: آخر تحديث

الطلاق بداية أزمة أم بداية حياة...

59
54
48

الطلاق في اللغة: هو التحرر من الشيء والتحلل منه
أما إصطلاحآ.. هو إزالة عقد النكاح بلفظ مخصوص أو بكل لفظ يدل عليه، فهو حَل رباط الزواج الذي يرتبط به الزوجين عاطفيآ وروحيآ بهدف إرضائهما والوصول إلى الاستقرار النفسي لكليهما.
يكون اللجوء إليه في حالة عدم نجاح العلاقة الزوجية بين الشريكين، وهو حق يملكه الزوج من دون الزوجة لان الأمر الغالب فيه هو ضبط النفس عند الغضب وهو من يتحمل اعباءَهُ المالية، الاصل في الطلاق ممنوع وإباحته هو الاستثناء لذلك لاينبغي التوسع فيه بدليل قوله (صلى الله عليه وسلم) "أبغض الحلال عند الله الطلاق".
تعتبر شيوع حالات الطلاق سلبية في اغلب المجتمعات ومن أكثر الامور الشائكة والشائعة والتي اخذت بالزيادة بشكل كبير في مجتمعاتنا العربية لاسيما المجتمع العراقي حيث اصبحت حالات الطلاق تزداد بشكل مخيف حيث بلغ عدد الحالات كما أشار إليها مجلس القضاء الاعلى في آخر إحصائية قضائية شهرية له إلى (٦٢٥٠) حالة طلاق اي ما يقارب عشر حالات طلاق كل ساعة وهذه النسبة المرتفعة أثارت القلق حيث انها ستؤدي إلى خلق جملة من الأزمات والمشاكل التي ستؤثر وبشكل كبير على المجتمع إضافة إلى تأثيرها القوي والمباشر على الأسرة.

أسباب الطلاق...
لعل الاسباب وراء ازدياد حالات الطلاق ترجع الى امور عدة ساهمت في تفاقم حالات الطلاق منها الزواج المبكر والقسري، زواج القاصرات، ازمة كورونا، العنف ضد الزوجة.

١- الزواج المبكر والقسري: ان ما يدخل ضمن الزواج المبكر هو اعتماد بعض الاسر تزويج أبنائهم وبناتهم في سن مبكرة دون إدراك للمسؤولية التي تترتب على عاتق الأزواج وهم في هذه السن الصغيرة، فقد اشارت المفوضية العليا لحقوق الانسان في العراق الى ارتفاع ظاهرة الزواج المبكر في عدة محافظات خاصة تلك التي يغلب عليها الطابع العشائري وقالت المفوضية ان خطورة الزواج المبكر لاتكمن في تحديد سن الزواج وانما في تزويج الاطفال دون السن القانوني الذي يرتبط بضعف الاجراءات القانونية وايقاع الجزاءات والعقوبات ضد المخالفين.

٢- زواج القاصرات: يندرج زواج القاصرات من ضمن الاسباب الرئيسية في تفاقم ظاهرة الطلاق فتزويج القاصرات يمثل مصدر قلق في ظل اوضاع اقتصادية غير مستقرة الامر الذي يدفع غالبية العوائل تزويج بناتهم الصغيرات للتخلص من عبء الفقر والعوز، فيتم تزويجهن ليعيشن مع ازواج قد يكونون غير مقتدرين ماديآ وهذا بحد ذاته دافعآ لفشل تلك الزيجات بالاضافة لاسباب أخرى منعا تتعلق بالزوج كأن يكون قاصرآ او عاطلآ عن العمل او رحلآ طاعنآ في السن ولربما يكون مريضآ.
إن ارتفاع معدلات الطلاق نجده مرتبطآ اساسآ بطبيعة حياة الازواج خاصة في مشكلة عدم التكافؤ الذي يتسبب في زيادة الخلافات، فكثيرة هي حالات الانفصال بين الازواج والتي تاني بعد فترة زواج لا تتجاوز الاشهر القليلة بسبب عدم قدرة الشريكة على تحمل الامكانية المادية الضعيفة للزوج او رفضها الاستمرار بالسكن مع زوجها في منزل اهله.

٣- كورونا: أزمة كورونا كانت ولا زالت لها البصمة في زيادة معدلات الطلاق، فعندما خيمت هذه الجائحة على كل شيء أثرت وبشكل مخيف على الازواج الذين كانت حياتهم الزوجية تنعم بالاستقرار نوعآ ما فسببت هذه الجائحة تغيرآ في اوضاعهم المادية والاجتماعية والنفسية فكانت كورونا سببآ من الاسباب المؤدية الى التفريق بين الازواج.

٤- العنف ضد الزوجة: ويعتبر من الاسباب الرئيسية للطلاق وذلك بعد استعمال شتى انواع الضغوط النفسية على الزوجة والسيطرة على تصرفاتها ومبادئها والحد من حريتها وتفكيرها وإخضاعها لقيم معينة، وهذا العنف يتمثل بكل العبارات الصادرة من الزوج والتي من شأنها التأثير معنويآ وماديآ على إرادة الزوجة، فالاهانات والشتم والحرمان كلها امور تندرج ضمن اشكال العنف والتي تؤدي بالمرأة ان تكره نفسها وانوثتها وتفقد ثقتها بنفسها الامر الذي يدفعها الى طلب التفريق إن لم يكن الزوج قد استعمل حقه في الطلاق.
إن الزوج الذي يمارس العنف ضد زوجته لا يقتصر عنفه عليها فحسب بل على المجتمع ككل لهذا يجب ان يتحرر عقل الرجل من تلك المفاهيم الخاطئة ونظرته السلبية عن الزوجة بانها اقل شأنآ منه، عليه أن يدرك ان للمراة دور فعال في المجتمع لا يقل عن دوره وان يحترمها ويقدر مكانتها فالحياة الزوجية تعتبر من اهم الروابط الاجتماعية تعتمد على مجموعة من المهام والمسؤوليات المشتركة بين الزوجين والتي تساهم في تعزيز ودعم اواصر الألفة والمحبة بينهما وبين افراد الاسرة الواحدة. 

أثار الطلاق...
تترتب على الطلاق عدة أثار منها ما يقع على الاولاد ومنها يخص الأزواج:

١- خطورة الطلاق على الاولاد: وتتمثل بالمتاعب النفسية التي يتعرضون لها لأنهم سيشعرون بالتشتت بين الآباء والامهات فضلآ عن المشكلات الحياتية التي تتشكل لديهم وكثيرآ لا يستطيعون الخلاص منها حتى بعد الكبر، فتأثير الطلاق له خطر كبير على الابناء قبل الآباء حيث يولد فيهم شعور الاحساس بالخسارة وفقدان احد اساسيات الحياة مع فقدان الامان كما يولد فيهم الحقد والكراهية تجاه احد الآباء.

٢- خطورة الطلاق على الزوجين: بمجرد وقوع الطلاق تترتب عدة اثار نفسية تؤثر على الزوجين فيشعر كلا الزوجين او احدهما بالألم والخسارة والشعور بالذنب والخجل من الاخرين بل قد تتفاقم تلك المشاعر لاحساس الغضب والاستياء من نظرة المجتمع لتجربته التي انتهت بالفشل، كما ان تجربة الطلاق تؤثر على الزوجين حيث يخلق لديهم مشاكل في التواصل مع الاخرين والتفاعل معهم او قد يحصل العكس وهو رغبة الزوج بالخروج من حالته النفسية للتخلص من مشاعر الحزن والكآبة فيميل الى اقامة علاقات جديدة بشكل متهور الامر الذي يؤدي به الى الانفصال والخسارة من جديد.

وسائل الحد من الطلاق...
لتجنب حالات الطلاق والتقليل منها هناك بعض التوصيات التي يمكن للزوحين اتباعها من اجل الابقاء على العلاقة الزوجية الناضحة واهم هذه التوصيات:

١- الاحترام المتبادل ينبغي على الزوجين احترام بعضهما البعض وتقدير كل منهما لشريكه لان الاحترام احد اساسيات الزواج الناجح وسبب اساسي لاستمرار العلاقة الزوجية ونجاحها ويلحق الاحترام التسامح والمغفرة فاغلب العلاقات الزوجية تنهار بسبب عدم مقدرة الزوجين على المسامحة رغم اعتذار الشريك واعترافه بالخطأ هنا ينبغي التاكيد على ان العلاقة الزوجية تتطلب تقديم التنازلات واعطاء المزيد من الفرص من اجل الحفاظ عليها.

٢- الاهتمام وتحسين اسلوب التواصل غياب الاهتمام وانشغال الزوجين بمسؤوليات الحياة وظروف العمل والعلاقات الاجتماعية قد ينتج عنه مباعدة المسافة بينهما وشعور بعدم الاهتمام والشك في المشاعر لذلك لا بد من تعزيز اساليب التواصل والعمل على التقرب من بعضهما وتشارك الاهتمامات وحل المشاكل الزوجية والخلافات بالاتفاق على ايجاد طرق سلمية وتخطي العقبات والمصاعب التي تواجه الاسرة والتحلي بالصبر والهدوء وتجنب الاساليب العدوانية والغضب واستخدام الحوار الهادف لايجاد الحلول للمشاكل وضمان عدم تفاقمها.

٣- ادخال وسيط بين الزوجين وذلك بالاستعانة بوساطة شخص آخر لمساعدتهم على تحسين العلاقة وانقاذ زواجهما واستعادة التوازن الاسري عن طريق طلب المشورة والنصيحة من قبل احد الاقارب او اللجوء الى استشاري او باحث اجتماعي مختص بالعلاقات الزوجية لتقديم الحلول المناسبة ويفضل عزل الباحث في دائرة مستقلة عن محكمة الاحوال الشخصية ويكون مكانها هادئآ ومن خلالها يتولى المختصين في تقريب وجهات النظر بين الزوجين.

٤- التأكيد على مسألة التوجيه الاسري المعتمد في كثير من الدول كدولة الامارات العربية المتحدة إذ تعمد الحكومة الاماراتية على عمل دورة قصيرة ومكثفة لمن يعقد الزواج يكون دورها تثقيف الزوجين على الحياة الزوجية وكيفية التعامل معها والسبل الكفيلة لتجاوز منغصاتها مع بيان قدسية الزواج من الناحية الشرعية والقانونية والاجتماعية والنفسية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي