: آخر تحديث

قبل أن تفتح باب الشقة؟

3
2
3

محمد ناصر العطوان

لماذا 47 في المئة من الزِيجات في الكويت تفشل؟

الإجابة باختصار لأننا ندخل من باب جديد وننسى أبواباً أخرى كان ينبغي دخولها قبل ذلك ولكننا أغلقناها!

تخيل معي عزيزي القارئ، شخص عمره 30 عاماً، يعمل في القطاع النفطي، تقدم للزواج، ويبحث عن شقة في ضاحية عبدالله السالم يكون بابها «smart». ولكن بداخل هذا الشخص، هناك أبواب مازالت مغلقة بأقفال تقليدية منذ كان يلعب في ساحة المدرسة!

الإحصاءات الصادمة من وزارة العدل الكويتية تفيد بأن

47 في المئة من حالات الزواج في الكويت تنتهي بالطلاق! كلنا لدينا أبواب في شخصيتنا يجب أن نفتحها لإغلاق تبعاتها والمشاكل فيها قبل أن نفتح باب شقة العمر!

تعالوا نتعرّف على هذه الأبواب وكيف أن عدم فتحها يمكن أن يؤدي للطلاق.

ملاحظة قبلية: هذا المقال ليس كلام تنمية بشرية... ولكنه «هندسة نفسية» وأرقام رسمية!

الباب الأول: باب عُقد الطفولة التي نسيتها ولكنها لم تنسَك. فحسب دراسة أجرتها جامعة الكويت، 65 في المئة من المطلقات الكويتيات يُعانين من مشاكل ثقة في الطفولة.

كذلك الرجل الذي قيل له «عيب» عندما عبّر عن مشاعره، وتم إحراجه على كل غلط في صغره، يصعب عليه أن يمدح زوجته لأنه لم يرَ هذا في بيته!

والبنت التي اهتزت ثقتها في صغرها ستكون غيورة من أم زوجها وأخته بشكل مبالغ فيه خصوصاً في مجتمع عائلي... والطفل الذي قيل له «أنت غبي» أو «أخوك أحسن منك»، أو قيل له «أنت مميز ومختلف» بشكل مبالغ فيه، وظلت هذه الأصوات في رأسه ولم تتركه كل ذلك يؤثر على زواجه. لذلك فحتى الجمعية الأميركية لعلم النفس ترى أن 80 في المئة من مشاكل الثقة في الزواج، مصدرها الطفولة.

الباب الثاني: باب عُقد المدرسة حيث مازلت تعتقد أنك طالب في ثانوية، فحسب دراسة من الهيئة العامة للتعليم التطبيقي، وضحت أن التنمر في المدارس الخاصة والحكومية يؤثر على 40 في المئة من الخريجين.

هذا الباب يؤثر على الزواج عندما يلعب أحد الأطراف دور «الضحية»، فتسمع عبارة «أنا دايماً مظلوم».

كذلك عدم إدراكك أن عدم رغبة معلمك في إشراكك في نشاط مدرسي، ليس له علاقة بعدم دعوتك على غداء عائلي بعد الزواج من «بنتهم»، لأن ذلك سيؤدي إلى نتائج وخيمة، وعدم إدراكك أن تفوقك المدرسي لا يعني أن تقول لزوجتك «إنتِ ناجحة بس درجة طبخك للمرقوق ليست كافية... خدي C+».

لذلك من المهم عدم لعب دور «الضحية» ولا لعب دور «المتفوق» الذي يتعامل مع شريكه كأنه واجب يجب تصحيحه.

الباب الثالث: باب عُقد الفشل في الوظيفة حيث مازلت تشعر أنك موظف جديد في مؤسسة البترول!

فالإحصاءات الصادمة من وزارة العدل تسجل أن 30 في المئة من حالات الطلاق مرتبطة بضغوط مالية ونفسية بسبب العمل. بنت خسرت ترقية وعايشة في حالة «أنا لست كفاءة»، أو شاب يستصغره مدير فريق العمل ويعتقد أنه لا يمتلك الكفاءة. كل هذه المواقف يجب ألا تجعلك تقع في فخ التعويض، فتحاول أن تعوض المصاعب المهنية بالسيطرة على البيت، لأن الزواج ليس شركة بترول، فيُمنع أن تقول لشريكك: «أداؤك في التربية غير مرض للنقابة».

الباب الرابع: باب عُقد أن تجد ذاتك حيث لاتزال تبحث عن نفسك في السوق الداخلي!

وأذكر أني قرأت استبيان أجرته مجلة «المجتمع» كشف أن 55 في المئة من الشباب الكويتي يشعرون بفقدان الهوية بين التراث والعولمة، ورغم أهمية هذا الباب إلا أنه غير موجود في قائمة وزارة العدل لمسببات الطلاق. فهذا يلوم شريكه على ضياع أحلامه (التي هو لا يعرفها أصلاً)، أو يلوم عائلة شريكة كونها عائلة تقليدية، أو يلومها كونهم عائلة عصرية منفتحة.

المهم أن يجد أحداً يلومه... أو بنت لا تدري ماذا تريد من الحياة، عائلة؟ شهرة؟ فلوس؟ عمليات تجميل؟ و ضاعت هويتها في أدوار «البنت - الزوجة - الأم».

عزيزي القارئ المقبل على الزواج، إن تفكيك خارطة الطلاق في الكويت يقول إن فتح الأبواب المقفلة والتعامل معها بوعي قبل الزواج هو الحل الـ«smart» وليس البحث عن باب شقة يُفتح ببصمة الصوت، وإلا فإن صوتكم أنتم هو مَنْ سيسمعه كل الجيران والمحامين!

وأولى وأهم الخطوات العملية للحل يكمن في الاعتراف بوجود هذه الأبواب المغلقة، ثم التعرّف على مسببات الطلاق، فالأسباب النفسية تشكّل 68 في المئة من حالات الطلاق وسببها جروح نفسية قديمة، والضغوط المالية 45 في المئة والتدخل العائلي 60 في المئة بسبب تدخل الأهل. أما وسائل التواصل فتشكّل 35 في المئة بسبب مشاكل ناتجة عن السوشيال ميديا وفقدان الهوية.

والسؤال الآن هو كيف نفتح الأبواب المقفلة بوعي؟ إليك عزيزي القارئ دليلك العملي:

1 - عيادات الإرشاد الأسري حيث إن وزارة الصحة الكويتية فتحت 15 عيادة مجانية للإرشاد الأسري.

2 - برامج ما قبل الزواج التي تقدمها بعض الجهات مثل الجمعيات التعاونية وتنظم دورات «إعداد للمقبلين على الزواج».

3 - الخط الساخن للاستشارات الأسرية، حيث ينبغي عليك ألا تحفظ فقط، رقم المطاعم وخبراء المعدة، ولكن أيضاً احفظ رقماً مجانياً لتلقي الاستشارات حفاظاً على بيتك.

4 - مبادرات مجتمعية حيث يمكنك البحث عن إحدى المبادرات المجتمعية التي تعزّز الاستقرار الأسري.

فالزواج الناجح ليس في فتح باب الشقة بل في القدرة على إصلاح كل الأبواب، والزواج الناجح ليس عملية «ملجة وعرس» و«دشّ ودلع» وبراندات وسفرات... بل هو «ترميم شامل» يطلب منك أن تُرمم طفولتك قبل أن تبني أسرتك وأن تتعلم من فشلك المهني حفاظاً على نجاح علاقتك وأن تعرف نفسك من أجل أن تعرف غيرك.

فيا رب، يقرأ هذا المقال جيل يفتح كل الأبواب القديمة من إجل ألا يقع باب الزواج الجديد على قلوبنا وعائلاتنا. وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر... وكل ما لا يُراد به وجه الله... يضمحل.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد