: آخر تحديث

بين بريمر وبلير

6
6
5

خالد بن حمد المالك

لا توجد لدى حماس فرص للمناورة بعد خطة ترمب للسلام، فقد أيَّدها العالم، بما فيها الدول العربية والوسيطان مصر وقطر، وحملت الخطة بنوداً تنهي الحرب، وتفك أسر بعض السجناء الفلسطينيين لدى إسرائيل، ولا يتم تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، ولا احتلال إسرائيل لها، والسماح بفتح المعابر لتدفق المساعدات للقطاع، دون تدخل من إسرائيل.

* *

صحيح أن الخطة لا تلبي كل مطالب الفلسطينيين، ولا تعطي إشارات لقيام دولة فلسطينية، ولا تسمح للفلسطينيين لفترة لم تحدد لإدارة القطاع، ومنع أي دور للسلطة الفلسطينية في الترتيبات المعدة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من احتلال لـ80 % من قطاع غزة، ولكن ما كان لإسرائيل أن تقبل بأقل مما جاء في الخطة.

* *

سيتم إعادة بناء القطاع بأفضل مما كان عليه قبل الحرب، وستكون أمريكا ضامنة بكل ما ورد في خطة الرئيس ترمب الذي سيكون رئيساً لتطبيق خطته للسلام، ومباشراً للعمل لضمان نجاحها، وفق التصور الذي ارتأته الإدارة الأمريكية، ووافقت عليه إسرائيل.

* *

وبموجب هذا الاتفاق ستكون هناك حكومة خارج سيطرة حماس والسلطة الفلسطينية، برئاسة رئيس وزراء بريطانيا الأسبق السيد توني بلير، وأهدافها غير أهداف السلطة الفلسطينية، وقد أعلن عنها بلير، أي أن قطاع غزة سيكون تحت الوصاية، وهذه إحدى مخرجات الحرب الطاحنة، إثر هزيمة حركة حماس.

* *

وما دامت هناك حكومة غير فلسطينية وهي من ستتولى حكم القطاع، بما في ذلك الإشراف على إعادة التعمير، ومتابعة مصادر تمويله، وآلية تنفيذه، وكل ما يتعلق بالأمن، وتدفق المواد الغذائية والصحية، وإنجاز ما هو مطلوب من حكومة بلير لإدارة القطاع، سواء تشكلت من سبعة أشخاص أو من عشرة.

* *

من المهم ألا يكون بلير نسخة من بول بريمر في العراق، الذي تولى إدارة العراق بعد سقوط صدام حسين، واحتلال أمريكا للعراق، حيث شرَّع أنظمة وقوانين، وخلق بها صراعات بين أطياف المجتمع، بما لا يزال العراق يعاني من آثارها السلبية إلى اليوم.

* *

هناك تخوّف من أن بلير قد لا يكون الرجل المناسب لمعالجة الأزمة في قطاع غزة، نسبة لتاريخه ومواقفه من القضية الفلسطينية، ولكن لنحسن التوقعات وننتظر، فقد لا يكون نسخة من بريمر، وقد لا يكون نسخة مكرَّرة أيضاً لماضي بلير نفسه، فرئيس وزراء بريطانيا السابق بعد عقدين من انتهاء رئاسته لبريطانيا، هو الآن في فرصة جديدة تتاح له ليعود للمشهد السياسي بقوة، ولا أعتقد أنه سوف يفوّت هذه الفرصة، وأنه يهمه أن ينجح في هذه المهمة الكبيرة.

* *

الإسرائيليون، وأعني بهم الشعب، أظهرت الاستطلاعات ترحيبهم بخطة ترمب، ولكن المتطرفين في الحكومة، اعتبروا ما تم إخلالاً بأمن إسرائيل، وتهديداً لمستقبلهم، وفشلاً في تحقيق أهداف الحرب، وهذا الموقف هو من باب المناورات لكسب المزيد من النقاط لصالح إسرائيل، لأن نتنياهو ما كان ليقبل ويوافق على الخطة دون أخذ الموافقة المسبقة من حكومته.

* *

وأمام كل هذا التطورات لإيقاف الحرب، وإن لم تلب طموحات الجانب الفلسطيني، إلا أنه ليس أمام حماس إلا القبول بما هو معروض أمامها، فهي في حالة ضعف وانكسار، وعدم قدرة على المقاومة، بعد أن فقدت الأرض والسلاح، وعليها أن تقبل بالأمر الواقع، وتستجيب لما هو متاح لإيقاف نزيف دم المدنيين الأبرياء.

* *

وأرجو ألا تُؤخذ تصريحات نتنياهو من أن إسرائيل حققت أهداف الحرب، ومن أنه لا دولة فلسطينية في المستقبل، وأن إسرائيل سيكون لها دورها في أمن القطاع، وما إلى ذلك من تصريحات استفزازية، الهدف منها جر حماس إلى عدم القبول بالخطة، لأن لإسرائيل مصلحة في استمرار الحرب، لاحتلال قطاع غزة دون تقديم ما أسماه الرئيس ترمب بالكرم الإسرائيلي في قبولها للخطة.

* *

إنها مرحلة مفصلية لوضع حد لحرب إبادة امتدت لعامين كاملين، وآن الأوان لإنهائها، بما هو مطروح، على ما فيه من ثغرات لصالح إسرائيل، في مقابل وجود الكثير من الإيجابيات لصالح الفلسطينيين، ومن المهم عدم إعطاء إسرائيل أو حماس الفرصة لإفشال الخطة، والتأكد من أن إسرائيل سوف تلتزم بما وافقت عليه.

* *

وهذا الاتفاق لا يسقط حق الفلسطينيين بدولة على أراضيهم في حدود عام 1967م ضمن خيار الدولتين، معتمدين على اعتراف 157 دولة بالدولة الفلسطينية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد