لكن ما زال الانقطاع عن العالم يوم الجمعة، البالغ 20% من وقت الأسبوع، يمثل مشكلة، ولا أرى سبباً لاستمرار هذا الوضع، خصوصاً في غياب أي نص ديني يمنع العمل يوم الجمعة، بخلاف مطالبة المسلم بترك ما بيده من عمل وتجارة وسعي، مع رفع النداء لأداء صلاة الجمعة، وهي مسألة يمكن التعامل معها، إما بتعطيل يوم العمل مع رفع الأذان، أو بالعودة لتكملة بقية اليوم كالمعتاد، دون أن يؤثر ذلك في علاقة الإنسان المؤمن بدينه، وهذا ما يقوم به مئات ملايين المسلمين، شرقاً وغرباً.
ولو استعرضنا ما هو متبع في الدول العربية والإسلامية، لوجدنا أن مصر، الجزائر، العراق، الأردن، ليبيا، البحرين، الكويت، عُمان، قطر، السعودية، السودان، سوريا، اليمن، أفغانستان وباكستان، تعطل يومي الجمعة والسبت. أما الدول التي غيرت، أو هي بصدد تغيير عطلة نهاية الأسبوع، إلى السبت والأحد لتتماشى بشكل أفضل مع ما هو متبع في بقية دول العالم، ومنها ماليزيا والمغرب، وتونس، والإمارات ولبنان، وأندونيسيا، في أغلبية ولاياتها، فهي تتمتع بأوضاع أفضل من سابقتها في ما يتعلق بالتناغم والتوافق مع الاقتصاد التجاري والاستثماري العالمي، ومع أسواق المال، شرقاً وغرباً. وتُعدّ الإمارات العربية المتحدة والمغرب وتونس ولبنان أمثلة على هذا التحول، وهذا يمكنها من مواكبة معظم الأسواق العالمية، التي تعمل من الإثنين إلى الجمعة، وهذا حد كثيراً من التحديات التشغيلية، التي كانت تواجهها الشركات الأجنبية أو الوطنية الكبرى التي تعمل بها.
كما أن اعتماد السبت والأحد عطلتين، وجعل العمل يوم الجمعة لنصف يوم، كما هو متبع في الكثير من الدول أعلاه، يصبح مقبولاً بطريقة مرضية، لتأثيره الإيجابي في خلق فرص العمل والنمو الاقتصادي، لتوافقه مع المعايير العالمية، وإعطاء الاقتصاد قدرة تنافسية أكبر. كما يزيد من إنتاجية وتفاعل الموظفين نتيجةً لتحسين التوازن بين العمل والحياة، من خلال العمل في جدول عطلة نهاية الأسبوع نفسه مع عائلاتهم وعملائهم في الخارج، مما يُقلل من النزاعات وضغوط العمل الناتجة عن عطلة نهاية الأسبوع الحالية، ومن المعلوم أن تحول الإمارات، كمثال، لاتباع عطلتي السبت والأحد عزّز من مكانتها كمركز أعمال عالمي، مما سهّل تكاملها دولياً بشكل أفضل، وعزز الإنتاجية، وحسّن رفاهية الموظفين، على الرغم من أن التنسيق الإقليمي لا يزال يمثل تحدياً طفيفاً. ويُنظر إلى هذا التحول على أنه خطوة تقدمية تدعم طموحات دولة الإمارات الاقتصادية واحتياجات القوى العاملة.
نتمنى على مجلس الوزراء النظر في هذا الأمر، تعزيزاً لمكانتنا الدولية، ودعماً لأنشطتنا وانفتاحنا على العالم، دون تعريض معتقداتنا لأي إهمال.
أحمد الصراف