قبل الإعلان الرسمي عن تمديد نادي أرسنال لعقد مدربه الفرنسي أرسين فينغر لغاية شهر يونيو من عام 2019 وتحسين راتبه السنوي، كانت جميع المعطيات والمؤشرات توحي بأن الطلاق بين النادي والمدرب بات وشيكاً بالنظر إلى النتائج السلبية التي سجلها الفريق هذا الموسم، بخروجه المخزي من الدور الثمن النهائي لبطولة دوري أبطال أوروبا، و فشله في التأهل لذات المسابقة في الموسم المقبل، قبل أن ينهي موسمه بطلاً لكأس الاتحاد على حساب بطل الدوري وجاره نادي تشيلسي.
وبررت تقارير عديدة أن التتويج بكأس الاتحاد الإنكليزي، قد شفع لفينغر لدى ملاك النادي، في منحه فرصة أخرى من موسمين، غير أن الواقع يؤكد عكس ذلك، فملاك ومسؤولو "المدفعجية" رفضوا الرضوخ للضغوط الجماهيرية والإعلامية التي طالبت بإقالة الفني الفرنسي، مفضلين استمراره مع الفريق لأسباب أخرى أكثر تأثيراً على مستقبل النادي من رغبات الجماهير وانتقادات الصحافة، حيث أدركوا بأن النادي هو الذي سيخسر مدربه وليس العكس فيما لو تمت إقالته.
السبب الأول:
يتمثل في ان أرسين فينغر لا يزال هو الخيار الأول للنادي لقيادة الجهاز الفني للفريق، والذي تتوفر فيه كافة المواصفات الفنية وغير الفنية التي تساعده على النجاح في مهمته أكثر من غيره .
وبعدما قضى مع النادي أكثر من 20 عاماً، وأصبح يعرف كل أسرار وخبايا الفريق، وأصبح ملماً بمشاكله وطرق معالجتها، مثلما كان الحال في مانشستر يونايتد مع السير أليكس فيرغسون الذي احتفظ به النادي حتى اعتزاله رغم مرور "الشياطين الحمر" بفترات فراغ فشل من خلالها في الصعود إلى منصات البطولات مثلما حدث في الفترة من عام 2003 وحتى عام 2007 ، إلا انه على الرغم من ذلك بقي السير الخيار الأول لملاك " اليونايتد".
السبب الثاني:
إن ملاك النادي يخشون تكرار سيناريو غريمهم نادي مانشستر يونايتد، عندما اعتزل مدربه الإسكتلندي الشهير السير أليكس فيرغسون في صيف عام 2013 ، ووجدوا أنفسهم يتخبطون في مرحلة انتقالية طال أمدها، جربت من خلالها إدارة "المانيو" حتى الآن ثلاثة مدربين، وإجراء انتدابات كلفت خزينتهم أموالاً طائلة دون أن ينجح الفريق في استعادة عافيته، مكتفيًا بالمنافسة على البطولة القارية الثانية للدوري الأوروبي، وهو ما يجعل مسؤولي النادي اللندني يدركون جيداً أن رحيل فينغر سيترك فراغًا رهيبًا في النادي يصعب سده خلال مرحلة انتقالية قصيرة .
السبب الثالث:
هو غياب إسم مرشح كبير يحمل في طيات سيرته الذاتية جميع المواصفات التي تسمح له بخلافة أرسين فينغر، ويجد في الوقت نفسه القبول والإجماع من كافة مسؤولي النادي، وقادر على التعامل بإيجابية مع الارث الذي سيتركه الفني الفرنسي، وقدرته على تقصير الفترة الانتقالية إلى موسم واحد فقط، ليستيعد الفريق بعدها دوره الريادي .
وتخلو السوق الأوروبية حالياً من الأسماء التي تليق وتروق لملاك النادي، الذين يفضل المدرب الذي يجتهد في الملعب وليس في سوق الانتقالات، مثلما هو الحال مع مدربي ناديي مانشستر يونايتد وجاره مانشستر سيتي الإنكليزيين، و برشلونة وريال مدريد الإسبانيين، الذين ينتدبون أغلى اللاعبين، حيث ان نادي أرسنال بتاريخه لا يحتمل أن يتحول إلى حقل تجارب للمدربين.
السبب الرابع:
يتمثل في حصيلة أرسين فينغر التي لم تكن سلبية مثلما تروج له وسائل الإعلام، لإقناع الجماهير اللندنية بذلك من أجل الضغط على إدارة النادي لإقالته.
وعلى الصعيد المحلي، حقق الفريق اللندني وصافة الدوري في الموسم المنصرم (2015-2016) ونال كأس الاتحاد المحلي في عامي 2015 و 2017 ، أما في بطولة دوري أبطال أوروبا فإن الفشل عمّ جميع ممثلي مسابقة "البريميرليغ" ، حيث لم يكن أرسنال استثناءً بعدما تعرضت جل الأندية الإنكليزية للإقصاء في الأدوار الأولى للمنافسة إذ كان الفشل إنكليزياً وليس أرسنالياً، كما أن فينغر نجح في تشييد فريق قوي حافظ على توهجه وقدرته على المنافسة على الألقاب المحلية والقارية أمام أندية رصدت أموالاً ضخمة،لا يمكن مقارنتها بالميزانية التي صرفتها إدارة "المدفعجية " في سوق الانتقالات.
السبب الخامس:
إدراك الإدارة اللندنية جيداً أن أرسين فينغر ليس هو المسؤول الوحيد عن إخفاق الفريق في إحراز لقب الدوري الممتاز منذ عام 2004 ، بالإضافة إلى فشله في نيل لقب دوري أبطال أوروبا، حيث تتشارك معه في هذه المسؤولية بشكل أكبر .
وكانت إدارة أرسنال قد ركزت جهودها بعد الإنجاز التاريخي في عام 2004 ، على تجديد وتحديث البنية التحتية للنادي قبل النتائج، حيث لم ترصد ميزانية ضخمة مثل تلك التي رصدتها إدارة ناديي مانشستر سيتي وتشيلسي في سوق الانتقالات، إذ إن العناصر الفنية التي يخوض بها فينغر منافسات كل موسم لا تتمتع بمواصفات تخول له تحقيق النتائج المرجوة من قبل الجماهير .
في المقابل، فإن توجه فينغر في تسريح نجوم مثل لاعب الوسط الفرنسي باتريك فييرا والمهاجم الهولندي روبن فان بيرسي ، قد أثبتت الأيام انه كان قراراً صائباً، بدليل أن هؤلاء اللاعبين الذين تخلى عنهم الفني الفرنسي، كانوا على مشارف الثلاثين وأصبحت صلاحياتهم الفنية على وشك الانتهاء، فالمهاجم الهولندي خاض موسماً واحداً تألق فيه بعد رحيله من أرسنال إلى مانشستر يونايتد في موسم (2012-2013) توج من خلاله بلقب الدوري الممتاز، وجائزة "الحذاء الذهبي" ، وبعدها انطفئ نجمه، وبالتالي فإن الاحتفاظ بهؤلاء بالنجوم كانوا سيتسببون بخسارة للنادي وخزينته، كما أن سلم الرواتب الذي وضعه ملاك النادي وإدارته يجعل الأسماء الكبيرة تنفر من الانضمام لصفوفه.