: آخر تحديث

لكي تكون الحرب الأخيرة

2
3
3

خالد بن حمد المالك

ضمير العالم هو الآن في موقع اختبار جديد لمعرفة مصداقية إسرائيل في قبولها لخطة ترمب للسلام وكيفية التعامل معها، فإن سكت، والتزم الصمت، وترك إسرائيل بعد تحرير رهائنها تواصل حرب إبادتها للفلسطينيين في قطاع غزة فهو شريك في هذه الجريمة، ومنافق لإسرائيل، وعون لتل أبيب في حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة، وإن مارس دوره في كبح العنف الإسرائيلي، ومنع التمرد الإسرائيلي على بنود خطة ترمب، بالقوة إن لم تستجب للدبلوماسية، فهو حينئذٍ يكون قد قام بواجبه، وبما يمليه عليه الضمير الإنساني، وحماية حقوق الشعوب التي تتعرض للظلم، والقهر والقتل غير المباح أمام عدو بلا إنسانية ولا أخلاق ولا رحمة.

* *

القصة وما فيها أن إسرائيل توافق، وتتعهد ثم ما تلبث أن تنكث وعودها، وتتخلى عن التزاماتها، وينكر الخلف ما كان وافق عليه السلف، من القيادات الصهيونية التي تحكم قبضتها في السيطرة بالاحتلال على الأراضي الفلسطينية، ما يجعل دول العالم أمام مسؤولية تاريخية في عدم تكرار تنكّر إسرائيل لالتزاماتها، وما يكون قد وافقت عليه لوضع حد لحرب الإبادة، وفقاً للبنود العشرين في خطة ترمب للسلام، وبما يفضي لاحقاً إلى الأخذ بخيار الدولتين، وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، من اعتراف قرابة 150 دولة بالدولة الفلسطينية، وبينها دول أوروبية، وضمن القائمة بريطانيا وفرنسا.

* *

إن حل الصراع التاريخي المزمن بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ووقف الحرب، ونزيف دماء الفلسطينيين، ومنع تهجيرهم، وإبادتهم، وتمكينهم من إقامة دولتهم على حدود 1967م هي الطريق نحو سلام عادل، واستقرار مستدام، ليس لإسرائيل وفلسطين فقط، وإنما لدول المنطقة، وللعالم أجمع، وآن الأوان ليكون للولايات المتحدة دورها الضامن والعادل في تحقيق الأمن والسلام في منطقتنا، وإيقاف عبث إسرائيل، وأطماعها التوسعية، لا دعمها كما هي سياسة أمريكا الآن.

* *

وإن خطة ترمب هي فرصة تاريخية متى صدقت نوايا البيت الأبيض في تطبيقها وفقاً لما نصت عليه لإبعاد المنطقة من شبح الحروب والصراعات، وفرض السلام بالقوة لمن يسعى للبحث عن ثغرات في الخطة لإفشالها تحقيقاً لمصالحة، خاصة إسرائيل، التي يفوح من تصريحات رئيس وزرائها شهية الاستمرار في القتال، والتأكيد على أن إسرائيل لن تسمح بإقامة دولة فلسطينية، وأن إطلاق سراح الرهائن لدى حماس إنما يفتح الطريق لتل أبيب لتنفيذ مآربها وسياساتها وحروبها لكل مقاومة أو صوت حر في الأراضي الفلسطينية.

* *

لا نريد فقدان الأمل في نجاح خطة ترمب، رغم أن إسرائيل على لسان قادتها ترسل إشارات بعدم التزامها بها، وكل ردود أفعالها رغم موافقتها عليها سلبية، ولا تحمل أي أمل بأن إسرائيل سوف تكون متجاوبة معها، إلا ما كان بضغط من الرئيس ترمب، الذي تقع عليه مسؤولية إنجاحها، ومنع أي تصرف يُخل بأي بند من بنودها، سواء من إسرائيل أو من حماس، ودون أن يكون الاكتفاء بتطبيق الخطة بالضغط على حماس فقط.

* *

على أن نجاح الخطة مقرون بالضمانات التي تحول دون تفكير أي طرف باختراقها لصالحه، وهو ما ينبغي تطويق كل خلاف، وسوء تفسير، من خلال المناقشات والحوارات التي تجري في شرم الشيخ بين إسرائيل وحماس بشكل غير مباشر، وبمشاركة الوسطاء وأمريكا لوضع خارطة طريق للتنفيذ، بما يخدم إيقاف الحرب، وانسحاب إسرائيل من القطاع، ودخول المساعدات، وإطلاق سراح المعتقلين الإسرائيليين لدى حماس، والفلسطينيين لدى إسرائيل، ودون ضمانات فسوف تكون هناك تحديات وعقبات أمام تطبيقها، ولن تجد إسرائيل ما يمنعها من الانقلاب عليها، كما هي سياساتها في اتفاقيات سابقة مع الفلسطينيين.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد