في خبر وطني جميل ورائع، كَشفت عنه الهيئة العامة للصناعات العسكرية السعودية (GAMI) عن ارتفاع نسبة توطين الإنفاق العسكري في المملكة إلى 24.89 % بنهاية العام الماضي 2024.
يُعزى هذا النمو في نسبة توطين الإنفاق العسكري إلى زيادة الاستثمارات في القطاع وتطور قدرات الشركات المحلية لتلبية الطلب الحكومي المتزايد على الاستثمار في الصناعات العسكرية.
كما ويأتي هذا الإنجاز الوطني العظيم في مجال الصناعات العسكرية، ضمن إطار أهداف رؤية السعودية 2030 الطموحة، التي تستهدف رفع نسبة توطين الإنفاق العسكري إلى أكثر من 50 % بحلول نهاية العقد الحالي، انسجامًا مع توجه المملكة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في الصناعات العسكرية الدفاعية وتقليل الاعتماد على الاستيراد الخارجي، نظرًا لارتفاع تكاليفه من جهة، وصعوبة الحصول من بعض المصنعيين على المواصفات العسكرية والفنية والتقنية المطلوبة من جهة أخرى.
يُذكر أن هذا التقدّم اللافت في مجال الصناعات العسكرية بالمملكة قد اكتسب أهميته وزخمه من اهتمام القيادة والحكومة الرشيدة بهذا القطاع الحيوي، لِما يمثّله من ركيزة استراتيجية للأمن الوطني والتنمية الاقتصادية. وقد أولت القيادة اهتمامًا خاصًا بمضاعفة نسب الإنفاق المحلي والتوطين على الصناعات العسكرية الوطنية، انطلاقًا من رؤية السعودية 2030 التي جعلت من توطين الإنفاق العسكري أحد أهم مستهدفاتها الرئيسة، حيث تبرز أهمية هذا التحول عند المقارنة بما كان عليه الوضع قبل انطلاق الرؤية في عام 2016، حين لم تتجاوز نسبة التوطين نحو 2 % فقط، رغم أن المملكة كانت آنذاك تتبوأ المرتبة الثالثة أو الرابعة عالميًا من حيث حجم الإنفاق العسكري.
ولا شكّ أن ما أكّد عليه محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية، الدكتور أحمد العوهلي، يَعكس بوضوح أهمية ما تم تحقيقه؛ إذ تمثّل نسبة توطين الإنفاق العسكري في المملكة محطةً مفصلية في مسيرة تطوير قطاع الصناعات العسكرية، لا سيما أنها جاءت ضمن استراتيجية قطاعية ومؤسسية متكاملة وضعتها الهيئة، تُولي اهتمامًا كبيرًا ببناء قطاع صناعات عسكرية محلي مستدام يحقق منافع أمنية واستراتيجية وتنموية واقتصادية كبرى للوطن والمواطن.
وتَسعى الهيئة من خلال هذه الجهود إلى تعزيز شراكاتها مع الجهات العاملة في هذا القطاع الواعد، بما يدعم مسيرة التوطين ويُسهم في ترسيخ مكانة المملكة كمركز إقليمي متقدم للصناعات الدفاعية.
ولا شكّ أن هذا الإنجاز الوطني الكبير لم يأتِ من فراغ، بل جاء ثمرة عمل دؤوب وجهود متواصلة بذلتها الهيئة العامة للصناعات العسكرية خلال السنوات الماضية، من خلال إصدار حزمة من الممكنات التي شملت السياسات والتشريعات واللوائح والحوافز الداعمة لنمو وتطور قطاع الصناعات العسكرية.
وقد أسهمت هذه الممكنات النوعية في تمكين المستثمرين المحليين والأجانب من المشاركة الفاعلة في مسيرة توطين الصناعات العسكرية، وتعزيز حضورهم ضمن سلاسل الإمداد المحلية، بما انعكس إيجابًا على نمو الإنفاق العسكري المحلي، ودعم الاقتصاد الوطني عبر تحفيز الاستثمار، ورفع كفاءة الإنفاق، وتوسيع قاعدة المشاركة في هذا القطاع الحيوي.
وما ساهم أيضًا في تحقيق النمو المذهل في نسبة التوطين والإنفاق العسكري المحلي، عَمل الجهات الحكومية ذات العلاقة لتهيئة البيئة الاستثمارية، وأيضًا تضافرها مع القطاع الخاص وشركاء النجاح والتي أسهمت في تحقيق مستهدفات الرؤية.
كما أن تضافر الجهود الحكومية مع القطاع الخاص قد أسهم في تضاعف أعداد الشركات المحلية لتصل إلى عشرات الآلاف بعد أن كانت تُعد على أصابع اليد قبل انطلاقة الرؤية السعودية، بما في ذلك نمو أعداد المستثمرون في مجال الصناعات العسكرية والدفاعية.
كما وقد ساهمت تلك الجهود، في بناء قاعدة صناعية وطنية مستقلة قادرة على تلبية الاحتياجات والمتطلبات الدفاعية محليًا، خصوصًا في قطاع يُعد من أكثر القطاعات حساسية واستراتيجية لما يرتبط به من ابتكارات وتقنيات متقدمة، والذي يأتي ضمن مساعي المملكة إلى تمكين الصناعات الحربية الوطنية وامتلاك قدرات إن استمرار المملكة في توطين الصناعات العسكرية، بما في ذلك تعزيز الإنفاق المحلي، يجسّد ثمرة الجهود الوطنية والرؤية الثاقبة للقيادة الرشيدة، التي دعمت خططًا استراتيجية دقيقة ومسار عمل مؤسسيًا محكمًا، واستثمرت بكثافة في البنية التحتية الصناعية.
وقد حرصت الهيئة العامة للصناعات العسكرية على رفع نسبة التوطين في الإنفاق العسكري من خلال سلسلة من الإجراءات النوعية التي تضمن جودة ودقة آلية القياس، وذلك عبر تشكيل فرق عمل متخصصة تتولى تدقيق العقود، ومراجعة الميزانيات، وتحليل البيانات والأرقام، ثم مراجعتها من قبل محاسبين ومراجعين خارجيين لضمان الشفافية والدقة.
كما وأولت الهيئة اهتمامًا خاصًا بتقييم كل إجراء وتأكيد حياديته وجودته، بالتعاون الوثيق مع الجهات المستفيدة والداعمة، إضافة إلى الشركات الوطنية العاملة في قطاع الصناعات العسكرية، مما أسهم في ترسيخ الثقة بمنهجية التوطين وفاعليتها في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز الأمن الدفاعي للمملكة.
ودون أدنى شك فإن للشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI)، دوراً مهمًا في الدفع بالصناعات العسكرية قُدمًا إلى الأمام، وأيضًا للشركات العاملة بالقطاع الخاص في تنمية سلاسل الإمداد المحلية، بما يسهم في تمكين القطاع وتعزيز الكفاءات والكوادر الوطنية، وتأهيل الشبان والشابات السعوديين للعمل في قطاع يعد من أكثر القطاعات حيوية وأهمية في المملكة.

