: آخر تحديث

الحرب الكُبرى بين المهندسين الاجتماعيين

1
1
1

رغم كل ما قِيل، وسيُقال، عن الواقعة الكُبرى على البشر، عنيتُ توجيه الناس والتلاعب بهم بأدوات السوشيال ميديا، وتصميمات «الخوارزميات» التي تسوق الإنسان سوقاً إلى ما تريد... رغم كل ذلك، فإن الوعي بهذا الخطر، والتصرّف الصحيح معه، ما زال غضّاً طريّاً ساذجاً.

قبل أيام أنجزت الولايات المتحدة الصفقة المنتظرة مع الصين بخصوص تطبيق «تيك توك» في أميركا، و«تفصيل» نسخة خاصّة من «تيك توك» أميركي، وفرض السيادة الأميركية على بيانات الأميركيين على هذه المنصّة.

في هذا السياق - ثم سأعود إلى أصل الحديث - أظهرت إحصاءات كشفها مجلس الأمن السيبراني في الإمارات أن نحو 98 في المائة من الهجمات الإلكترونية التي تطول مستخدمي الإنترنت تعتمد على أسلوب «الهندسة الاجتماعية» لاختراق الأفراد، والمؤسسات أيضاً، عبر استغلال الثقة والعواطف والقرارات اللحظية للضحايا بدلاً من مهاجمة الأنظمة مباشرة.

مجلس الأمن السيبراني حذّر، كما جاء في وكالة أنباء الإمارات «من أن المحتالين قد يلجأون إلى رسائل تبدو ودودة أو متعاطفة، حتى حزينة أحياناً، لدفع الضحية إلى الردّ دون تفكير، لافتاً إلى أهمية تعزيز الثقافة الرقمية في المجتمع، واليقظة المستمرة تجاه أي محاولة غير مألوفة تطلب معلومات حسّاسة».

والخلاصة أن الخطر ليس محصوراً بمصدرٍ سيبراني، على غرار البرمجيات الخبيثة أو الثغرات التقنية، بل وصل إلى مستوى أكثر تعقيداً، يلامس العنصر البشري مباشرة، إذ يلجأ المحتالون إلى ما يُعرف بـ«الهندسة الاجتماعية» كأداة رئيسية لاختراق الأفراد والمؤسسات، على حد سواء.

حسناً... إذا كان المالُ «عديل الروح» كما يُقال. ومع ذلك، فإن مال الإنسان عرضة للنهب، بطريقة احتيالية رقمية، عبر حالات إقناع وإيهام وتطويع، يقوم به دهاة برمجة نفسية في غابات الإنترنت، كما جاء في هذا الخبر، فإن «الروح» نفسها عُرضة للسرقة كما جرى لعديلها... المال!

هناك تعاريف مختلفة لمصطلح «الهندسة الاجتماعية»، خاصّة في المعنى البرمجي الرقمي، لكن يعنينا منه، كيفية عمل الدول ومخابراتها «الرقمية» على «هندسة» قضية ما... توجّه معيّن... مع أو ضد، وكيف أن الإنسان الذي ينقر على شاشة موبايله، أو يمرّر الصفحات بأصبعه لفوق أو أسفل، هو في الحقيقة «أداة» و«حالة تطبيقية» لما صمّمهُ المهندسون الاجتماعيون.

من أصغر لأكبر قضية، من الحروب للدين للثقافة للرياضة للصحّة، كل ذلك يُساق لك حسب تصميم المهندس الخفي، والمعركة العالمية الكُبرى هي بين أعظم المهندسين الاجتماعيين في العالم اليوم.. أميركا والصين، ومن هو هنا أو هناك، من بقيّة العالم.. وقى الله نفوسنا وصان عقولنا.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد