في موقف يتناقض تماماً مع التركيبة الشخصية للمخرجة إيناس الدغيدي، قررت العدول عن إقامة حفل ضخم احتفالاً بزواجها برجل أعمال مصري، وكانت قد أعلنت أنهما قد عقدا قرانهما مؤخراً، وفي انتظار موعد الفرح. كان من المنتظر -كالعادة- أن يحضر الحفل -بالطبع- كثير من النجوم والنجمات، ليصبح هو «الترند»؛ لكن إيناس اكتفت هذه المرة بـ«ترند» خبر الإلغاء، وستقيم فرحاً محدوداً للأصدقاء المقربين من الطرفين فقط، ولن تعلن مسبقاً عن مكانه.
تعرَّضت إيناس للتنمر بسبب قرارها الزواج بعد أن تجاوزت السبعين. لم تُنكر أبداً من قَبل سنَّها، فكثيراً ما ذكرت ذلك في البرامج كلها التي تحل عليها ضيفة؛ خصوصاً أن تاريخها الزمني معروف ومتداول من خلال الأفلام التي أخرجتها.
تشير الموسوعة إلى أن إيناس الدغيدي هي أول مخرجة في السينما المصرية. وتلك معلومة خاطئة تماماً رغم كثرة تداولها، فهناك مخرِجات كثيرات قد سبقنها منذ نهاية عشرينيات القرن الماضي، أمثال: عزيزة أمير، وبهيجة حافظ، وفاطمة رشدي، وأمينة محمد، وكذلك الممثلة القديرة ماجدة الصباحي؛ حيث أخرجت فيلماً في منتصف الستينيات.
في تلك المنظومة بين المخرجات، تحتل إيناس لقب الأكثر جرأة، فهي دائماً تثير الجدل، بداية من أول أفلامها «عفواً أيها القانون» الذي كان يناقش تعسف القانون وانحيازه للرجل، و«لحم رخيص» الذي تناول زواج القاصرات، و«مذكرات مراهقة» الذي بدأ رصد المرحلة العمرية الحرجة التي تعيشها البنات في تلك السنوات.
قبل نحو 15 عاماً توقفت إيناس عن الإخراج، وباتت غير قادرة على قراءة شيفرة جمهور الألفية الثالثة، وبينهم بالطبع جيل «زد» الذي يشكل النسبة الكبرى من جمهور السينما حالياً.
توجهت إيناس لتقديم البرامج التلفزيونية، وحققت نجاحاً لافتاً، ثم توقفت، وصارت ضيفة شبه دائمة على كثير من البرامج الجريئة.
الغريب في قرار إيناس الأخير، أنها -على غير العادة- لم تواجه «السوشيال ميديا»، وقررت إقامة فرح الشهر القادم دون إعلان، حتى تبتعد عن كاميرات الصحافيين، وعن المتطفلين أيضاً الذين صاروا ينتشرون في أي تجمع، ويحيلون -كالعادة- الحبة إلى قبة. وهكذا تتعدد التخمينات والكتابات والقراءات المتعجلة التي لا تحمل ولا حتى جانباً واهياً من الحقيقة.
إيناس تعودت على المعارك، وإفحام كل من يقترب منها. هذه المرة كان الاتهام الجاهز أنها تجاوزت السبعين، فكيف تتزوج؟! رغم أنه حق مطلق لها. الاتهام الثاني أن زوجها أصغر منها، ولكن ملاحظة الصور التي نُشرت للعروسين لا تشير أبداً إلى فارق زمني ملحوظ بين الزوجين يستحق التوقف عنده. «السوشيال ميديا» تعبِّر دائماً عن رأي متطرف، وكثيراً ما يلجأ روادها إلى استخدام كلمات منفلتة، وتكتشف أنه كلما كان الكاتب متجاوزاً في تعليقاته، وجد له جمهوراً يصفق له من خلال «لايكات» الإعجاب.
مع الأسف، كثير من القرارات التي اتُّخذت مؤخراً لعبت الوسائط الاجتماعية الدور الرئيس في اتخاذها. فإذا قرأت -مثلاً- احتجاجاً على مطربة أو ممثل أذاع رأياً، تكتشف أن هناك جيوشاً إلكترونية تبنَّت حالة الاستنفار بالرأي الذي يُشار إليه -عادة- بأنه يعبِّر عن «الرأي العام»، بينما في الحقيقة يكون «الرأي العام» آخر من يعلم. إيناس الدغيدي -بإعلانها زواجها- تشير عملياً إلى أن السن مجرد رقم في جواز السفر، وأن من حق الإنسان أن يعيش حياته في أي مرحلة عمرية.
ورغم قرارها الأخير إلغاء الفرح، فإنها ستظل هدفاً لـ«السوشيال ميديا»، وسوف يحاولون أن يفرضوا عليها الدخول في معارك، ولكنها -كما يبدو- ستكتفي بخوض المعركة التي تستحق فقط، في التوقيت الذي تختاره!