دائماً ما يتحدث الاقتصاديون عن الشركات الكبرى والمنشآت وخطط التسويق وزيادة المبيعات، وعن مراحل إنتاج السلع بدءاً من التصنيع والتغليف والتخزين والنقل ونقطة البيع النهائية، وأخيراً الوصول للمستهلك، ورغم حديثهم عن كل مراحل الإنتاج فإنهم نادراً ما يتحدثون عن المستهلك، اليوم سيكون حديثنا عن المستهلك، وسبب الحديث أنني يوم الجمعة دخلت أحد السوبر ماركتات الشهيرة جداً في الرياض لشراء بعضٍ من مستلزمات أسرتي، وفي أثناء التسوق وجدت لديهم منتجاً معروفاً من المناديل الورقية وتفاجأت أن سعره لديهم يزيد 100 في المائة عن مثيله في المحلات الأخرى!!!!
المستهلكون ينقسمون إلى قسمَين، مستهلك واعٍ يدقق في جودة السلع التي يشتريها خصوصاً تلك التي تكون جزءاً من استهلاكه اليومي أو الأسبوعي أو الشهري، ثم يدقق في الأسعار ليشتري ذات الجودة بأقل سعر ممكن، وهناك المستهلك الذي يأخذ فقط ما يُريد من على الرف ثم يذهب إلى المحاسب ويذهب دون تدقيقٍ في السعر، وهذا هو المستهلك غير الواعي، ومثل هؤلاء المستهلكين غير الواعين هم من يخلقون تفاوتاً سعرياً عالياً بين المحلات، إذ إن الوعي الاستهلاكي يجعل المسعّرين في المحلات يجعلون هامش الفارق بين الأسعار في أضيق نطاق، لأنهم لا يريدون من المستهلك أن يعزف عن محلاتهم ويذهب إلى محلاتٍ أخرى تبيع الجودة ذاتها بسعرٍ أقل.
ثم إن المواقع الإلكترونية لم تدع مجالاً للمستهلك أن يُستغفل من قِبل البائعين، فهناك مواقع إلكترونية تخصّصت في جمع عروض التخفيضات من كل محل، ثم هناك المتاجر الإلكترونية التي تعرض السلع، وبإمكان المستهلك أن يستعرض أسعار السلع التي يريد ويقارن بينها وهو في بيته، لذلك يبقى دور المستهلك الواعي عن البحث عن أجود سلعة وبأقل سعر، وهو أمر ممكن عبر المقارنة بين متاجر البيع.
ما أستغرب منه أن المسعّرين في المحلات ما زالوا يضعون فوارق سعرية عالية رغم توافر وسائل البحث عن أقل الأسعار، ومن المعروف أن محلات التجزئة الكبرى لديها مسعرون يجوبون محلات منافسيهم، لكي يضعوا هامش ربح معقول في محلاتهم ينافس الغير ويحافظ على ولاء عملائهم، ويجلب زبائن جدداً لمحلاتهم، في ظل تنافس سعري مكشوف وميسر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فبالإضافة إلى المتاجر والمواقع المخصصة في البحث عن التخفيضات هناك أفراد يعرضون تجربتهم، سواءً الإيجابية أو السلبية عبر «السوشيال ميديا».
لم يبق عذر للمستهلك في أن يُسْتغل، فقط عليه البحث عن الجودة وبأقل سعر، سواء في مكانه عبر «السوشيال ميديا»، أو القيام بتسجيل الأسعار للمواد التي يستهلكها دائماً في أثناء زيارته لمواقع التجزئة، فكلما زاد وعي المستهلك ارتفع قلق أصحاب المحلات، وبدأوا يحسبون حساباً مهماً للمستهلك الواعي، فيجلبون مواد ذات جودة عالية وبأسعارٍ تنافسية، كونهم يعرفون مسبقاً أن المستهلك أصبح واعياً، ومن الصعب أن يُستغفل. ودمتم.