّد تخلي الحزب عن الكفاح المسلح الطريق أمام تسوية سياسية حقيقية مع أنقرة.

ففي مراسم قرب كهف جاسَنَة الواقع على بُعد 50 كم شرق مدينة السليمانية على طريق سليمانية – دوكان الرئيسي، ضمن منطقة سورداش، قرّر ثلاثون محارباً من بينهم أربعة قياديين من حزب العمال الكوردستاني يوم الجمعة المصادف 11 تموز (يوليو) الجاري إتلاف أسلحتهم وأضرموا فيها النار.

وتمثل مراسم حرق السلاح هذه، التي وصفها الحزب بأنها عملية ديمقراطية تاريخية، نقطة تحوّل في انتقال حزب العمال الكوردستاني من الكفاح المسلح إلى العمل السياسي، في إطار جهود أوسع لإنهاء أحد أطول الصراعات الدموية في المنطقة منذ العام 1984.

كهف جاسَنَة
إنَّ الكهف الذي اختير لحرق السلاح يتصف برمزية تاريخية وسياسية مهمة للكورد، إذ كان يضم مطبعة خرجت منها صحيفة (صوت الحق – بانغي حەق عام 1923)، وهي إحدى أولى الصحف الكوردية، وهو المكان الذي احتمى فيه الزعيم الكوردي ملك محمود الحفيد البرزنجي إبان قصف القوات البريطانية للمدينة في عشرينيات القرن الماضي.

ويرى مراقبون أن عملية حرق السلاح تمثل نقطة مفصلية في المفاوضات غير المباشرة المستمرة بين أوجلان والدولة التركية. ويرون أن على الدولة التركية الوفاء بالتزاماتها في هذه المرحلة الحساسة بعد أن تخلّى العمال الكوردستاني عن الكفاح المسلح بشكل طوعي وانتقل إلى المرحلة القانونية والسياسة الديمقراطية.

من كاوا الحداد إلى گريلا
النار لها دلالات متعددة في ثقافات الشعوب، فعند الكورد ترمز النار إلى التطهير والتحول والنور، وحتى الانتصار، وتُعتبر رمزاً حيوياً ومقدساً، وتجسيداً للانتصار والتحرر من الظلم والعبودية، ويعود ذلك إلى أسطورة كاوا الحداد الذي أشعل النار لإعلان انتصار الشعب الكوردي على الظلم، وتُعتبر إشارة إلى نهاية العهد المظلم وبداية عهد جديد.

وعندما أتلف گريلا اليوم أسلحتهم بالحرق وتحديداً بالقرب من كهف جاسَنَة بدلاً من التسليم، أعلنوا بذلك انتصار السلام والمنطق على الحرب والعنف والدمار.

أخيراً، يجب أن يعرف الجميع بأن تسليم السلاح يرتبط بالهزيمة والقبول بشروط الطرف الآخر والانصياع له، بينما إتلافه بالحرق يمثل قراراً جريئاً واختيارياً يطوي مرحلة من مراحل النضال المسلح، وبقرار من قيادة العمال الكوردستاني وبإرادتها لا بإرادة الدولة التركية، وذلك من أجل ترسيخ الديمقراطية من خلال الأساليب السياسية والقانونية كبداية جديدة لنضال الشعب الكوردي.

أخيراً، أتمنى ألا يتخلى ولا يتراجع أردوغان هذه المرة عن وعوده كالمرة السابقة ويعود للحل العسكري، عندما قال خلال زيارته إلى دياربكر إن: الديمقراطية في تركيا تمرّ من خلال القضية الكوردية!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.