الحرب لا تُربح بالصراخ، ولا تُدار بالأساطير، ولا تنتصر فيها الخرافة مهما تضخّمت أدواتها.
الحوثي رغم كل ما يظهره من تحدٍّ ظاهري، يسير إلى الهاوية بخطى ثابتة، لكنه لا يشعر أو لا يريد أن يشعر؛ كثيرون ينخدعون بالدخان الكثيف، فيحسبونه ناراً لا تُطفأ. لكن الواقع عكس ذلك تماماً، وهذه الأسباب الثلاثة عشر ليست فقط تحذيراً إعلامياً، بل إعلاناً مبكراً لانهيار مشروع الحوثي، مهما طال الزمن وتكاثرت الأصوات التي تروّج لسطوته.
السبب الأوَّل، أنَّ الحوثي يخوض حرباً خارج العصر، لا يملك فكر الدولة ولا بنية المؤسسات، بل يركن إلى سردية طائفية دموية، لا تُنتج إلا الخراب. من يزرع الحقد الطائفي لن يحصد إلا عزلة تاريخية قاتلة، والمجتمعات التي أُجبرت على الصمت ستنتفض، عاجلاً أو آجلاً، على هذا النموذج الظلامي.
ثانياً، الحوثي يعاني من انغلاق جغرافي وسياسي. هو محاصر ليس فقط عسكرياً، بل مجتمعياً وثقافياً يحكم مناطق لا يحبّه فيها أحد، ويخضع الناس له إما خوفاً أو بالإكراه وهذه المعادلة لا يمكن أن تستمر طويلاً. الشعوب قد تصبر، لكن لا تنسى ومتى ما انهار جدار الخوف، ستتكشف هشاشة سطوته.
ثالثاً، الحوثي يواجه حربًا لا يفهم قواعدها الحديثة. الحرب اليوم تُدار بالعقول لا بالطبول. بينما العالم ينتقل إلى الذكاء الاصطناعي والطائرات بدون طيار وتكتيكات الجيل الخامس، لا يزال الحوثي يضع يده على زناد بندقية صدئة ويظن أن الصرخة تكفي لبث الرعب. هو يقاتل بتقنيات قروسطية في زمن الحروب السيبرانية، وهذا وحده كافٍ للهزيمة.
السبب الرابع، أن الحوثي عدوٌ لنفسه. أكثر ما يؤذي مشروعه ليس خصومه، بل غروره السياسي وتوحّشه الداخلي. لقد صنع عداوات حتى مع أقرب حلفائه، وأسقط فكرة التحالفات التي تُبقي الحركات على قيد الحياة. هو يحرق كل الجسور من خلفه، ويظن أن السير وحده يُوصله للنصر.
خامساً، المجتمع اليمني بطبيعته ضد النموذج الحوثي. اليمن تاريخياً بلد تعددي، يرفض الفرض، ويثور على من يُملي عليه النمط الواحد. الحوثي ارتكب خطيئة محاولة استنساخ إيران في أرض لا تشبهها، ولا تقبل بمقاييسها، فصنع تناقضاً بنيوياً سيقضي عليه.
سادساً، الاقتصاد الحوثي آيل للسقوط. لا دولة تُدار بالخُمس والنهب المنظم. لا نظام يبقى طويلاً إن كان مصدر تمويله هو السرقة وابتزاز التجار والمواطنين. الانهيار الاقتصادي ليس مسألة وقت فقط، بل هو قادم كقنبلة موقوتة من داخل صعدة ذاتها.
سابعاً، الحوثي لا يملك شرعية أخلاقية. من يقتل الأطفال ويجند الصغار ويفجر البيوت ويستخدم البشر كدروع بشرية، لا يمكن أن يصنع مستقبلاً كما أن الشعوب لا تُقاد بالحديد فقط، بل بالحق، والحوثي فقد هذا الحق منذ لحظة رفعه السلاح على مجتمع أعزل.
ثامناً، المقاومة ضد الحوثي تتوسع وتنضج. لم تعد مجرد بندقية عشوائية، بل مشروع وطني بدأ يفرز قياداته، ويوحد صفوفه، ويعيد ترتيب أوراقه. الزمن أصبح لصالح المقاومة، لا لصالح الانقلابيين.
تاسعاً، الداخل الحوثي يتآكل. القادة يتصارعون، والعناصر بدأت تفقد الحماس. الحروب الطويلة تستهلك الروح المعنوية، والحوثي لا يملك ما يُبقي عناصره مؤمنين سوى الشحن الطائفي الممل، الذي بدأ يفقد تأثيره.
العاشر، أن العالم بدأ يُدرك أن الحوثي ليس (طرف يمني) بل ذراع إقليمي خطير وبندقية مؤجرة ، وكلما انكشفت علاقاته العابرة للحدود، تزايدت الضغوط عليه، وبدأت تتغير قواعد التعامل الدولي معه. إنه يخسر أوراقه واحدة تلو الأخرى.
الحادي عشر، أن الجبهة الداخلية الحوثية تشهد تصدعات غير مرئية للإعلام، لكنها واضحة لكل من يفهم الحركات العقائدية. الصراعات بين الصعدة والهاشمية السياسية، وبين القيادات القادمة من الجبهات وتلك التي تتمترس بالمدن، ستنفجر عاجلاً أم آجلاً.
الثاني عشر، أن الحوثي يصنع من كل طفل جريح عدو دائم له. الكراهية التي يزرعها اليوم، ستتحول إلى طوفان من الانتقام المجتمعي في المستقبل. لا يمكن أن يعيش نظام على جماجم الأطفال وثأر الأرامل.
أما الثالث عشر، والأخطر، فهو أن الحوثي لا يقرأ المستقبل. يظن أنه منتصر لأنه لم يُهزم حتى الآن. لكنه يجهل أن التاريخ لا يحكم باللحظة، بل بالمآلات. كل المؤشرات تدل على أن زمن الحوثي محدود، ووجوده مجرد استراحة مؤقتة قبل عودة اليمن الحقيقي.
الزمن القادم ليس له، بل عليه. ومن يملك وهم النصر، يخسر حين يصحو.