: آخر تحديث

كنيسة إنكلترا وصلاة الظهر

2
2
2

عينت كنيسة إنكلترا يوم الجمعة الماضي «سارة مولالي»، أسقفاً للندن، وبالتالي ستصبح رئيسة أساقفة كانتربري السادسة بعد المئة، والزعيمة الروحية لـ 85 مليون أنجليكاني حول العالم، وأول امرأة تقود كنيسة تعود جذورها إلى أكثر من 1400 عام، وستخلف «مولالي» الأسقف، الذي اضطر للاستقالة بعد فشله في إجراء تحقيق جاد في مزاعم تتعلق باعتداءات جنسية واسعة على صبية وشباب، من قبل رجال دين.

تبلغ «مولالي» 63 عامًا، وهي ممرضة سابقة، ومناصرة قوية لحقوق المرأة في كنيسة إنكلترا. وسترث كنيسةً شوّهتها الفضائح، ومنقسمة بشدة حول ما إذا كان ينبغي لها الاعتراف بزواج المثليين، وتكافح لملء مقاعدها في عالم يزداد علمانية. كما سيتعين عليها استعادة مصداقية الكنيسة في مجال حماية الشباب، وغيرها من القضايا، خاصة بعد رفض أساقفة في أمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا قيادتها.

* * *

يوجد حاليًا في بريطانيا ما يقارب الـ40 ألف مبنى كنسي مفتوح ومُستخدم للعبادة، وهذا يشمل الكنائس الانجليكانية، والميثودية والمشيخية، والكاثوليكية الرومانية، والمعمدانية، والخمسينية، ومئات الطوائف الأخرى، إضافة لـ 4000 كنيسة، يفوق عددها جميعا عدد المباني العامة الرئيسية كمحال السوبر ماركت ومكاتب البريد وحتى الحانات، في المملكة المتحدة.

سبق أن أقرت الكنيسة الإنكليزية (كنيسة إنكلترا) السماح للنساء بتولي المناصب الكنسية العليا تدريجيًا عبر عدة مراحل، وذلك منذ أكثر من ثلاثة عقود، وتم بعد جدال ونقاشات لاهوتية واجتماعية طالت كثيراً، خاصة مع تغير دور المرأة المتزايد في المجتمع البريطاني، وصعود الحركات الداعية للمساواة بين الجنسين، إضافة إلى الرغبة في إبقاء الكنيسة مواكبة للعصر ولـ«حيوية المجتمع المعاصر».

ما حدث في المجتمع الكنسي في بريطانيا حدث ما يماثله في الكثير من الكنائس، وحتى في الديانات الأخرى، دون استثناء، بما في ذلك الإسلام، فالجمود يعني الموت، فقد رأينا في الإسلام تطورات بالغة الأهمية على مدى قرون، لكنها كانت في مجملها قليلة وبطيئة، وأصبح الوقت بالتالي في غير صالحنا، ويطالبنا بتعديلات وتغيرات أكثر وافضل، سبق أن تطرقنا لبعضها، عبر عدة مقالات، مثل وقف الاسترقاق، أو تملك العبيد، ووقف قطع يد السارق، وتطبيق قانون الوصية الواجبة، وتكليف المحاكم البت في قضايا الطلاق والنفقة، وفرضها على الزوج، ووقف التساهل السابق مع مقترفي جرائم القتل في قضايا الخيانة الزوجية، ووقف حد الرجم للزاني المحصن، وحد الجلد للزاني غير المحصن، وحد الحرابة، واستبدال السجن أو العلاج النفسي ببعض العقوبات، وتخفيف الحدود المتعلقة بشرب الخمر، والتحول إلى أنظمة قانونية حديثة تتوافق مع مواثيق حقوق الإنسان الدولية والمعايير القضائية العالمية.

* * *

وقف أو تعطيل العمل ببعض الحدود يجب ان يشمل أمورا كثيرة أخرى نحن في أمس الحاجة لها، فدمج صلاة الظهر مع العصر، مثلا، أصبح أمرا ملحا، وسبق أن طالبنا به، لوقوعها في منتصف يوم العمل.

إن الجمود ورفض التغيير والتطور، لمصلحة الإنسان، أمر مثير للعجب، فلا يمكن أن نكون على حق، والعالم بملياراته على خطأ، خاصة أن التغيير شمل أمورا كانت المؤسسة الدينية تعارضها، وثبت بعد تغيّرها عدم تأثر إيمان المسلمين نتيجة لذلك، بل وجعلتهم أقرب لبقية البشر، وأكثر انسجاما مع إنسانيتهم.



أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد