خالد السليمان
في خطوة نوعية تترجم الطموح الكبير لرؤية السعودية 2030، أُطلقت الهوية السياحية للمدينة المنورة، لتمثل مرحلة جديدة تهدف إلى ترسيخ مكانة المدينة كوجهة دينية وثقافية عالمية فريدة، إنها نقلة مهمة لتطوير قطاع السياحة، بما يحقق أثراً اقتصادياً واجتماعياً مستداماً، ويُثري بلا شك تجارب الزوار !
لطالما كانت المدينة المنورة محط أنظار العالم وقلباً ينبض بالإيمان والتاريخ، واليوم، يفتح إطلاق الهوية السياحية آفاقاً أوسع لإثراء تجربة ضيوف الرحمن وزوّارها، والفكرة المحورية هنا تتجاوز الزيارة الروحانية التقليدية لتشمل مجموعة واسعة ومتعمقة من التجارب الثقافية، التي تربط الزائر بالعمق التاريخي والتراثي للمدينة، وتبدأ هذه التجارب من زيارة مواقع تاريخية مثل، بئر غرس وبستان المستظل، وبستان ومتحف الصافية، التي تمت إعادة تأهيلها وتفعيلها بعناية فائقة، وهذه المواقع ليست مجرد معالم صامتة، بل هي فصول من سيرة وتاريخ، تُعمّق الوعي الثقافي للزائر وتجعله يعيش جزءاً من تلك الحقب الزمنية المجيدة، إنها فرصة للغوص في الذاكرة التاريخية للمدينة، التي هي مهد الإسلام ومنطلق الحضارة !
ولأن التجربة لا تكتمل دون سهولة الوصول والتنقل، فسيتيح إطلاق الهوية السياحية اهتماماً خاصاً لتسهيل عملية التنقل في المسار التاريخي، وهذا المسار يضم أبرز المواقع التاريخية في المدينة، وقد تم ربطه بشبكة من وسائل النقل المتنوعة والمتاحة للجميع، ويمكن للزائر أن يختار وسيلة تنقله المفضلة، سواء كان ذلك المشي على الأقدام لمن يفضلون الاستمتاع بالتفاصيل، أو الاعتماد على حافلات المدينة والباص السياحي، مما يضمن تجربة سلسة ومريحة في استكشاف هذه المواقع المباركة !
إن هذه الهوية السياحية الشاملة، بتفاصيلها وخططها الطموحة، تُعد قفزة نوعية في تعزيز العرض السياحي للمدينة المنورة، وهي رؤية مستنيرة تدرك قيمة التاريخ وضرورة الاستثمار في المستقبل، من خلال تقديم تجربة لا تقتصر على الجانب الديني وحسب، بل تتسع لتشمل الأبعاد الثقافية والحضارية، ولعل الأثر الاقتصادي والاجتماعي المستدام، الذي سينجم عن هذا التطور هو خير دليل على أننا نسير بخطى ثابتة نحو تحقيق مستهدفات رؤيتنا الطموحة !