: آخر تحديث
‏حين يسقط الستار:

‏الحرب الإسرائيلية - الإيرانية وكشف الحقائق الخفية

2
2
2

المشهد الذي قلب الطاولة
‏في فجر 13 حزيران (يونيو) 2025، شنت إسرائيل ضربات جوية واسعة استهدفت مواقع نووية وعسكرية داخل إيران، في عملية عسكرية أطلقت عليها وسائل الإعلام الغربية اسم "تصاعد الأسد" (Operation Rising Lion)، بحسب تقرير وكالة AP News. جاء الرد الإيراني سريعًا، بإطلاق أكثر من 300 صاروخ وطائرة مسيّرة استهدفت مواقع في النقب والجليل، واعترضت منظومات "حيتس" و"القبة الحديدية" أغلبها.

‏لكنَّ الأهم من تلك الضربات كان ما كشفته من حقائق ظلت لعقود طيَّ الكتمان.

‏قال السير جون جينكينز، السفير البريطاني الأسبق في السعودية: "هذه ليست مجرد حرب، بل لحظة تعرٍّ كاملة للمنطقة كلها، بلا رتوش ولا أقنعة". أما محللون آخرون فأشاروا إلى أن المنطقة دخلت مرحلة "الشفافية القسرية"، حيث لم يعد بإمكان أي طرف إخفاء أجنداته الحقيقية.

الحقيقة الأولى: إسرائيل – حلم الهيمنة تحت عباءة الديمقراطية
رغم ادعائها الدفاع عن النفس، أظهرت الحرب الأخيرة وجه إسرائيل الحقيقي كقوة تسعى إلى الهيمنة الإقليمية، لا إلى الاستقرار.

‏برنامج الاستيطان: 750 ألف مستوطن في الضفة الغربية داخل 598 مستوطنة غير قانونية، وفق تقارير B’Tselem.

السلوك الحربي: استهداف متكرر للبنية التحتية الإيرانية، واغتيالات نوعية (كالعالم رضا قمي في منشأة فوردو)، وفق تقرير Times of India.

‏إسرائيل اليوم، بحسب تصريحات رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، "تخوض معركة وجود"، لكن مراقبين يصفون ذلك بمحاولة لإعادة ترسيم المنطقة وفق الرؤية الصهيونية الكاملة: من النيل إلى الفرات.

الحقيقة الثانية: إيران – من ثورة شعبية إلى مشروع إمبراطوري
‏الرد الإيراني العنيف كشف عن حجم القدرات التسلحية التي راكمتها طهران خلال سنوات العقوبات، وعن الطموح التوسعي الذي تبنّته منذ الثورة.

‏الانتشار الإقليمي: تمركزات عسكرية في سوريا والعراق ولبنان واليمن.

‏حجم الإنفاق: أكثر من 20 مليار دولار سنويًا على أذرعها العسكرية.

‏البرنامج النووي: تخصيب اليورانيوم حتى نسبة 60 بالمئة، بحسب IAEA.

‏في الداخل، تتعالى الأصوات المحتجة على سياسات القمع الديني والتمييز ضد الأقليات، خاصة في إقليم الأحواز وبلوشستان.

الحقيقة الثالثة: العرب... غياب الفعل وحضور الأثر
الحرب الأخيرة لم تكن بين دولتين فقط، بل كانت مرآة لفشل عربي مزمن في صياغة موقف موحد.

‏الاقتصاد المجزأ: الدول العربية تستورد 70 بالمئة من غذائها، وتُهدر 35 بالمئة منه سنويًا.

‏التسليح بلا استراتيجية: 120 مليار دولار تُنفق سنويًا على السلاح دون أي تنسيق عسكري فعال.

‏الانقسام السياسي: سبعة محاور عربية متضادة.

‏بينما تصعد إسرائيل، وتتحدى إيران، يتراجع الموقف العربي الرسمي إلى بيانات شجب، وعجز جماعي عن الفعل.

اللاعب الخفي: الولايات المتحدة والمعايير المزدوجة
بينما تدعو واشنطن لردع إيران، فهي تغض الطرف عن تجاوزات إسرائيل، وتمنحها غطاءً سياسيًا مطلقًا، وتغذية مالية مستمرة:

‏مساعدات عسكرية سنوية: 3.8 مليار دولار.

‏فيتو أميركي ضد قرارات أممية لصالح فلسطين: 56 مرة.

‏صمت مطبق على استهداف إيران، بالرغم من التزام طهران ببنود "الصفقة النووية" سابقًا، قبل انسحاب ترامب منها في 2018.

المستفيد الوحيد: إسرائيل
بذكاء استراتيجي، نجحت إسرائيل في استغلال العداء العربي-الإيراني لصالحها. فالعرب يرون في طهران خصمًا، مما جعلهم أقرب لتجاهل التغوّل الإسرائيلي، بل والتطبيع معه.

‏هذا السياق مكّن إسرائيل من تنفيذ "استراتيجية التفوق المطلق"، عبر:

‏إضعاف إيران.

تعطيل وحدة العرب.

‏تأمين دعم غربي لا يتزحزح.

‏الطريق إلى الخروج: نحو سلام مشترك بمبادرة "سفر الخروج"
لقد آن أوان التفكير بخيارات لا تستند إلى الصدام، بل إلى الشراكة:

‏مبادرة "سفر الخروج" التي قدمتها عام 2017 تقترح:

‏تحالفًا ثلاثيًا بين السعودية وتركيا وإيران.

‏قطيعة مع المحاور الدولية المتصارعة.

‏تحويل التنافس المذهبي إلى تكامل استراتيجي.

‏اعتماد الحوار كمنهج لحل الخلافات المزمنة.

‏خاتمة
هذه الحرب ليست نهاية الصراع، بل بدايته العلنية. وقد أسقطت الستار عن حقيقة أن مستقبل المنطقة لن يُكتب إلا من داخلها.

‏فإما أن تكون هذه المواجهة الشرارة التي توقظ شعوب المنطقة وقادتها لصياغة أمنها الجماعي، ‏أو تكون إعلانًا رسميًا لدخول الشرق الأوسط مرحلة الانكشاف الكامل أمام الهيمنة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.