: آخر تحديث

الكويت والعروض الترامبية!

2
2
2

انشغل العالم بزيارة الرئيس الأميركي ترامب إلى الرياض والدوحة وأبو ظبي ونتائجها السياسية وصفقاتها الاقتصادية والعسكرية، في حين انشغل الشارع الكويتي باستفهامات عفوية، وتكهنات مشروعة، وتفسيرات رومانسية!

عاش العالم لحظات تاريخية أو نادرة مع زيارة الرئيس ترامب إلى السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، فالصفقات التي ترتبت على الجولة الأميركية كانت كافية لجذب الانتباه الإعلامي، وإثارة، في الوقت ذاته، الأسئلة البسيطة والملغومة عن العلاقات بين الكويت وأميركا!

ذهبت تحليلات إلى تفسيرات ترجح بعضها غياب الكويت عن الساحة الدولية والإقليمية أو فتورًا في الدبلوماسية الكويتية، في حين ركز البعض الآخر على عدم وجود علاقة مباشرة للكويت بأهداف جولة الرئيس الأميركي ترامب لمنطقة الخليج العربي.

توقيت الانشغال الكويتي في تفسيرات وتكهنات واستفهامات كثيفة قد يكون ضمن سياق تصريحات وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك عن نفقات التحرير التي أثارت الجدل الإعلامي في الكويت، واحتمالات بروز أكثر من سيناريو لعروض صادمة أميركية بحجج نشر الديمقراطية أو التطبيع!

الفارق الوجيز بين تصريح وزير التجارة الأميركي لوتنيك عن تحرير الكويت، وتحمل واشنطن نفقاتها بحسب تعبير الوزير، والاشتباك الدبلوماسي والإعلامي الكويتي بلغة الأرقام عن التحرير، حفز على تحليلات متناقضة أو غير ناضجة سياسيًا خارج السياق الموضوعي والواقعي للأجندة الترامبية.

يظل الهدف الأبعد وربما الأهم بالنسبة للرئيس ترامب القضاء على بؤر التوتر العسكرية، من دون التخلي عن الحليف الإسرائيلي، بالرغم مما يُشاع عن فجوة أو فتور بين تل أبيب وواشنطن، وتركيز أميركي على أولويات أخرى!

الوثبة الأميركية تجاه الكويت قد تتأخر أو تتأجل لبعض الوقت في ضوء حصاد صفقات اقتصادية مع بعض دول مجلس التعاون الخليجي، لكن هذا لا يعني تخلي واشنطن عن ملف التطبيع بين الكويت وإسرائيل.

مراقبون دوليون رجحوا تركيز الرئيس الأميركي ترامب على ملف التطبيع بين الكويت وإسرائيل نظرًا لطبيعة الموقف الكويتي الذي ارتبط بقانون 1967 بشأن حالة الحرب مع إسرائيل، وليس هناك يقين جديد يقود إلى خلاف ذلك، فقد تكون مسألة وقت لا أكثر!

مسألة التطبيع والموافقة عليها مقابل حل الدولتين وفقًا لحدود 1967 ليست معقدة بالنسبة للدول الأخرى المؤيدة لهذا السيناريو، بالمقارنة مع وضع الكويت القانوني، وخصوصًا في ظل حل مجلس الأمة وتعليق بعض مواد الدستور منذ 10 أيار (مايو) 2024.

في كل الأحوال، يظل ملف التطبيع، بوجهة نظر الإدارة الأميركية الجديدة، هدفًا استراتيجيًا يُسمح بتأجيله مقابل حصاد اقتصادي وسياسي جديد مع الكويت، تستفيد منه إدارة الرئيس ترامب، ومن ثم محاولة فرض قوة الإقناع بأولوية التطبيع مع إسرائيل!

قد يكون من بين الخيارات الكويتية المتاحة، قبيل المفاجآت أو المساومات أو العروض الأميركية المتعلقة بالتطبيع مع إسرائيل، الشروع في الإجراءات والترتيبات الأولية الخاصة بالتعديلات الدستورية المأمولة، حتى تكون حجة الكويت السياسية في طلب التأجيل أو التريث ذات مشروعية دولية.

وقد تبدو الحجج الكويتية السابقة عن ضرورة موافقة مجلس الأمة على القوانين أكثر هشاشة في هذه الفترة بالذات، بعد حل مجلس الأمة، وقد يكون هناك أكثر من عرض أو سيناريو لدى الرئيس ترامب الذي يمارس بوضوح شراسة المعركة الإعلامية والضغوط السياسية!

الكويت بحاجة إلى إعداد أكثر من سيناريو دبلوماسي وسياسي في ضوء تقلبات جيوسياسية من ناحية العراق وإيران، وسخونة ملفات أخرى مثل خور عبدالله وحقل الدرة، قبل اشتعال نيران المعركة الإعلامية والسياسية الأميركية عن التطبيع بين الكويت وإسرائيل!

انتظار الصدمة شيء، والإعداد المبكر للمفاجآت الصاعقة أو العروض الصادمة شيء آخر، إذا ما أمعنا النظر في وجود مصالح متباينة ومتقاطعة في موازين عالم السياسة والعلاقات الدولية في هذه المرحلة، ففي السياسة لا توجد مفاجآت طريفة وأخرى غير طريفة!

فالرئيس الأميركي ترامب ليس من أصحاب التفاهم الدبلوماسي، وأظنه من أصحاب التسلط السياسي والاقتصادي، لأنه شخصية تنظر إلى حصاد إدارته وإنجازاتها غير المسبوقة خلال فترة رئاسته، وقد تكون أحد العروض المحدودة بالخيارات حجة "نشر الديمقراطية" أو التعجيل في التطبيع!

*إعلامي كويتي


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.