: آخر تحديث

سيناريو الأنسداد السياسي‎‎

28
27
21
مواضيع ذات صلة

فشلت النخب السياسية العراقية في تسوية الإشكالات الأساسية لشكل النظام السياسي الذي جاء بعد احتلال العراق في 2003، وحتى بعد إقرار الدستور العراقي في عام 2005. وقد استمرت هذه الإشكالات في إعادة إنتاج نفسها من خلال ممارسات مختلفة عبر ما يمكن تسميته سياسة "تدوير الأزمات".

يمر تاريخ 9 أبريل/نيسان من كل عام كأسوأ يوم في التاريخ العراقي الحديث، على إثر سقوط بغداد على يد القوات الأمريكية وحلفائها. تاريخ أصبحت ذكراه مراجعة سنوية لقياس مدى الدمار الذي حصل منذ 17 عاماً، ولا يزال مستمراً في ظل هواجس تُنبئ بأن قادم المستقبل لن يختلف عن ماضيه.

بعد 19 عاماً، وصلت البلاد إلى مرحلة حرجة من الانهيار الأمني والتدهور الاقتصادي، فضلاً عن أزمات حرجة حالية جرّاء الحرب الروسية الأوكرانية، وضعف الوزارات منها القطاع الصحي العراقي، وصعود سعر الصرف الذي يهدد بانهيار اقتصاد المجتمع العراقي والخروقات الأمنية المستمرة.

يُرجع العراقيون سبب الانهيار الحاصل في البلاد إلى فشل النخبة السياسية الحاكمة التي تواجه إشكالية في شرعيتها السياسية، وغياب هوية المشروع الوطني الذي يؤطر السلوك السياسي لجميع القوى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، سواء على مستوى العلاقة البينية لمؤسسات النظام السياسي، أو على مستوى علاقة هذا النظام بالمجتمع، لضمان قدر من الاستمرارية والتوازن في مواجهة تحديات التفكك وإعادة التشكيل وتداعياتهما.

إنّ تطوّر الأحداث واستمرار الأزمة السياسية في العراق، يثيران اليوم قضية جوهرية في بلدان الشرق الأوسط التي تمرّ بتقاطعات تتراوح بين نموذج الدولة الديمقراطية الدستورية، والنموذج الإيراني الذي يسعى لتطبيق الدولة وفق منهج ولاية الفقيه.  

ونتيجة لهذه التناقضات الحادة في اتجاهات مكونات النظام، يصطدم مسار العملية السياسية بحائط يتكون من ثلاثة مجتمعات غاضبة تضررت بشدة من هذا النظام. فالأكراد يشعرون أنهم خارج الحسابات الوطنية العراقية ومهددون بعدم دفع مخصصاتهم المالية. أما السُّنة فلا يزالون مهمشين بعد سنوات من قمع الحكومة المركزية، وأعباء الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي، بينما يشعر الشيعة بالغضب من عجز الحكومة عن توفير الخدمات الأساسية، وسطوة أحزاب السلطة على موارد البلد وتحويلها لإيران.

هذا الواقع أوجد حالة من الغضب الشعبي، الذي تحول إلى احتجاجات عارمة اجتاحت بغداد وعدداً من المحافظات العراقية وشلت العملية السياسية منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 2019، واضطر رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إلى الاستقالة من منصبه لامتصاص غضب الشارع، ليدخل العراق في فراغ دستوري حقيقي ووضع سياسي معقد وخطير، بعد أن تحولت هذه الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال، وعجز الأحزاب عن الاتفاق لاختيار رئيس حكومة لمدة خمسة أشهر، في ظل معادلة محلية وإقليمية معقدة. وكما الحال الأن وبعد اعلان نتائج الانتخابات وحقق مقتدى الصدر نصر كبير فيها وكانت أماله بتشكيل حكومية وطنية إلا انه اصطدم بالمكون الشيعي الأخر سمي بالاطار التنسيقي واطلق عليه سياسياً بالثلث المعطل وهكذا العراق عاد مرة اخرى إلى الانسداد السياسي في ضل خيبة أمل كبيرة لدى تطلعات الشعب العراقي لأنقاذ ما يمكن انقاذه وهل سوف تتفق الكتل على التوافقية ام سيبقى الحال كما عليه والاتجاه الى المجهول.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.