: آخر تحديث

من هو السعودي الملقب بصانع الخوارزميات ومروضها؟

4
3
4

في زمن تعيد فيه المملكة العربية السعودية صياغة مستقبلها العلمي والتقني، وتشق طريقها نحو الريادة الذكية، برزت أسماء كبيرة وباختصاصات مختلفة ومنها اسم د. عبدالعزيز المطيري لا كرقم في سجل العلماء، بل كحالة فكرية، ونموذج سعودي أصيل يُثبت أن الذكاء ليس مجرد برمجة… بل بصيرة.

أن تُلقب بـ (أنشتاين السعودي) ليس أمراً يُقال تودداً، بل اعتراف مُستحق لرجل يُعيد تعريف الذكاء الاصطناعي من كونه أداة تقنية إلى كونه فلسفة تغيير ورافعة وطن. فالدكتور عبدالعزيز ليس فقط عالِماً في علوم الحوسبة، بل بنّاء لجسور تمتد من مختبرات البحث إلى عمق المجتمع، ومن قاعات التدريس إلى ميادين التطوير الحقيقي.

من عمّان الأردنية، حيث تخرج في مرحلة البكالوريوس، إلى جامعة كولورادو الأميركية، ثم جامعة إكسيتر البريطانية، كان الطريق العلمي لعبدالعزيز محفوفاً بالطموح والصعاب أيضاً، ومبنياً على جهد لا يعرف الانطفاء. لم تكن دراسته مجرد تحصيل أكاديمي، بل بحث وجودي عن طرق لتحسين الواقع البشري عبر الخوارزميات. أطروحته للدكتوراه كانت حول (الذكاء الاصطناعي القائم على الخوارزميات المستوحاة من علم الجينات الوراثية لحل المشكلات المعقدة متعددة الأبعاد) وهذا وحده يكفي لفهم أنه لا يعمل فقط على تطوير التقنية… بل على إحياء العبقرية.

هو ليس فقط عالماً، بل قائداً أكاديمياً حيث يشغل اليوم مناصب متعددة في جامعة شقراء، بين وكالة البحث والابتكار، والإشراف على الأقسام العلمية، وأستاذية الذكاء الاصطناعي. لكنه لم يكتفِ بالجامعات، بل قرر أن تكون له بصمة ميدانية في القطاع الخاص أيضاً، كمستشار تقني رفيع في شركات الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز، ومؤسساً لشركة تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

ما يميّز د. عبدالعزيز ليس عدد برامجه أو درجاته، بل القدرة النادرة على الجمع بين الفكر والتطبيق، بين الأكاديمي والريادي، بين المحلي والعالمي، بين العقل والضمير.

فهو لا يؤمن بالعلم المنعزل، بل يرى أن كل معرفة يجب أن تُسخّر لصالح الإنسان. ولهذا كان من أوائل من دعوا إلى تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي أخلاقياً، كما ساهم في مبادرات توعوية وتطوعية لا تُعد، منها تأسيسه لجماعة (Alpha) التابعة لوزارة الاتصالات، وهي منصة تفاعلية تجمع المبرمجين، الباحثين، ورجال الأعمال في حوار تقني مستدام.

في المؤتمرات، لا يُلقي خطاباً، بل يصوغ رؤية، وفي الورش، لا يُدرّس محتوى، بل يفتح آفاقاً، وفي الجوائز، لا يُكرَّم على أفعاله فحسب، بل يُحتفى بفكره.

ومن بين الإنجازات اللافتة، تطويره لنموذج (MammoViT) وهو ابتكار في الرؤية الحاسوبية يستخدم الذكاء الاصطناعي في تحليل صور الماموغرام لتشخيص سرطان الثدي بدقة فائقة. ليس هذا فقط سبقاً علمياً… بل إنقاذاً محتملاً لآلاف الأرواح. وهذا جوهر ما يسعى إليه هذا العالم: أن تكون الخوارزميات في خدمة الإنسانية، لا العكس.

أينما وُجد الذكاء الاصطناعي في المملكة، تجد بصمة د. عبدالعزيز، إما بالمشاركة، أو بالتوجيه، أو بالبناء الصامت. ولعل من أعظم ما يُحمد له، أنه يرى في التطوع والتمكين المجتمعي وجهاً من أوجه التقدم. فالعالِم الذي يؤمن أن نشر العلم هو أعظم من الاحتفاظ به… هو من يصنع المجد الحقيقي.

هو خريج المدارس العالمية، لكن هويته لم تهتز. يتحدث بلغة التقنية، لكنه لا ينسى لغة القيم. عابر للقارات في المعرفة، لكن جذوره تضرب في تربة الوطن. يربّي الأجيال على الحوسبة، لكنه يعلمهم أولاً كيف يكون الإنسان إنسانًا في زمن الخوارزميات.
الدكتور عبدالعزيز المطيري ليس عبقرياً فقط… بل ضرورة.

وفي وقت تتسابق فيه الدول على هندسة المستقبل، يمتلك السعوديون عقولاً كهذه لا فقط لتنافس… بل لتقود.

ختاماً، في زمن تكتب فيه الخوارزميات مصير الشعوب، هناك من يُبرمجها لا لتسيطر… بل لتُضيء الطريق.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.