أكثر المستبشرين اليوم بالقرارات المتعلقة بتثبيت الإيجارات وعدم رفعها لمدة خمس سنوات هم أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة الذين كانوا من أكثر الفئات معاناة في الإيجارات، لأنهم دفعوا مبالغ طائلة على مشاريعهم ثم فوجئوا باستمرار رفع الإيجارات بطريقة غير ممنهجة مما أدى إلى خسارة بعضهم.. هذا القرار سيعيد الثقة لقطاع حيوي يشكل عصب الاقتصاد، فالمشاريع الصغيرة والمتوسطة تمثل النسبة الأكبر من المنشآت العاملة وتوفر آلاف الوظائف وتفتح مسارات استثمارية متنوعة للشباب ورواد الأعمال.
خلال السنوات الماضية شكّل ملف الإيجارات أحد أبرز التحديات أمام المستثمرين الجدد وأصحاب المحلات والمكاتب، حيث كانت الزيادات المتكررة تعطل خطط التوسع وتثقل كاهل الميزانيات.. اليوم بوجود سقف زمني ثابت لخمسة أعوام يمكن لأصحاب المشاريع وضع خطط مالية دقيقة، وحساب التكاليف المستقبلية بثبات، وهذا سيعزز فرص الاستدامة ويرفع من معدلات نجاح المشاريع.. ويتيح أيضاً للراغبين مستقبلاً البدء في أعمالهم الخاصة دون تردد، خصوصاً أن موضوع الزيادات غير المبررة على أصحاب الأعمال كان هاجساً كبيراً ومنطقة غير مفهومة وليس لها سياق واضح، وعلى وجه التحديد لأصحاب العقود المحددة بسنة واحدة بقصد استكشاف السوق أو معرفة مستقبل النشاط.. وبمجرد نجاح النشاط يأتي الإيجار ليحصد كل الأرباح وينهي التوقعات الإيجابية.. لذلك القرارات الأخيرة تتكامل مع التوجهات الاقتصادية التي تستهدف دعم بيئة الأعمال في المملكة وتحفيزها، حيث توفر الدولة -حفظها الله- حوافز تمويلية وتسهيلات تنظيمية لتعزيز قدرتهم على الدخول إلى السوق بثقة أكبر وبناء خطط طويلة المدى.
لذلك اليوم تثبيت الإيجارات داعم كبير ومؤثر لمناخ الاستثمار وللشباب على وجه الخصوص.. وأصحاب المشاريع سيجدون في هذه الخطوة حماية لرؤوس أموالهم، وقدرة على إعادة استثمار الفوائض المالية في تطوير خدماتهم وتوسعة أنشطتهم بدلاً من استنزافها في ارتفاعات غير متوقعة.
في المقابل الأثر الاجتماعي لا يقل أهمية عن أثره الاقتصادي، فأصحاب المشاريع الصغيرة الذين تحملوا عناء البدء في أعمالهم الخاصة يجدون مساحة من الطمأنينة تساعدهم على الاستقرار، ويصبح بمقدورهم التركيز على تطوير مشاريعهم وتوسيع أنشطتهم دون قلق الزيادة المفاجئة.. وهذا يمكنهم من النمو والمنافسة، لأن استقرار التكاليف التشغيلية شرط أساسي لضمان استمرار المشاريع.
نستطيع اليوم أن نقول إن الثقة في المشاريع الصغيرة عادت، وأصبح أمام أصحابها فرصة لتأكيد حضورهم في السوق بقدرة أكبر على التوسع والاستدامة، ومضاعفة جهودهم واستثمار مواردهم بثقة ليكونوا جزءاً أساسياً في مسار التنمية التي تشهدها المملكة.