الشواطئ في كل دول العالم مصدر هدوء واستجمام وتأمل. ولكن ليست كل الشواطئ متشابهة في بيئتها وشكلها وخدماتها. فهناك من تصطفق أمواجه، ليكون هدفاً لراكبي الأمواج، وهناك من يطول جزره ومده ليجد رواده مبتغاهم وسكونهم. وهناك من الشواطئ من تمت تهيئته خصيصاً ليكون محط أنظار، وقبلة للمشاهير والسياح ورجال الأعمال، والإعلاميين، وغيرهم لفيف. فتتلألأ على شاطئه النوادي، بكل ألوانها الزاهية وأنوارها الخافتة ولا تكاد تسمع فيها إلا همساً تطرب له آذان مستمعين مختارين.
شاطئ من بين ملايين الشواطئ، ظهر سحره وجماله ودوره، بتعدد لغاته وجنسيات مرتاديه، ليكون قبلة سياحية واقتصادية، وفكرية، خلال سنوات قليلة.
وعلى جنبات ذلك الشاطئ الجميل تصطف زاهيات السحاب وناطحاته، لتلقي بتحيتها على البر والبحر، ومن شرف عالية في إحداها، تتسلل نسمات الخليج لتداعب الستائر البيضاء، وكأنها تلاعب خصلات شعر فاتنة، وتتحرك بها خواطر الحروف لترسم ملامح صوتها فوق أوراق بيضاء، تتمدد على طاولة المكتب الصغير. صوت الأمواج فقط هو الترانيم التي تضبط إيقاع الحروف ورقصتها. وتجعل للمقال غاية وإطار.
إنَّ النَّفَس الذي أجده أحياناً في بعض المقالات الشرق أوسطية، يشير إلى أنه ربما تمت كتابته في نفس الشرفة على ذلك الشاطئ. حيث صوت أمواج البحر نفسها، تتكرر على مسامع القارئ بين فقرات المقال وبين سطوره.
بعض الكتّاب لم يخرج من عباءة فكر محدد، فهو يدور في ميدان واحد، وما زال يناقش قضية تجاوزها القارئ، وأشبعها عرب الشمال وعرب الجنوب صراخاً، ونحيباً. بل حتى أصحابها بدأوا يتنصلون منها، واستبرؤوا لأنفسهم ونفضوا عن أسمائهم غبار الماضي. وبالرغم من ذلك ما زال صوت ذلك الشاطئ بين فينة وأخرى يقفز على مسامع المشاهدين ويصل صداه للقراء، وكأنه إعلان تجاري ممل.