الرباط : استغل المدرب المغربي بادو الزاكي لحظة تتويجه، أمس، رفقة شباب بلوزداد، بكأس الجزائر، ليتوجه إلى عبد المجيد تبون، رئيس الحكومة الجزائرية بطلب، قال فيه: "السيد تبون. لست سياسياً، ولا أعرف السياسة .. لكنني أطلب منك شيئاً واحداً ... افتحوا الحدود".
ولا يفوت المدرب المغربي فرصة لقائه بالصحافة الجزائرية أو المغربية لكي يعبّر عن افتخاره بالحب الجارف والتكريم الذي لاقاه في الجزائر، من طرف الجزائريين.
ومباشرة بعد تتويج الزاكي، الذي سيغادر الجزائر برأس مرفوع بعد مساره الموفق كأول مدرب مغربي يحرز لقباً جزائرياً لقيادة اتحاد طنجة المغربي، انهالت تعليقات الجمهورين المغربي والجزائري لتهنئة الحارس والمدرب السابق للمنتخب المغربي. وقال أحد الجزائريين، متفاعلاً مع تصريح للزاكي يشكر فيه الشعب الجزائري على حفاوة الاستقبال: "المدرب بادو الزاكي ترك نظرة رائعة وجميلة في قلوب الجزائريين كمدرب بارع وذكي وكإنسان ذي أخلاق عالية ويحق لكل مغربي أن يفتخر به لأنه قدوة في العمل الناجح وقدوة في الأخلاق وتحية للإخوة المغاربة".
ويمكن القول إن الزاكي قد أعاد الاعتبار لنفسه، كمدرب متمكن، خصوصاً بعد إقالته "غير المفهومة"، على رأيه ورأي كثير من عشاقه، من تدريب المنتخب المغربي، وتعويضه بالفرنسي هيرفي رونار؛ حيث استطاع، في ظرف وجيز، انتشال شباب بلوزداد الجزائري من قاع الترتيب والحفاظ على مكانته في قسم الصفوة الجزائري، بل أكثر من ذلك التتويج بكأس الجزائر في مواجهة حامل لقب البطولة وفاق سطيف.
جدار الصد
تحتفظ الجماهير الكروية في المغرب بذكريات زاهية للزاكي رفقة المنتخب الوطني لكرة القدم، إذ ما زالت تتذكر عروضه القوية، حارسا للمرمى، رفقة الأسود في مونديال المكسيك، عام 1986، وكيف صد كرات خطيرة للمهاجمين البولونيين والإنكليز والبرتغاليين والألمان، أمثال بونياك وهودل ولنيكر ورومينيغه وليتبارسكي، ثم كيف أخرج المغاربة إلى الشوارع للاحتفال بالنتائج الكبيرة التي حققها منتخبهم في نهائيات كأس أفريقيا للأمم، عام 2004، التي احتضنتها تونس، وانهزامه بصعوبة في المباراة النهائية أمام منتخب البلد المضيف. وهي النتيجة التي أبكت، يومها، المدرب الزاكي، الذي سيقول، في وقت لاحق، إن الهزيمة أبكته لأنه كان يأمل أن يهدي بلده ثاني كأس أفريقية، في تاريخه.
نور الدين
ولد الزاكي في مدينة سيدي قاسم، وسط المغرب، سنة 1959، ويعتبر، اليوم، أحد أبرز حراس المرمى في تاريخ كرة القدم المغربية، إلى جانب الحارسين علال والهزاز. وبادو هو اسمه العائلي، أما الزاكي فاسمه الشخصي. وتوجد وراء تسميته بـ"الزاكي" حكاية فيها شيء من الفن المصري الجميل، إذ إن خاله، الذي كان معجباً بالممثل المصري زكي رستم، اشترط على شقيقته، لحضور حفل العقيقة، أن تطلق على مولودها اسم "زكي"، رغم علمه أن الأب اختار له اسم نور الدين.
لو لم يكن هناك فنان مصري اسمه "زكي رستم"، وخال عاشق للفن المصري، لكان اسم بادو الزاكي هو "نود الدين بادو ".
وداد
تلتقي تسمية الزاكي مع تسمية الوداد البيضاوي، في أن لهما المرجعية المصرية نفسها. وتقول حكاية تسمية النادي البيضاوي، حسب كتاب لأحمد الحريزي، حول تاريخ الوداد، إن مؤسسيه احتاروا في اختيار اسم للنادي الجديد، وفي أحد اجتماعاتهم حضر أحد الأعضاء متأخراً، مبرراً ذلك بأنه كان يشاهد فيلما سينمائيا للسيدة أم كلثوم، عنوانه "وداد". وحيث إن سماع اسم "وداد" تزامن مع انطلاق زغرودة من أحد البيوت المجاورة لمكان الاجتماع، فقد تفاءل بها المجتمعون، وكانت النتيجة اتفاقهم على اختيار "الوداد" اسما للنادي الرياضي البيضاوي، وكان ذلك عام 1937.
كان والد الزاكي مستخدماً في المكتب الوطني للسكك الحديدية، ولذلك ظل دائم التنقل بين عدد من المدن المغربية، آخرها مدينة سلا، حيث توفي سنة 1966، تاركا أربعة أبناء، بينهم الزاكي ذو السبع سنوات، وزوجة كان عليها أن تتكفل بأسرتها، الشيء الذي يفسر تعلق الزاكي بها، وترديده المتواصل أنها تساوي عشرة رجال.
في سن السادسة عشرة، سيبدأ الزاكي مشواره الكروي مع نادي الوداد البيضاوي، الذي لم يكن ضمه إليه سهلا، في ظل معارضة الوالدة، التي لم توافق على أن يبتعد ابنها عنها من مدينة سلا (قرب الرباط)، حيث مسكن العائلة، إلى مدينة الدار البيضاء، إلا بشرط أن يتابع دراسته، وأن يلتزم مسؤولو الوداد بإيصاله إلى بيت خاله في المدينة، عند نهاية كل حصة تدريبية.
طرائف
من الطرائف التي يحكيها الزاكي، عن بداياته الكروية مع الوداد البيضاوي، أن أول منحة حصل عليها كانت 250 درهما (30 دولارا)، سلم منها لوالدته 240 درهما ، واحتفظ بالباقي.
سيفتح التألق مع الفريق البيضاوي أمام الزاكي أبواب المنتخبات الوطنية لكرة القدم، التي سيتدرج فيها، قبل أن يصبح، منذ سنة 1979، وحتى بداية التسعينات، الحارس الأول للمنتخب المغربي.
وبعد العروض القوية التي قدمها في مونديال المكسيك، سيفوز الزاكي سنة 1986 بالكرة الذهبية المخصصة لأحسن لاعب أفريقي، كما احترف بفريق مايوركا الإسباني، الذي حقق معه نتائج كبيرة، أهمها التأهل، سنة 1990، لنهائي كأس إسبانيا، للمرة الأولى في تاريخ الفريق.
معشوق مايوركا
خلال تجربته الاحترافية في إسبانيا، مع مايوركا، سيحرز الزاكي، الذي حمل شارة العمادة، جائزة الحارس الذي تتلقى شباكه أقل عدد من الأهداف في موسمين متتالين، كما اشتهر بصده لركلات الجزاء التي كان ينفذها أشهر لاعبي الليغا، آنذاك.
ودفع تألق الزاكي، مع مايوركا، فريقي ريال مدريد وإف سي رشلونة إلى الرغبة في التعاقد معه، غير أن رئيس مايوركا ظل متشبثا به، مبرراً ذلك بحاجة فريقه إليه، وبالحب الذي كان يحظى به بين السكان والمسؤولين، إلى درجة أنهم وضعوا له تمثالا في متحف المدينة.
وبعد ست سنوات من الاحتراف مع الفريق الإسباني، سيعود الزاكي إلى المغرب، وهو في سن الـ31، مفضلا التضحية بسنوات أخرى من عمره الاحترافي في سبيل تربية أبنائه وفق الأصول المغربية.
مواهب
بعد انتهاء مساره كلاعب، اختار الزاكي عدم الابتعاد عن عالم الكرة المستديرة، فتوجه نحو التدريب.
وإلى حرفة كرة القدم، لاعباً ومدرباً، يعرف عن الزاكي ولعه بالعزف على آلة الهجهوج وممارسة رياضات الغطس والفروسية التقليدية والقنص.
صرامة
بين مساره الكروي وهواياته المتعددة، يعرف الزاكي بعقليته الاحترافية، وبصرامته وإصراره على تطبيق ما تعلمه خلال مساره كلاعب محترف، وهي الاحترافية، التي يقول البعض، إنها "لم ترق لكثير من المسؤولين في المغرب، ممن لا تزال تجري في دمائهم روح الهواية".
شاهد تتويج بلوزداد بنهائي كأس الجمهورية
شاهد
حديث المدرب المغربي بادو الزاكي بعد تتويج شباب بلوزداد بالكأس