: آخر تحديث

الناشطين وصناع الرأي

52
45
38
مواضيع ذات صلة

مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت صناعة الرأي تختصر في كاميرا هاتف نقال، وبث مباشر لصفحات يتابعها الملايين، فحملة أو هشتاع بكلمات معدودة قد يدعو لها شخص غير معروف أو ناشط سياسي أو صحفي أو معارض بالخارج كفيلة أن تجمع مئات الألاف من الناس على كلمة واحدة، وقد تدخل الشك في نفوس رؤساء وحكام دول يمتلكون أسطولا إعلاميا وعسكريا، لكن قد تجد أتباعا لهذه الحملات لا يعرفون دلالاتها السياسية أو التاريخية أو السميولوجية، ويعد هذا أحد سلبيات الإعلام البديل. 

إن الهدف الأساسي الذي وجدت من أجله صناعة الرأي هو برمجة عقول الشعوب لغايات سياسية بحتة، لكن الأنظمة الديكتاتورية والشمولية تعتبر صناعة الرأي عكازا تستند عليه لضمان استمرارية وجودها، وجهاز تحكم تسير به شعوبها سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، ولا يختلف مبدأ ومنهجية التنظيمات السياسية والشخصيات التي تعتمد على المؤسسات الإعلامية الخاصة ووسائل التواصل الاجتماعي لايصال صوتها ولاستقطاب أنصار ومعجبيين عن الأنظمة الاستبدادية، وذلك من خلال حظر الرأي المخالف واستمالة الطبقات المسحوقة والفئات غير المثقفة والتي لا تمتلك مستوى فكريا وتعليميا يؤهلها لتحليل الرسائل والاتجاهات الفكرية.

وقد تعتبر صفحات التواصل الاجتماعي جنة للإشاعات والأخبار الكاذبة ووسيلة جديدة لصناعة القطيع، بعد أن كانت حكرا على الأنظمة الحاكمة ومؤسساتها الإعلامية، حسابات وحملات وهشتاغات، قد يتابعها ويتأثر بها الآلاف من الناس تساهم بشكل مباشر في توجيه عقولهم وأفكارهم، وقد حولت وسائل التواصل الكثير من زوارها إلى تابع مسلوب الإرادة، وإلى متلقي سلبي لا يمتلك القدرة على السؤال والبحث، ويكمن خطر صناعة الرأي العام من طرف مواقع التواصل الاجتماعي في كونها منبرا غير خاضع لمعايير أخلاقية أو أيديولوجية، ويمكن لحسابات وهمية أن تصنع أزمة من فراغ، وأن تمارس عمليات التشويه والتلميع، وخلق الأعداء والأنصار، بصفة مجانية ودون أدنى جهد فكريا أو عضليا، بعد أن كانت صناعة الرأي العام عملية علمية وإدارية، تشرف عليها مراكز بحث ومؤسسات مختصة، وتصرف عليها الدول والحكومات أموالا طائلة، أضحت في عصر مواقع التواصل عملية سهلة الأدارة والتحكم وحتى على مستوى النتائج أيضاً التي تكون مؤثرة وفعالة وذات أثر واضح على المجتمعات والدول هل سيستمر العالم بهذا النهج أم هنالك للتطور رأي آخر.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في