: آخر تحديث

بوتين يشترط اعتراف أميركا بانضمام الأقاليم الخمسة الى الاتحاد الروسي

4
3
2

مع انفتاح إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على موسكو وتطويرها قنوات التواصل المباشر، وصولاً إلى الاتصالات الهاتفية بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، التي تهدف إلى وضع حد للصراع في أوكرانيا، بعد اعتراف واشنطن بعدم جدواه بالنسبة إلى أهدافها ومصالحها، تجد موسكو نفسها اليوم تمتلك زمام المبادرة لإبرام اتفاق يتسق مع الشروط التي دأب بوتين على تأكيدها في تصريحاته، ولا سيما مع سعي أميركا إلى توسيع قنوات التعاون مع روسيا لتشمل قضايا ومصالح اقتصادية وجيوسياسية ذات أهمية.  

شروط روسيا
والحال أن الشروط الروسية تتمحور بشكل أساسي حول إبعاد تهديدات حلف شمال الأطلسي "الناتو" عن حدودها من خلال تقديم ضمانات بعدم انضمام كييف إليه مستقبلاً، بالإضافة إلى الاعتراف بانضمام إقليم لوغانسك ودونيتسك وكذلك مقاطعتي زابوروجيا وخيرسون إلى الاتحاد الروسي.  

وفي هذا الصدد، كشفت صحيفة "كوميرسانت" الروسية عن اجتماع خاص عقده الرئيس الروسي مع مجموعة من رجال الأعمال المقربين من دوائر "الكرملين"، يوم الثلاثاء 8 آذار (مارس). ونقلت الصحيفة عن مصادر كانت حاضرة في هذا الاجتماع أن بوتين يريد من ترامب اعتراف أميركا رسمياً بأن المناطق المذكورة، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم، هي جزء من روسيا، أو بمعنى آخر الاعتراف بانضمام هذه الأقاليم الخمسة إلى الاتحاد الروسي، وهو ما سينسحب بالطبع على دول العالم بشكل تدريجي.  

عملياً، تسيطر القوات المسلحة الروسية على القرم وكذلك على الغالبية العظمى من أراضي الأقاليم الأربعة الباقية، مع تسجيلها تقدماً ميدانياً يومياً في كل منها، أي أنها بحكم الساقطة عسكرياً، وهي في الأصل لم تدخل إليها إلا نتيجة معاناة الروس من أبناء وسكان تلك المناطق من سياسات كييف المصممة لإقصائهم.  

بماذا تعهد بوتين؟
في المقابل، وحسب الصحيفة نفسها، فإن بوتين سيتعهد لترامب بعدم المطالبة بمدينة أوديسا الساحلية أو أي أقاليم أو مناطق أخرى. وبذلك، يكون قد قدم حلاً عملياً يمهد لإنهاء الصراع طالما أن واشنطن جادة في مساعيها، بما يساعدها على ممارسة الضغط على كييف من جهة، وعلى حلفائها الأوروبيين للمضي في عملية السلام، خصوصاً أن زيادة الإنفاق العسكري وسياسات التسلح الأوروبية ترتكز بشكل أساسي على فرضية وجود تهديد روسي يتجاوز أوكرانيا ليشمل جيرانها وصولاً إلى البلطيق.  

بطرحه هذا، يسهم بوتين في تقويض مصداقية تلك الفرضية التي جرى ترويجها بكثافة لدى دافعي الضرائب، لتسويغ اقتطاعات هائلة من ضرائبهم من أجل إغداقها على أوكرانيا، ناهيكم عن قرار التوقف عن التزود بالغاز الروسي، الذي كان له تبعات اقتصادية كارثية، حيث أفضى إلى معاناة شعوب العديد من الدول الأوروبية من تضخم هائل، لا تزال ترزح تحت وطأته حتى اللحظة، وسط توقعات ضبابية وآفاق اقتصادية شبه مسدودة.  

تأكيد "الكرملين"
ما كشفته الصحيفة الروسية عاد وأكد عليه المتحدث باسم "الكرملين" ديمتري بيسكوف في إحاطة للصحافة ووسائل الإعلام، فحينما سئل عن الشروط المشار إليها، فضل عدم الإجابة، لكنه أكد أن بوتين ناقش مع مجموعة صغيرة من رجال الأعمال في روسيا قضية الصراع في أوكرانيا.  

من خلال هذا الموقف، تكون موسكو قد وضعت الكرة في ملعب واشنطن، خصوصاً أن تعليق بيسكوف تزامن مع الاتصال المطول بين ترامب وبوتين، الذي استمر ساعتين ونصف، حسبما أشارت وسائل الإعلام الأميركية.  

ومع أن إدارة ترامب لم تعلق على الموضوع، إلا أن مجريات الأمور تكشف عن حصول تقدم في المفاوضات وفق الإطار الذي حددته موسكو. فبعد يوم واحد من الاتصال بين بوتين وترامب، أجرى الأخير اتصالاً بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي استمر لساعة من الزمن، علق عليه بنفسه عبر منشور على منصته "تروث سوشال" قائلاً إنه أجرى "اتصالاً جيداً للغاية".  

تكمن أهمية موقف ترامب في أنه أتى عقب المشادة أو "حفلة التوبيخ" التي تعرض لها زيلينسكي في البيت الأبيض، والتي رمى الرئيس الأميركي ونائبه من خلالها إلى إخراج ضيفهما من عالم الأوهام وإعادته إلى أرض الواقع وحقائقه.  

وأضاف ترامب في منشوره: "ارتكز جزء كبير من المحادثة على المكالمة التي أجريتها بالأمس مع الرئيس بوتين لمواءمة مطالب واحتياجات كل من روسيا وأوكرانيا"، بما يعني أن الرئيس الأميركي قطع شوطاً بارزاً في إقناع كييف بالقبول بشروط بوتين، ولذلك أردف قائلاً: "نحن على الطريق الصحيح". وهذا الطريق بالطبع يمر بمطالب موسكو التي لم تنجح العقوبات والضغوطات الغربية في جعلها تتراجع عن أي منها، فكيف الحال الآن في ظل تحول الموقف الأميركي وموازين القوى التي فرضتها روسيا؟


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.