: آخر تحديث
صراع السلطة داخل النظام الإيراني:

مأزق المفاوضات النووية وتصاعد العزلة

4
2
2

المفاوضات النووية في ظل الانقسام والأزمات
انتهت الجولة الخامسة من المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة في روما دون تحقيق أي تقدم ملموس، مما عمّق من الأزمة داخل بنية السلطة الإيرانية. تؤكد مصادر قريبة من المفاوضات أن الانقسامات العميقة والخلافات حول ملف تخصيب اليورانيوم لم تعد تقتصر على الخلاف بين طهران وواشنطن، بل أصبحت جزءاً من الصراع الداخلي في النظام الإيراني نفسه. ففي حين تصر الولايات المتحدة على الوقف الكامل للتخصيب، يصف المسؤولون الإيرانيون هذا الطلب بأنه "خط أحمر" ويرفضون أي تراجع.

ازدواجية القرار وصراع الأجنحة: من بيت القائد إلى الحكومة والحرس الثوري
في الأسابيع الأخيرة، برزت مؤشرات واضحة على تصاعد صراع السلطة في قمة النظام. التصريحات المتناقضة للمسؤولين الكبار، والهجمات اللفظية المتبادلة، وحتى التهديد بكشف الأسرار أو "الخيانة" من قبل بعض الشخصيات، تعكس أزمة في التماسك وغياب استراتيجية موحدة في مواجهة التحدي النووي. ففي مقابلة مع NBC News، صرح علي شمخاني، المستشار البارز لخامنئي، باستعداد النظام للتوصل إلى اتفاق بشرط رفع جميع العقوبات، لكن هذا التصريح قوبل برد فعل عنيف من المنابر المقربة من بيت القائد وأئمة الجمعة.

في المقابل، أعلن عباس عراقجي، وزير الخارجية، صراحة أن إيران تدخل المفاوضات تحت التهديد والضغط، وأنه "لن يتم إغلاق أي منشأة تخصيب"، وهو موقف رافقه تحذير وتهديد من أئمة الجمعة بشأن "عدم التساهل" و"الدفاع عن الكرامة الوطنية". هذا التعدد في الأصوات والتناقض الواضح لم يضعف فقط مصداقية فريق التفاوض، بل شل فعلياً السياسة النووية للنظام وأفقدها المصداقية.

التجمع الحكومي أمام محطة بوشهر النووية: استعراض للوحدة أم مؤشر على الأزمة؟
في هذا السياق، شهد الأسبوع الماضي تجمعاً لعناصر من الباسيج ومؤيدي النظام أمام محطة بوشهر النووية؛ تجمع هدفه إظهار "الدعم الشعبي" للبرنامج النووي وتوجيه رسالة تحذير للغرب، لكنه في الواقع عكس حالة القلق والارتباك داخل النظام. ويرى المحللون أن هذه التجمعات الاستعراضية محاولة للتغطية على الانقسامات الداخلية وأزمة الشرعية، حتى أن بعض وسائل الإعلام الحكومية أقرت بعدم جدوى هذه العروض.

نتائج الجولة الخامسة من المفاوضات: مأزق واستمرار الأزمة
وفقاً لتقارير رسمية ومصادر عمانية وسيطة، انتهت الجولة الخامسة من المفاوضات دون أي تقدم حقيقي، ولا يزال الخلاف حول التخصيب قائماً. وفي خطابه الأخير، وصف خامنئي مطلب الولايات المتحدة بوقف التخصيب بأنه "كلام فارغ"، واعتبر المفاوضات بلا جدوى. وتشير مصادر قريبة من فريق التفاوض إلى أن إيران لا تملك أي خطة بديلة في حال فشل المفاوضات، وتعتمد فقط على تعميق العلاقات مع روسيا والصين، وهي استراتيجية مستقبلها غامض بسبب القيود الجيوسياسية والاقتصادية.

العزلة السياسية وأزمة الشرعية: دور المقاومة الإيرانية
إلى جانب الأزمات الداخلية، تصاعدت الضغوط الدولية والعزلة السياسية للنظام بشكل غير مسبوق. فقد لعبت أنشطة المقاومة الإيرانية والمجلس الوطني للمقاومة بقيادة السيدة مريم رجوي، من خلال كشف المشاريع النووية وحملات دولية واسعة، دوراً محورياً في عزل النظام وتقويض شرعيته دولياً. كما أن دعم غالبية برلمانات أوروبا والبيانات الدولية المؤيدة لخطة مريم رجوي ذات النقاط العشر، إضافة إلى عقد مؤتمرات عالمية بحضور مئات البرلمانيين، وضعت النظام في موقف دفاعي.

من جهة أخرى، تواصل المقاومة الإيرانية تنظيم الاحتجاجات الداخلية، وكشف المواقع النووية السرية، والحضور الفاعل في المحافل الدولية، مما لم يضع شرعية النظام موضع شك فحسب، بل قرّب لحظة سقوطه. هذا المسار، بالتزامن مع انهيار حلفاء النظام في المنطقة (مثل سقوط الأسد في سوريا)، زاد من حدة الأزمة الداخلية وعدم الاستقرار السياسي.

الخلاصة: النظام في مأزق تاريخي
إن صراع السلطة داخل النظام، والانقسامات العميقة حول الملف النووي، ومأزق المفاوضات، والعزلة السياسية، وضغوط المقاومة الإيرانية المتزايدة، أدخلت الجمهورية الإسلامية مرحلة غير مسبوقة من الأزمة وعدم الاستقرار. لم تعد العروض الاستعراضية والتهديدات الإعلامية قادرة على إخفاء الشروخ العميقة في قمة السلطة. وفي ظل هذه الظروف، فإن أي اتفاق أو فشل في المفاوضات لن يؤدي إلا إلى تعميق أزمة الشرعية والتماسك الداخلي للنظام، وتهيئة الأرضية لتصاعد الاحتجاجات الشعبية ودور المقاومة والبديل الديمقراطي. إن مستقبل الجمهورية الإسلامية أصبح أكثر غموضاً من أي وقت مضى، ويواجه تهديد الانهيار بشكل غير مسبوق.

كما قالت السيدة مريم رجوي في مؤتمر "إيران حرة 2025" المنعقد في 18 أيار (مايو) بمقر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، بحضور برلمانيين بارزين من مختلف الدول، خلال كلمتها حول وضع النظام الإيراني:

"... بعد تجارب عديدة، اتضحت للعالم حقائق مهمة. من بينها:

إن الاستبداد الديني الحاكم في إيران هو مصدر الإرهاب والحروب في المنطقة؛

هذا النظام لن يتخلى عن برنامجه النووي لأنه سيفقد أحد ضمانات بقائه؛

لن يتخلى عن إثارة الحروب في الشرق الأوسط لأن هيمنته ستنهار؛

لن يتخلى عن الإرهاب خارج إيران لأنه سيفقد أدوات ابتزاز وتهديد الدول الأخرى؛

لقد سلب نظام ولاية الفقيه حرية الشعب الإيراني، وسلام الشرق الأوسط، والأمن العالمي...".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.