اسطنبول: يحتدم الصراع على لقب السائقين في بطولة العالم للفورمولا واحد، حيث تفصل ست نقاط بين متصدّر الترتيب سائق ريد بول الهولندي ماكس فيرستابن ووصيفه حامل اللّقب البريطاني لويس هاميلتون (مرسيدس). فقبل 6 جولات من النهاية، من المستحيل التنبّؤ بهوية الفائز والسائق الأفضل تسلّحاً.
غابت الإثارة عن الفئة الأولى منذ الهيمنة المطلقة لمرسيدس مع بدء الحقبة الجديدة لمحرّكات الـ "هايبريد" في 2014، فيما لم تشهد حلبات البطولة العالمية صراعاً يشبه صراع الأمتار الأخيرة كما يحصل هذا العام، منذ 2016. في ذلك العام دخل هاميلتون وزميله الألماني نيكو روزبرغ في منافسة ضارية تحت سقف المنزل الواحد، مرسيدس، وانتهى بفوز الأخير بلقبه الأول والأخير قبل أن يعلن اعتزاله بعد أيام قليلة من تتويجه.
هذا العام، نجحت حظيرة ريد بول في مقارعة فريق "الأسهم الفضيّة" لدرجة أنه لم يعد لدى عشّاق السرعة القدرة على التنبّؤ بأفضلية أحدهما على أي حلبة من حلبات البطولة، خصوصاً خلال الجولات الست الأخيرة.
تتأتّى عدم قدرة قراءة المستقبل، من خلفية غياب الجولات الثلاث المقبلة (الولايات المتحدة والمكسيك والبرازيل) عن روزنامة العام الماضي بسبب تداعيات فيروس كورونا، ما يضع الفرق أمام حالة من عدم اليقين والشك في ظل غياب البيانات الجديدة التي عادة ما تعمد إلى تحليلها والعودة إليها خلال التجارب والسباق.
بالنسبة للجولات الثلاث الأخيرة، اثنتان منها جديدتان بالكامل (قطر والمملكة العربية السعودية)، أما السباق الأخير على حلبة مرسى ياس في أبوظبي فقد أُدخل عليه تعديلات جديدة من أجل توفير عنصر الإستعراض على حلبة غالباً ما تشتهر بأنها تُقدّم سباقات مُملة.
"توقفت عن محاولة التنبؤ"
قال فريق مرسيدس كلمته الأخيرة في جائزة تركيا الكبرى الأحد حين فرض سائقه الفنلندي فالتيري بوتاس نفسه أمام فيرستابن، فيما حلّ "السير" هاميلتون خامساً بعدما انطلق من المركز الحادي عشر إثر نيله عقوبة التراجع 10 مراكز لتبديله محرّك الإحتراق الداخلي في المجموعة الدافعة في سيارته.
أقرّ فيرستابن أنّ "الحظيرة الألمانية سريعة جداً"، عقب فشله في اللّحاق ببوتاس، المنطلق من الصدارة بعد عقوبة زميله بطل العالم سبع مرات وصاحب التوقيت الأسرع في التجارب الرسمية السبت.
والآن، يُطرح السؤال التالي: هل ستصل العلامة التجارية الألمانية إلى الولايات المتحدة بلباس أبرز المرشّحين للفوز في 24 تشرين الأول/أكتوبر الحالي؟
يرد مدير مرسيدس النمسوي توتو وولف على التكهنات بقوله "توقفت عن محاولة التنبّؤ في حال كان السباق تاريخياً لصالحنا أم لا، لأنه مع القوانين الجديدة تبدّل الكثير من الأشياء".
وأضاف "كنا نعلم أنّ حلبتَي مونتسا وسوتشي هما لصالحنا، ولكن الحقيقة كانت مغايرة".
في إيطاليا، انسحب فيرستابن وهاميلتون بعد حادث تصادم تاريخي أطاح بهما خارج حسابات الفوز، وفي روسيا، وبرغم صعود هاميلتون إلى أعلى عتبة منصّة التتويج، إلاّ أنّ "ماد ماكس" قلّص من أضرار انطلاقه من المركز الأخير بسبب تبديل محرّك سيارته، بحلوله ثانياً.
وضمن السياق ذاته، يؤكّد مدير فريق ريد بول البريطاني كريستيان هورنر أنّ تركيا أنهت نافذة من 3 سباقات مثالية لمرسيدس، على الرغم من أنّ الأخير لم ينجح في مضاعفة أرباحه، وأنّه الآن "نذهب إلى أوستن، حيث يجب أن نكون ضمن دائرة المنافسة، وثم إلى المكسيك والبرازيل، حيث كنّا دائماً أقوياء".
الغموض يلف سباقات قطر وجدة وأبوظبي
تميل الأرقام والإحصاءات لصالح مرسيدس المهيمن بشكل مطلق على سباق تكساس، حيث أحكم قبضته على المركز الأول في امتحان "يوم السبت" وحيث لم يهرب الفوز من بين يديه منذ عام 2014، إلاّ في عام 2018 لصالح سائق ألفا روميو الحالي الفنلندي كيمي رايكونن الذي كان يدافع حينها عن ألوان فيراري.
وتختلف المعادلة في المكسيك، حيث تميل الكفة لصالح ريد بول. فعلى ارتفاعات شاهقة تخسر المحرّكات من عزمها، ما يمنح أفضلية للسيارات النمسوية التي تتميّز بقدراتها الإنسيابية، ما يفسر فوز فيرستابن مرتين في مكسيكو سيتي عامي 2017 و2018، فيما كان بإمكانه أن يحقّق الثالث عام 2019 لو لم يحصل على عقوبة في التجارب، ما منح كأس المركز الأوّل على طبق من ذهب لهاميلتون.
في البرازيل، نجح الهولندي أيضاً في عام 2019 في تحطيم سلسلة انتصارات مرسيدس مع انطلاقه من الصدارة وثم الفوز، فيما فرض بطل العالم أربع الألماني سائق آستون مارتن الحالي سيباستيان فيتل نفسه في عام 2017 عندما كان يرتدي اللون الأحمر وعلامة "الحصان الجامح" الخاصة بفيراري.
وأخيراً في أبوظبي وخلال نسخة عام 2020، لعب أيضاً فيرستابن مرة جديدة دور "المشاغب" وأوقف انتصارات مرسيدس منذ عام 2014، ومذاك بدت الحظيرة النمسوية وهوندا التي تزودها بالمحركات في مجرة جديدة وأكّدتا تفوّقهما وفرضتا معادلة جديدة.
في امتحان التجارب الرسمية التي تعكس حقيقة السرعة على الحلبة، هيمن ريد بول وفيرستابن في ثمانية سباقات منذ بداية العام الحالي مقابل خمسة لمرسيدس، بينما تتراجع هذه الإحصاءات بنسبة كبيرة بين عامي 2014 و2020 إذ لم يتمكّن الفريق النمسوي من فرض نفسه سوى 6 مرات...
من ناحية الإنتصارات هذا العام، يتقدّم ريد بول أيضاً على مرسيدس مع 8، منها 7 لفيرستابن وفوز لزميله المكسيكي الوافد الجديد سيرخيو "تشيكو" بيريس، مقابل 6 "للأسهم الفضيّة"، تتوزّع بين 5 انتصارات لهاميلتون وفوز لبوتاس.
تعد الجوائز الكبرى التي ستقام في الشرق الأوسط بالمزيد من حالات الغموض والشك فور نهاية السباق الأميركي، حيث يتداول البعض في "بادوك" الفورمولا واحد الكلمات التالية "لا نعرف أي شيء عن قطر، أو عن جدّة (السعودية). والأمر مماثل لأبوظبي... إذاً بامكانك القول أنّ الأرجحية هي 50-50".