: آخر تحديث

حزب الله.. والحسابات الخاطئة

3
2
3

خالد بن حمد المالك

لم تلتزم إسرائيل بوقف إطلاق النار في لبنان، وفي المقابل لم يلتزم حزب الله اللبناني بتسليم سلاحه كما ينص على ذلك اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين، ما جعل مسيرات وصواريخ وطائرات إسرائيل تسرح وتمرح في سماء لبنان وتقتل وتُهدم دون اعتراض أو تصدٍ لها.

* *

إسرائيل تستهدف يومياً مخازن الأسلحة، والمنشآت العسكرية لحزب الله، وتتبع عناصر الحزب وتقتلهم، ولا من ردود فعل لدى حزب الله أمام الخسائر التي يتعرض لها، والانتهاكات الإسرائيلية التي تستفز بها الحزب.

* *

وبينما يرفض حزب الله تسليم سلاحه، ويصر على عدم الاستجابة لقرار الحكومة، فإن إسرائيل تجد في هذه الممانعة من الحزب مبرراً لها للاستمرار في تكبيد حزب الله هذه الخسائر الفادحة، والاستمرار في إنهاك الحزب.

* *

اللافت للنظر لا يقتصر على رفض الحزب تسليم سلاحه، ولا في استمرار إسرائيل في ضرباتها اليومية، واستهدافها لمواقع أسلحته ومنشآته وقتل عناصره، وتهديد الأمن والاستقرار في لبنان، وإنما في استسلام ميليشيا الحزب، وعدم التصدي لإسرائيل.

* *

والمشكلة الأكبر أن الحزب يقبل بهذه الضربات، ويتحمل هذا الحجم من الخسائر، على أن يُسلم سلاحه للجيش اللبناني، وبالتالي عدم قبوله بأن يتحول إلى حزب سياسي منزوع السلاح، طالما أنه لم يعد حزب مقاومة كما كان يدعي من قبل.

* *

ولنا أن نسأل: إذا كان حزب الله مُلتزماً بعدم الرد على الضربات الإسرائيلية، ومستسلماً لواقعه، العاجز عن المقاومة، فلمن يُبقي السلاح لديه، وما هو هدفه بعدم تسليمه، مع الإعلان على لسان أمينه العام بأنه سوف يستخدمه ضد الجيش إذا ما فكر في نزعه بالقوة.

* *

من الواضح أن وجود ترسانة الأسلحة لدى الحزب الهدف منها أن يظل دولة داخل الدولة، يُرهب به الجيش والأحزاب الأخرى والمواطنين والمقيمين في لبنان، بحكم التفوق في تجهيزاته وقدراته العسكرية، معترضاً على قرار الحكومة بحصر السلاح في الجيش، دون التعامل بجدية مع قول رئيس الحكومة، لا دولة واحدة إلا بجيش واحد وقانون واحد يطبق بسواسية على الجميع.

* *

ربما لا يكون امتناع حزب الله بتسليم سلاحه قراراً من داخل الحزب، بقدر ما هو إملاءات خارجية لا تخدم لبنان، ولا تساعد على استقراره، وتمنح إسرائيل صك براءة في استمرار غاراتها على لبنان، اعتماداً على أن حزب الله لم يلتزم بما تم الاتفاق عليه بأن يُسلم سلاحه للجيش، ثم لا يشكل أي تهديد للداخل والخارج.

* *

وإذا كان الحزب جاداً في المقاومة ضد إسرائيل بما تبقى لديه من سلاح، وقيادات تتولى إدارة المعركة ضد إسرائيل، فلِم هذا الاستسلام، والقبول بالأمر الواقع، وغياب ردة الفعل على الغارات الإسرائيلية الممنهجة ضد مواقع الحزب وعناصره.

* *

أغلب الظن أن احتفاظ الحزب بسلاحه الهدف منه ليس مقاومة اعتداءات إسرائيل، واحتلالها لأراضٍ لبنانية، وإنما لتهديد اللبنانيين، والاستقواء عليهم، واحتفاظه بالتفوق على غيره من الأحزاب اللبنانية الأخرى.

* *

إصرار الحكومة على تسليم السلاح، وإعلانها بأن لا خيار أمام الحزب غير استجابته لذلك، هو ما سوف يعيد لبنان إلى ما كان عليه من أمن واستقرار وازدهار، ودون ذلك سيظل لبنان في حالة من الضياع، مصنفاً على أنه دولة فاشلة، وهذا ما لا يمكن أن يرضى عنه اللبنانيون ويقبلون به.

* *

وإن أي تأخر في الاستجابة لقرار الحكومة، وما تم الاتفاق عليه مع إسرائيل، سوف يُعقد الحالة في لبنان، ويصعّد الصراع في هذا البلد الصغير، ولن يضمن للحزب بأن يحتفظ بسلاحه على المدى البعيد، كون رفض الحزب لم يعد مقبولاً لا داخلياً ولا دولياً، ولن يخدم حتى الحزب في المعادلة الجديدة لمستقبل لبنان بعدما أفرزته أحداث 7 أكتوبر من نتائج.

* *

نريد للبنان أن يتعافى سريعاً، ويتجاوز خطوط حزب الله الحمراء المدعومة خارجياً، باتجاه التصالح مع العالم، وعودته إلى عالمه العربي، بعيداً عن الحسابات الضيقة، والارتهان للخارج.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد