سارا القرني
في كل موسم من مواسم العطاء الوطني، تثبت وزارة الداخلية أن خدمة ضيوف الرحمن ليست مهمةً مؤقتةً تُؤدى، بل رسالة خالدة تُمارس بإيمانٍ عميق ومسؤوليةٍ سامية.
وفي مؤتمر ومعرض الحج بنسخته الخامسة الذي تنظّمه وزارة الحج والعمرة تحت شعار «من مكة إلى العالم»، تجدد وزارة الداخلية حضورها المتميز لتجسد أن الأمن والتنظيم والتقنية ليست أدوات إدارية فحسب، بل منظومة قيمٍ إنسانية تُترجم رؤية المملكة في خدمة الحاج والمعتمر.
من جدة سوبردوم، حيث تُقام فعاليات المؤتمر خلال الفترة من 9 إلى 12 نوفمبر 2025م، يتجلَّى مشهد وطني مهيب يعكس تلاحم القطاعات وتكامل الأدوار، ويُبرز كيف استطاعت المملكة أن تجمع بين التقنية والروحانية، بين الأصالة والتجديد، في إدارة أقدس بقاع الأرض وأعظم مواسمها.
تستعرض وزارة الداخلية في هذا المحفل الدولي أبرز أنظمتها الأمنية وتقنياتها الحديثة المعزَّزة بالذكاء الاصطناعي، والتي أثبتت كفاءتها في إدارة الحشود وتنظيم حركة الملايين في المشاعر المقدسة بكل دقة وأمان. كما تسلِّط الضوء على مبادرة «طريق مكة»، تلك المبادرة النوعية التي حوَّلت رحلة الحج من مشقة إلى تجربة روحانية سلسة، تبدأ من مطارات الدول وتنتهي بطمأنينة الوصول إلى بيت الله الحرام.
ولأن الوعي هو أساس الأمان، أطلقت الوزارة حملتها التوعوية «لا حج بلا تصريح» التي تهدف إلى ترسيخ ثقافة الالتزام واحترام الأنظمة، وحماية ضيوف الرحمن من الفوضى والمخاطر.
وتأتي هذه الجهود متكاملة مع مشاركة إمارة منطقة مكة المكرمة ضمن جناح الوزارة من خلال حملتها «الحج عبادة وسلوك حضاري»، التي تؤكد أن العبادة لا تنفصل عن السلوك، وأن الرقي الأخلاقي جزء لا يتجزأ من قدسية الشعيرة.
كما تبرز إمارة منطقة المدينة المنورة جهودها ومبادراتها في استقبال ضيوف الرحمن، لتكمل صورة العطاء المتناغمة بين أطهر مدينتين على وجه الأرض، حيث تتلاقى الإدارة الحديثة مع الرحمة الإنسانية.
هذا المؤتمر لا يُعد مجرد حدثٍ محلي، بل هو منصة عالمية تجمع بين الفكر والإبداع وتعرض للعالم التجربة السعودية الرائدة في إدارة الحشود، تلك التجربة التي تحولت من تحدٍ إلى قصة نجاحٍ تُروى في الجامعات والمنتديات الدولية.
إن ما تقدمه وزارة الداخلية اليوم ليس فقط إجراءات تنظيمية أو خططًا أمنية، بل هو عمل إنساني عميق يُجسد قيم المملكة ورسالتها السامية في أن تكون خادمة للحرمين الشريفين ولضيوفهما من كل أرجاء العالم.
هي تُعلّمنا أن الأمن ليس غايةً بحد ذاته، بل وسيلة لحماية الكرامة الإنسانية وتيسير العبادة بروحٍ مطمئنة.
من مكة إلى العالم..
هي رسالة وطنٍ آمنٍ عظيم، جعل من الإخلاص نهجًا، ومن التقنية وسيلة، ومن خدمة الحاج عبادةً خالدة.
وهي شهادة بأن المملكة، بقيادتها ورجالها، لا تكتفي بإدارة الحج، بل تُدير مشاعر العالم بوعيٍ وإنسانيةٍ تُبهر الجميع.

